دور معقد للصين في سوريا ودول اخرى
وكالة رويترز للأنباء:
بعد أن رضخت الصين للضغوط الغربية بشأن ليبيا العام الماضي عرقلت بكين استصدار قرار من مجلس الامن التابع للامم المتحدة يدعو الرئيس السوري بشار الاسد للتنحي مما يكشف عن الصعوبات التي تواجهها في تحديد متى تجاري المطالب التي تنهال عليها ومتى ترفضها.
وستقع الصين تحت ضغوط جديدة لتقديم تنازلات الاسبوع القادم حين يزور نائب الرئيس شي جين بينغ واشنطن وسط دعوات الى مجاراة القوى الغربية التي تريد أن يتخلى الاسد عن الحكم.
ويقول محللون انه بمرور الوقت سيسعى صانعو السياسات في بكين جاهدين الى الموازنة بين تأكيد وجهات نظرهم على الساحة الدولية ومجاراة الاخرين خاصة الولايات المتحدة التي تريد الصين عموما تفادي اثارة غضبها.
وقال كيري براون وهو دبلوماسي بريطاني سابق يدير الان برنامج اسيا في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية المعنية بالسياسة الخارجية في لندن “على مدى السنوات العشر الماضية كانوا يصارعون مع قضية دور الصين في العالم ويحاولون البحث عن سبل للتعبير عنه من قبيل سياسة الصعود السلمي الى اخر هذا. لكنني أعتقد أن المطالب الان متعاظمة ومتلاحقة.”
وقال براون “أصبحوا فجأة لاعبين على الساحة الدولية خلال فترة زمنية قصيرة الى حد كبير وربما بدون هيكل سياسي متطور.”
وأضاف “لدينا سيناريو ينطوي على مواجهة مشاكل كبيرة. لا أعتقد أنهم مستعدون له حقا. فجأة أصبحوا قوة عالمية ويجب أن يتمتعوا بعقلية عالمية.”
وظهرت الاحتياجات المتعارضة التي تؤرق السياسة الخارجية لبكين هذا الاسبوع بعد أن استخدمت الصين وروسيا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار حول سوريا في مجلس الامن.
والصين واحدة من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن والتي تتمتع جميعها بحق الفيتو.
واعتبرت وسائل الاعلام الصينية الرسمية أن الفيتو توبيخ للغرب وهي فكرة تحظى بشعبية في صفوف الوطنيين من الجماهير. على صعيد اخر قال دبلوماسي صيني كبير ان حكومته مستعدة للوصول الى حل وسط.
وقالت وكالة الصين الجديدة للانباء (شينخوا) في تعليق يوم الجمعة “لا يخفى على أحد أن الغرب يعتبر الحكومة السورية بقيادة الاسد شوكة في جنبه.
وأضافت “اذا نجح الغرب في مسعاه لتغيير النظام في سوريا فان هذا قد يزيد عزلة ايران وحزب الله (اللبناني) ويمكن القول ان هذا أقوى دافع للغرب في المسألة السورية.”
وتستورد الصين جانبا كبيرا من احتياجاتها النفطية من ايران التي تواجه تشديدا للعقوبات الدولية بهدف كبح طموحاتها النووية التي تقول القوى الغربية انها تهدف الى تطوير الوسائل اللازمة لتصنيع أسلحة نووية.
وتنفي ايران اعتزامها امتلاك أسلحة من هذا النوع. وحثت الصين مرارا على الحوار وعبرت عن قلقها من أن تفكر القوى الغربية او اسرائيل في القيام بعمل عسكري ضد ايران.
لكن نائب وزير الخارجية الصيني كوي تيان كاي تحدث بلهجة تصالحية فيما يتعلق بالدبلوماسية السورية كما استقبلت الوزارة ممثلين عن جماعة سورية معارضة.
وقال كوي للصحفيين يوم الخميس “الصين حذرة جدا في ممارسة حقها في الفيتو وهذا موقف مسؤول.”
وأضاف ردا على سؤال عن سوريا وزيارة نائب الرئيس شي للولايات المتحدة “أعتقد أن مساحة التعاون في هذه القضية لاتزال قائمة بين الصين والولايات المتحدة وبين أعضاء مجلس الامن.”
وبعرقلة صدور قرار حول سوريا أظهرت الصين أنها مازالت مؤمنة بمبدأ عدم التدخل في شؤون الدول المضطربة على الرغم من تحذير الحكومات الغربية من أن انقسام مجلس الامن قد يؤدي الى اراقة المزيد من الدماء في سوريا.
وفي مارس اذار امتنعت الصين وروسيا عن التصويت على مشروع قرار في مجلس الامن الدولي الذي فوض حلف شمال الاطلسي بشن حملة قصف جوي على ليبيا حيث كان الزعيم الراحل معمر القذافي يقاتل المعارضة المسلحة التي أسقطته في نهاية المطاف.
لكن الصين تساورها مخاوف عميقة بشأن التدخل العسكري الغربي. ويقول محللون ان بكين ندمت على امتناعها عن التصويت على قرار مجلس الامن بشأن حكومة القذافي والذي أدى الى توسيع الحلف نطاق تدخله مما ساعد في الاطاحة بالزعيم الليبي.
وقالت صحيفة الشعب وهي صحيفة الحزب الشيوعي في تعليق عن سوريا هذا الاسبوع ان الصين “بحاجة الى اعتياد تسليط الاضواء عليها حديثا” وان العالم ايضا “بحاجة الى التكيف مع دور الصين الجديد.”
وتقول يون سون خبيرة السياسة الخارجية الصينية في واشنطن ان بكين استخدمت حق الفيتو في الامم المتحدة باعتدال فلجأت اليه ثماني مرات منذ عام 1971 . وأضافت أن روسيا تضاهيها في استخدام هذا الحق اذ تتفق رؤيتها مع الصين في أحيان كثيرة على صعيد رفض مطالبات الغرب بالتدخل.
ويقول محللون غربيون ان الصين تواجه ضغوطا من الرأي العام الوطني في الداخل للوقوف بحزم في وجه المطالب الغربية بالتعاون وتقديم تنازلات.
وقال شي يين هونغ استاذ العلاقات الدولية بجامعة رينمين ان التصويت لصالح مشروع قرار سوريا كان سيعطي انطباعا بأن “الصين لا تختلف عن اي من الدول الكبرى الاخرى.”
وقال نائب وزير الخارجية كوي “بالطبع ستستخدم الصين الفيتو.. حين يكون ضروريا وحين يكون على الصين الكشف عن أوراقها فانها ستكشفها.