الصين تسعى جاهدة لإطعام السكان بإستخدام الابداعات العلمية والتكنولوجية
صحيفة الشعب الصينية:
نجحت الصين في إطعام نحو خمس سكان العالم باستخدام اقل من 9% من الأراضي الزراعية الاجمالية العالمية ، ويعتبر ذلك من اهم الانجازات الكبرى المعترف بها عالميا بشكل شامل .
ويرى خبراء محليون في الحكومة الصينية ومراكز البحوث ان تنمية ابداع التكنولوجيا الزراعية هي طريق أساسي لضمان الامن الغذائي للصين بصفتها اكبر الدول من حيث عدد السكان في العالم.
واصدرت السلطات الصينية المركزية يوم اول فبراير الجاري اول ملف لسياساتها في العام 2012, والذي يؤكد على الدور الحيوي الذي تلعبه العلوم والتقنية في المجال الزراعي ، واوضح انهما ” طريق أساسي ” لضمان التنمية الزراعية المستدامة والامدادات الوافرة طويلة الامد للمنتجات الزراعية.
” من المرتقب ان تصدر سلسلة من السياسات بعد هذا الملف, الامر الذي سيؤدي الى ازدهار تنمية التكنولوجيا الزراعية “، على ما ذكره دانغ قوه ينغ ، مدير قسم البحوث الكلية لمركز بحوث التنمية الريفية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الجتماعية.
ويعتبر كل من صدور الملف وأحاديث كبار المسؤولين والمؤتمر المركزي للاعمال الريفية المنعقد مؤخرا ، مؤشرات لاهتمام الحكومة الصينية البالغ بالأمن الغذائي وتنمية التكنولوجيا الزراعية.
” إن المحافظة على التوازن بين الطلب والعرض للمنتجات الزراعية تعد مهمة قاسية مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل مختلفة “، حسبما قال ون جيا باو رئيس مجلس الدولة, مجلس الوزراء ، في مقالة منشورة في الشهر الفائت.
يحتاج عامة الناس الى المزيد من المنتجات الزراعية والمزيد من الأمن بسبب عدد السكان المرتفع ودرجة المدننة المتزايدة ومستوى المعيشة المتحسنة علاوة على استهلاك المنتجات الزراعية للغايات الصناعية , على ما ذكره ون.
هذا وقد أدى عدد من العوامل السلبية الى عرقلة التنمية الزراعية وعلى سبيل المثال النقص في الأراضي والموارد المائية, وتكاليف المنتجات المتزايدة, وانخفاض الأيدي العاملة ، فضلا عن التلوث البيئي والتدهور الايكولوجي .
من جهة أخرى, يحدث كل من الناتج الزراعي العالمي واسعار البترول والمضاربة في رؤوس الاموال الاستثمارية الى جانب تذبذبات سعر الفائدة للعملة ، تأثيرات كبيرة على اسواق المنتجات الزراعية الصينية.
” لقد دخل القطاع الزراعي مرحلة جديدة تتسم بأن العلوم والتكنولوجيا قد اصبحت عوامل اكثر أهمية في اختراق تقييدات الموارد والبيئة من اجل تحقيق التنمية المستقرة والمستمرة” حسبما قال ون.
وأفاد ملف السياسات أن أمان الامدادات الفعالة للمنتجات الزراعية يعد مهما للغاية للتنمية الوطنية الاستراتيجية الكلية وسط الاوضاع الاقتصادية العالمية المعقدة, والتأثيرات المتعمقة للتغيرات المناخية العالمية, والنقص الحاد في الأراضي الصالحة للزراعة والمياه في داخل البلاد .
— الانجازات الزراعية ..
هذا وقد لعبت العلوم والتكنولوجيا دورا مهما في دفع الانتاج الزراعي المحلي بدليل ان حجم انتاج الحبوب الغذائية بلغ 571.2 مليار كيلوغرام عام 2011 بزيادة حوالى 140.5 مليار كيلوغرام مقارنة مع عام 2003 ، حتى أن انتاج الحبوب الغذائية حقق زيادة لثماني سنوات متتالية .
يذكر انه في مقاطعة سيتشوان الواقعة بجنوب غربي الصين, تقوم مجموعة من الخبراء الزراعيين بتجربة نوع جديد من القمح يسمى ” تشون ماى 42″ . وقال الدكتور تانغ يونغ لو, الباحث في اكاديمة سيتشوان للعلوم الزراعية ومدير الفريق, ان الفريق قد حقق انتاجا متوسطا بلغ 500 كيلوغرام لكل مو ( المو الواحد يساوي حوالى 666.7 متر مربع) بعد تطوير هذا النوع الجديد في العام الماضي, علما بأن انتاج القمح وصل الى 300 كيلوغرام لكل مو في سيتشوان قبل تطوير هذا النوع الجديد من القمح .
وكان يوان لونغ بينغ ، المعروف بـ”أبو الأرز الهجين” يعمل على تطوير الأرز الهجين منذ ستينات القرن الماضي في اطار الجهود الرامية الى مقاومة الجوع . وشهد المزارعون الصينيون انتاج الارز الذي كان لا يمكن تصوره في الماضي بعد تحولهم الى الأرز الهجين ليوان.
هذا وقد حقق فريق يوان الهدف المتمثل في انتاج 900 كيلوغرام من الارز لكل مو في عام 2011, مسجلا رقما قياسيا عالميا في التاريخ, علما بأنه قد تمت زراعته في الهند وفيتنام علاوة على الولايات المتحدة على مساحة ثلاثة ملايين هكتار. وقال يوان ان الـ75 مليون هكتار ستكفي لاطعام 400-500 مليون شخص.
— التحديات ..
وعلى الرغم من تحقيق هذه الانجازات المثمرة ، الا ان العلوم والتكنولوجيا الزراعية الصينية مازالت تقبع عند “مستوى منخفض بشكل عام” ، حسبما قال قوه شياو مينغ ، الخبير الاقتصادي الزراعي في اكاديمية سيتشوان للعلوم الاجتماعية.
لقد اصبحت الزراعة اكثر لجوءا الى العلوم والتكنولوجيا في العقود القلائل الفائتة, لكن الصين لم تستثمر بشكل كافي في هذا المجال ، على ما ذكر قوه الذي اضاف ان النقص في المصالح المشتركة يعرقل تطبيق التقنية الجديدة.
يذكر ان اكثر من 50% من السلالات الممتازة من الدجاج والبقر الحلوب واكثر من 90% من بذور الخضروات والازهار المحسنة يتم اللجوء الى استيرادها من الدول الاجنبية.
وفي الوقت نفسه, تجاوز عدد سكان الحضر في الصين عددهم في المناطق الريفية لاول مرة بنهاية عام 2011 ، ويعني ذلك ان هناك عدد اقل من العمال في المناطق الريفية للتوظيف بالنسبة الى الشركات الزراعية. وقد عبرت وزارة الزراعة عن قلقها بوجود الايدي العاملة الزراعية غير الكافية للمحافظة على الانتاج الزراعي في المستقبل.
ومن اجل مواجهة هذه التحديات اوضح ملف السياسة ان الحكومة ستواصل توسيع ميزانيتها المالية الزراعية في العام 2012 وتوجيه المزيد من استثمارات الأصول الثابتة الوطنية الى هذا القطاع , مؤكدا على ضرورة أن تلعب الحكومة دورا رائدا في استثمارات العلوم الزراعية بهدف ضمان تحقيق هذه الاستثمارات زيادة كبيرة ” بشكل ملحوظ ” مقارنة مع الايرادات المالية.
وبحسب هذا الملف فان الاستثمارات الحكومية ستحفز تنمية كل من التكنولوجيا الزراعية والبحوث الاساسية التي ترتكز على أمن المنتجات الزراعية , واستخدام الأراضي الزراعية بشكل فعال علاوة على اعادة البناء الايكولوجي ، وفقا للملف.
وتولي الحكومة اهتماما بالانجازات الرئيسية في تنمية التقنية الايكولوجية الزراعية , وتربية المواشي والمواد الجديدة, والزراعة الدقيقة والري بتقنية توفير المياه , والسيطرة على الأوبئة والزراعة المائية اضافة الى المعدات الزراعية .