رؤية الصين للنظام الإقليمي تقدم فكرة جديدة لحماية السلام والاستقرار في منطقة آسيا والباسفيك
وكالة أنباء شينخوا-
مقالة خاصة:
اختتمت هنا يوم الأحد أعمال النسخة الـ19 من حوار شانغريلا، القمة الرئيسية المعنية بقضايا الدفاع والأمن في منطقة آسيا والباسفيك، بإقرار العديد من الوفود بالسلام والتنمية كهدفين مشتركين والدعوة إلى الحوار والتعاون من أجل الحفاظ على الاستقرار الإقليمي والعالمي.
وأشاد المندوبون والخبراء بما طرحته الصين من رؤى لحماية التعددية والسلام والاستقرار الإقليميين وبناء مستقبل مشترك للبشرية خلال القمة التي استمرت لثلاثة أيام.
وفي الوقت نفسه، حذروا من المخططات الجيوسياسية التي تفضي إلى الانقسام وتحرض على المواجهة وتقوض السلام في المنطقة، مضيفين أن أي محاولة لتقسيم الدول محكوم عليها بالفشل.
— مبادرة الأمن العالمي تقدم دليلا جديدا للتنمية السلمية
وتعتبر مبادرة الأمن العالمي التي اقترحتها الصين بمثابة منفعة عامة عالمية أخرى، حيث تضخ الثقة بالأمن العالمي من ناحية وتثبت التزام الصين كدولة كبرى بدعم السلام والاستقرار العالميين من ناحية أخرى.
وقال عضو مجلس الدولة وزير الدفاع الصيني وي فنغ خه إن العالم يواجه أزمات متعددة نادرا ما رأيناها تاريخيا، موضحا أن السبيل للمضي قدما يتمثل في دعم التعددية وممارستها وبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.
وفي إشارته إلى منطقة آسيا والباسفيك باعتبارها القوة الاقتصادية الأكثر حيوية وتبشيرا بالخير في العالم، حث وي الدول على السعي الحثيث لتحقيق غد مشرق ببناء مجتمع ذي مستقبل مشترك لمنطقة آسيا-الباسفيك يتمتع بسلام دائم ويوفر الأمن للجميع.
وأكد وزير الدفاع الماليزي هشام الدين حسين خلال القمة على ضرورة التعاون الأمني وسط عالم مليء بالقرارات الشعبوية ويركز فقط على الانتخابات القادمة، قائلا إنه من الضروري التفكير في مستقبل أكثر سلاما واستقرارا.
وحظيت مبادرة الأمن العالمي بإشادة كبيرة من الخبراء. وقال وو سو-كيون، مدير المعهد الكوري لدراسات شرق آسيا، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن مبادرة الأمن العالمي غنية بمحتواها وتكتسب أهمية قصوى في توطيد رؤية للحفاظ على السلم والأمن العالميين.
وقال وو إن مبادرة الأمن العالمي تتماشى مع رؤية الصين لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، مضيفا أنها تؤكد على التعاون متكافئ الكسب وتدعم التعددية الحقيقية وتقدم حلولا صينية لحماية السلام العالمي بشكل مشترك.
وقال كين فيا، المدير العام لمعهد العلاقات الدولية في الأكاديمية الملكية الكمبودية، إن الصين تدعم باستمرار رؤية الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام.
وأضاف أن “الصين تلعب دورا أكثر أهمية في حماية السلام والاستقرار على الصعيدين العالمي والإقليمي”.
وقال تشن قانغ، مساعد مدير معهد شرق آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية، إن الصين تريد بناء منطقة سلمية في آسيا-الباسفيك، وقد جددت تعهدها بعدم البدء باستخدام الأسلحة النووية في القمة، وهو أمر مهم للغاية وخاصة في ضوء التهديدات النووية المتزايدة.
وقال تشن إن الصين بموجب مبادرة الأمن العالمي تدعو إلى إنشاء مجتمع للأمن في منطقة آسيا والباسفيك، وهو ما يختلف تماما عن استراتيجية اندو-باسفيك الأمريكية، التي تسعى إلى تشكيل تكتلات خاصة لمواجهة الصين.
وقال قو تشينغ يانغ، الأستاذ المساعد في كلية لي كوان يو للسياسة العامة بجامعة سنغافورة الوطنية، في حديثه لوكالة ((شينخوا))، إن تصريحات وي تؤكد على التضامن والتعاون.
وأوضح قو أن الصين مساهم مهم في السلام العالمي وتضطلع بدور حاسم في مكافحة جائحة كوفيد-19 وتحفيز الانتعاش الاقتصادي العالمي.
— دعوات إلى التعاون والتواصل
وخلال حوار هذا العام، حث المشاركون في الحوار الدول على إجراء التعاون الأمني مع ضمان مصالح جميع الأطراف.
وقال وزير الدفاع السنغافوري نغ إنغ هين يوم الأحد إن العالم يقف عند نقطة يحتمل أن تكون خطرة تاريخيا، مضيفا أن قارة آسيا ترغب في إقامة ترابط إقليمي يكون مثمرا ومفيدا للجميع.
وأشار قو إلى أن العديد من الوفود من البلدان النامية أعربوا عن أملهم في تحقيق تنمية سلمية في المنطقة بدلا من الصراع.
وقال سيون سام، محلل السياسات في الأكاديمية الملكية الكمبودية، إن الصين تؤمن بالتنمية السلمية والتعاون المربح للجميع. “لا تريد الصين أن تنمو بمفردها فحسب، بل تريد أيضا أن تنمو الدول الأخرى معها”.
ودعا وو إلى التخلي عن عقلية الحرب الباردة المتمثلة في وجود معسكرات متعارضة مع ضرورة مراعاة ظروف كل دولة واحترام حق كل بلد في اختيار مسار التنمية الخاص به احتراما كاملا.
— “إستراتيجية اندو-باسفيك” الأمريكية محكوم عليها بالفشل
وعلى الرغم من إدعاء وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بأن ما يسمى بـ”استراتيجية اندو-باسفيك” سوف تعزز الحرية والانفتاح والازدهار في المنطقة، يعتقد العديد من كبار المسؤولين والمحللين أنها ستثير التوترات وتسبب صراعات إقليمية، كل ذلك في محاولة لاحتواء التنمية في الصين.
وانتقد العديد من المسؤولين والخبراء استراتيجية الولايات المتحدة لأنها تسعى إلى تقسيم المنطقة.
وقال وي إن الصين تعتقد أن أي استراتيجية إقليمية يجب أن تعزز السلام والاستقرار الإقليمي والمصالح المشتركة للجميع.
وأوضح اللفتنانت جنرال تشانغ تشن تشونغ، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة للجنة العسكرية المركزية الصينية، أن “نيتها الحقيقية هي استخدام هذه الاستراتيجية للحفاظ على نظام الهيمنة الأمريكي”.
كما انتقد تشانغ الاستراتيجية التي تسبب الانقسام وتحرض على المواجهة وتقوض السلام في منطقة آسيا والباسفيك، قائلا إن “استراتيجية اندو-باسفيك الأمريكية تتعارض مع الاتجاهات التاريخية والإرادة السائدة لدول المنطقة. تخدم فقط المصالح الولايات المتحدة وبالتالي محكوم عليها بالفشل”.
وقال قو إن استراتيجية اندو-باسفيك تهدف إلى الحفاظ على الهيمنة الأمريكية والتغطية على نية الولايات المتحدة باشعال حرب باردة جديدة.
وأشار قو إلى أن الولايات المتحدة ستستخدم الاستراتيجية لإلقاء منطقة آسيا والباسفيك في صراع جيوسياسي، مما يقضي على فرص الصين في النهوض السلمي.
ودعا وزير الدفاع الإندونيسي برابوو سوبيانتو إلى نهج آسيوي لمواجهة التحديات في المنطقة، قائلا إن “كل دولة لديها نهجها الخاص في حل مشاكلها، ولكن يتعين على كل دولة أن تحافظ على علاقات جيدة مع جيرانها” ومع جميع الدول الكبرى في العالم، مشيرا إلى أن “المهم هنا هو أنه يتعين علينا دائما أن نراعي ونحترم المصالح والحقوق الوطنية”.
وأكد برابوو على الدول احترام صعود الصين. “لدينا بعض الاختلافات. سنسعى جاهدين لحل هذه الخلافات بطريقة ودية وبطريقة متبادلة المنفعة. هذه هي الطريقة الآسيوية”.
ومن جانبه، قال جوزيف ماثيوز، الأستاذ في جامعة بيلتي الدولية في بنوم بنه، إن استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة تهدد بشكل مباشر مركزية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
وأضاف أن ما يسمى بالإطار الاقتصادي للاندو-باسفيك، الذي بدأته الولايات المتحدة، يهدف إلى مواجهة تأثير الصين في المنطقة من خلال زعزعة استقرار الآسيان.
وقال كوه كينغ كي، رئيس مركز آسيا الشاملة الجديدة، وهو مؤسسة فكرية ماليزية غير حكومية، إن الآسيان والصين تحافظان على علاقات اقتصادية وتجارية وثيقة بفضل الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة.
وأضاف كوه أنه على الرغم من أنها تخدم مصالحها الجيوسياسية الإقليمية فقط، فإن استراتيجية اندو-باسفيك لا يمكن أن تضر بالعلاقات بين الصين والآسيان.