العرب فى الصين بين مؤيد ومتفهم لتصويت الصين ضد مشروع القرار بشأن سوريا
شبكة الصين:
كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنت يوم الخميس مشروع قرار يدعم خطة الجامعة العربية بشأن الانتقال السياسي في سوريا. وقد عارضت الصين مع روسيا وعشر دول أخرى المشروع الذى يتضمن نصوصا مماثلة لمشروع القرار الذى استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضده عند التصويت عليه فى مجلس الأمن الدولي يوم 4 فبراير الجاري، حيث قالت الصين إن رفضها يرجع إلى ان مشروع القرار غير متوازن، فهو يطالب الحكومة السورية بوقف اعمال العنف فيما لم يوجه نفس المطلب للمعارضة ويطالب بتنحى بشار و”تغيير النظام”.
وابدى بعض المواطنين العرب الذين يعيشون حاليا فى الصين آرائهم فى هذا الصدد، وتباينت آرائهم بين مؤيد تام ومتفهم لموقف الصين الداعى إلى اجراء تشاور وحوار بدلا من اسقاط النظام من خلال التدخل الخارجى.
وقال السيد مصطفى السفاريني رئيس المركز العربي للمعلومات وسفير فلسطين الاسبق فى حديث اجرت معه وكالة أنباء ((شينخوا)) إن قرار الصين الخاص برفض مشروع القرار في الجامعة العامة للأمم المتحدة كان متوقعا ويتماشى مع سياسة الصين التي تقوم على المحافظة على الاستقرار والسلام فى العالم. وإن الصين، بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي، تتحمل مسئولية كبرى فى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وقد اتخذت هذا المواقف أيضا بالتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر التدخل في الشئون الداخلية للدول.
وأوضح السفارينى ان تصويت الصين برفض القرار جاء نتيجة للانجازات العظيمة التي حققتها الصين في مجال الدبلوماسية، ولأنها باتت تتحمل مسئوليات أكبر دفعتها للمبادرة إلى هذا التصويت الذي يثبت أن الصين تتفاعل مع الحدث وتحتل مكانة عالية على الساحة الدولية.
واستطرد بقوله إن الصين ترفض التدخل الخارجي في الشئون الداخلية للدول. وفيما يتعلق بالقضية السورية، كان دور الصين ملموسا من حيث التصويت ووضع تصور بل وآلية لحل الأزمة الجارية في سوريا. فقد اقترحت الصين بدء عملية سياسية “سمحة” تتضمن وقفا فوريا لأعمال العنف والشروع في الحوار.
وحول علاقات الصين مع البلدان العربية، أكد السفارينى أن تصويت الصين بالرفض لن يؤثر سلبا على العلاقات الصينية العربية، بل ربما يؤثر بشكل إيجابي على العلاقات بين الجانبين. وقد يفهم من القراءة الأولى للموقف الصيني أنه متحيز للنظام السوري. ولكن الأيام ستثبت أن الصين اتخذت هذا الموقف لمصلحة سوريا حكومة وشعبا بل ولمصلحة المنطقة ككل.
من جانبها، قالت السيدة هالة أحمد مصرية الجنسية التى وصلت إلى بكين منذ شهرين إننى اتفق تماما مع موقف الصين برفضها مشروع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن سوريا فى هذه المرحلة التاريخية التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط والعالم.
وأوضحت هالة إن إسقاط بشار وتعيين نائبه، أى ما يسمى “بتغيير النظام”، لن يؤدى إلى هدوء الأوضاع فى سوريا، والدليل على ذلك الوضع غير المستقر الحالى فى مصر واليمن وحتى ليبيا. واذا لم تهدأ الأوضاع واستمرت اعمال العنف على نفس الوتيرة، سيتكبد رجل الشارع السورى معاناة شديدة، وهو ما لا تريده الصين للشعب السورى.
واستطردت تقول إن الصين ليس لديها مصلحة شخصية من وراء رفض مشروع القرار، وإن موقف الصين، باعتبارها دولة كبيرة ذات مكانة عالية، موقفا “مبدئيا” لا يجب ان تحيد عنه ولو لمرة واحدة خاصة فى هذه القضايا الحساسة التى قد تؤثر على المنطقة والعالم. والأكثر من هذا ان موقف الصين يحافظ على ميزان القوى فى العالم ، بحيث لا يميل بشدة لصالح الولايات المتحدة.
وأكدت هالة “اننى أرى ان الفيتو الصينى مقبول ومنطقى تماما، ولا يضر بعلاقاتها مع البلدان العربية على الاطلاق ، وأرى ان البلدان العربية الصديقة للصين ستتفهم فى النهاية ان الفيتو الصينى يصب فى صالح الشعب السورى والشعوب العربية.
من جانبه، قال عباس جواد كديني الباحث العراقي إن تصويت الصين ضد مشروع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن سوريا, يعكس استمرار الصين في انتهاج سياستها الخارجية القائمة على مبدأ السلام , مضيفا أن الصين تسعى إلى إستعادة الاستقرار والسلام في سوريا وتسوية الأزمة السورية عن طريق الحوار والتشاور.
وأشار عباس الى أن الصين تلعب دورا بناء في تسوية الأزمة السورية, مقترحا أنه من أجل تفادي التدخل الأجنبي من قبل الدول الغربية, لابد ان تتعاون الصين مع الدول العربية في إيجاد حل سلمي للأزمة السورية في أسرع وقت ممكن.
وتابع عباس قائلا إنه رغم تصويت الصين ضد مشروع القرار على نحو معاكس لموافقة معظم الدول العربية عليه, إلا انه لن يؤثر على العلاقات الودية بين الصين والدول العربية, موضحا أن الصين تتخذ دوما موقفا إيجابيا ومهما في القضايا العربية مثل عملية السلام في الشرق الأوسط , خاصة وانها تؤيد الفلسطينيين فى قضيتهم العادلة وتدعمهم فى اقامة دولة فلسطينية مستقلة, ما يجعلها تنال احترام الدول العربية. وفي هذه المرة, ستتفهم الدول العربية أيضا موقف الصين وجهودها الرامية إلى تسوية القضية السورية بسبل سلمية مثل الحوار والتشاور.
اما السيد خالد ابو الجراد وهو فلسطينى يعيش فى الصين منذ فترة طويلة، فقد قال إنه يؤيد الموقف الصيني مائة بالمائة، إذ أن الفيتو الذي استخدمته الصين، ليس لحماية أي طرف ولكن للوقوف ضد محاولة الهيمنة الغربية على المنطقة ككل، والغرب يريد أن يحول سوريا إلى دولة فاشلة بما يصب في مصلحة إسرائيل، وربما يريد الغرب أن يجعل الوضع في سوريا اشبه بالوضع في العراق أو ليبيا حاليا.
وأضاف بقوله “اننى أؤيد الفيتو الصيني وستضح صحته على المدى البعيد على الرغم من الاعتراف بالوضع الصعب الذي يعيشه الشعب السوري المسكين”، مشيرا إلى ان الجهود التي تبذلها الصين تأتي دعما للجهود العربية الرامية لوقف العنف من الجانبين وإدخال اصلاحات تتلكأ الحكومة السورية في تطبيقها.
اما السيد ايمن بيومى وهو مصرى يعمل فى الصين، فقال إن هناك أمورا كثيرة نؤيدها في رفض الصين لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول سوريا ومنها المحافظة على استقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط والحيلولة دون حدوث تدخل خارجي في هذا البلد العربي. وهذا أمر تتفق معه غالبية شعوب العالم، ومن بينهم الكثيرين من أبناء الشعب السوري نفسه، وإن كان موقف الصين لا يخلو من سعيها للمحافظة أيضا على مصالحها الخاصة. ولا عيب في أن تحافظ الصين على مصالحها.
لكنه أعرب فى نفس الوقت عن خشيته من أن يبعث هذا التصويت بالرفض برسالة خاطئة إلى النظام السوري تشجعه على مواصلة اللجوء للحل الأمني للأزمة بما يؤدي إلى مزيد من العنف والقتل.
وقال إنه يتعين على الصين أن تدرك أن أحد أهم الحلول للأزمة السورية هو ممارسة نوع من الضغط على نظام الرئيس بشار الأسد كي يستجيب لطموحات شعبه بجدية.