عالم اجتماع أسترالي يشارك رحلته التي استمرت 40 عاما في الصين: “الرحلة التي غيرت حياتي”
بالنسبة لباحث علم الصينيات وعالم الاجتماع الشهير البروفيسور ديفيد غودمان، دائما ما كانت الصين مصدرا للإلهام لكل من أبحاثه وحياته، وبلدا له تاريخ عميق ويشهد تحديثا سريعا.
وغودمان، “مستكشف الصين”، هو مدير مركز دراسات الصين بجامعة سيدني، حيث يعمل أيضا أستاذا متخصصا في السياسات الصينية. وعلى مدى السنوات الـ40 الماضية، عاش وعمل في مدن صينية مختلفة، وكل ذلك من أجل السعي لفهم الواقع الاجتماعي والسياسي للصين.
وفي مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) من مكتبه في المركز، شرح غودمان بالتفصيل تحولات الصين خلال العقود القليلة الماضية، وشارك وجهات نظره حول تنمية الصين كما شهدها من خلال تجربته الشخصية.
وبدأت دراسات غودمان حول الصين كطالب جامعي في جامعة مانشستر في الستينيات من القرن الماضي. وقبل رحلته الأولى إلى الصين في عام 1976، كان قد درس اللغة الصينية بالفعل لمدة ست سنوات وقرأ العديد من الكتب عن الصين. ومع ذلك، حتى بالنسبة لباحث يصف نفسه بأنه “منفتح على الفهم”، فإن الصين كما تم تصويرها على الورق لم تقم بشيء يذكر لإعداده للصين على أرض الواقع.
وقال “بالنسبة لي، تبدو جميع الأدبيات حول الصين مفرطة في التعميم. تحدثوا عن الصين دون تنوع. لم أكن أدرك التنوع، حتى من الناحية النظرية، بأن هناك اختلافات بين مختلف الأجزاء في الصين”.
وأضاف “كانت تلك الرحلة مثيرة للغاية وغيرت حياتي. لأنه حتى تلك اللحظة، كنت أرغب بأن أكون عالما اجتماعيا يعمل على الصين في مجال العلوم الاجتماعية. وبعد تلك الرحلة، قررت أن أعيش في الصين لفترة أطول”.
وأثار اللقاء الصادم ما كان سعيا دام 40 عاما لفهم الديناميكيات المحلية للصين. وقد جال في شمال وجنوب غرب وشمال غرب وشرق الصين بما في ذلك بعض القرى النائية لدراسة العلاقات المركزية المحلية، والطريقة التي تتفاعل بها المناطق المحلية مع الحكومة المركزية. وأجرى مقابلات مع رواد أعمال منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي لدراسة الديناميكيات الاجتماعية وراء تطورهم. وقد كتب بعض الكتب عن الطبقات الاجتماعية في الصين، وخاصة الطبقة الوسطى الصاعدة.
وقد أعجب بشكل خاص بالتنوع الشديد في جميع أنحاء البلاد فيما يتعلق بالثقافة والعادات واللهجات المحلية – “لا أستطيع التفكير في أي مكان آخر في العالم حيث تتفوق فكرة كونك صينيا، فكرة البلد الواحد، على مفهوم الجزء”.
وقد ولّد هذا التضامن الفريد ديناميكية للنمو الاقتصادي في الصين وساهم جزئيا في مسارها الفريد للتنمية.
وأفاد غودمان أن الصين تطورت بسرعة على مدى السنوات الـ40 الماضية في طرق البنية التحتية والنقل والطرق السريعة وحتى نظام الصرف الصحي، مما أدى في الوقت نفسه إلى صعود مستمر في مستوى معيشة الناس. إلا أنه يعتقد أن الفجوة بين المناطق المختلفة لا تزال عاملا كبيرا ساهم في دفع رؤية “الرخاء المشترك”.
وأوضح أنه “في الصين، هناك ثلاثة مستويات مختلفة من التنمية الاقتصادية، الساحل الشرقي والوسط والغرب. والغرب في الحقيقة ما زال أمامه طريق طويل ليقطعه، وسيستغرق وقتا طويلا للحاق بالبقية، ما لم يحدث شيء آخر”.
وقال الخبير إن الرخاء المشترك مصمم بوضوح لإنشاء نظام رعاية اجتماعية جديد على المستوى المحلي من خلال الجمع بين الحكومات المحلية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية مثل المدارس والمستشفيات والشركات والمنظمات المدنية.
وذكر “بالطبع، لا تزال هناك بعض المناطق أكثر فقرا من غيرها، حيث يتمتع الأطفال بفرص حياة أقل من غيرهم. وهذه هي الأشياء التي يجب العمل عليها الآن والرخاء المشترك يمكن أن يساعد بالتأكيد في ذلك”.
ويعد الرخاء المشترك حاليا أحد مجالات البحث الجديدة لدى غودمان.
وقال “بدأنا مشروعا حول الرخاء المشترك لنرى كيف يتم تنفيذه في ثلاثة أجزاء مختلفة من الصين ونحاول اكتشاف كل من المقصود بالرخاء المشترك، وكيف يمكن أن يعمل في ثلاثة مناطق مختلفة”.
وبدأ المشروع الذي يشمل ثلاث مدن ذات مستويات مختلفة من التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهي سوتشو في مقاطعة جيانغسو بشرق الصين، وتاييوان في مقاطعة شانشي بشمال الصين، ولانتشو في مقاطعة قانسو بغرب الصين، للتو ومن المتوقع أن يبدأ العمل الميداني المحلي العام المقبل عندما يعود إلى الصين.
وأشار غودمان إلى أنه يفتقد أصدقاءه في سوتشو، وهي مدينة أمضى فيها 9 سنوات، على الرغم من أنه عاد للتو إلى أستراليا العام الماضي.
وقال “سأذهب وأرى أصدقائي.. وأتحدث إلى الناس لأعرف كيف تغيرت الأمور، وما هي الطرق التي شيدت، والمباني التي تغيرت، وغير ذلك… إنه التغيير، المنتشر في كل مكان”.
(شينخوا)