تعليق ((شينخوا)): واشنطن هي الملامة عن التوترات في مضيق تايوان
بعد أيام من زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى منطقة تايوان الصينية، والتي ردت عليها الصين بإجراءات مضادة، دأبت واشنطن على بذل قصارى جهدها لإلقاء اللوم على بكين لكونها “غير مسؤولة” و”مبالغة في رد فعلها” و”تقوم بعمل عسكري استفزازي”.
ومع شعورها ربما بالذنب في مواجهة الأصوات الصالحة من المجتمع الدولي التي تحتشد وراء مبدأ صين واحدة، فقد تذرعت الولايات المتحدة بالقانون الدولي لإثبات قضيتها.
والواقع أن حيلها السياسية الكثيرة مثيرة للدهشة. فالولايات المتحدة هي التي حرضت على المتاعب وخلقت الأزمة وصعدت الوضع. والآن تلعب مثيرة المشاكل التي قامت بالاستفزاز الخبيث دور الضحية وتلقي باللوم على الصين، مكررة حيلتها القديمة المتمثلة في لص يصرخ “أوقفوا لص!”.
وتؤثر مسألة تايوان على سيادة الصين ووحدة أراضيها. فهل من المفترض أن توصف الصين بأنها مسؤولة وأن يكون رد فعلها مناسبا وغير استفزازي إذا تقبلت الأمر بمرونة؟!.
الصين لا تثير المتاعب، ولكنها لا تتراجع أبدا عندما تأتي المتاعب في طريقها. متى كانت الصين غامضة أو مترددة بشأن القضايا المتعلقة بمصالحها الأساسية؟
ويمكن تلخيص مختلف التصريحات الأمريكية الشائنة المتخيلة في افتراء واحد: الصين “تغير الوضع الراهن بشكل أحادي”.
في القانون الدولي، يشير “الوضع الراهن” إلى حالة واقعية أو سياسية في وقت محدد، وهو ما ينطبق فقط على تقسيم الأراضي بين البلدان ولا ينظم الشؤون الداخلية لبلد.
تايوان جزء من أراضي الصين. والعلاقات عبر المضيق هي شؤون داخلية للصين ولا تنطوي على تقسيم للأراضي متنازع عليه بين البلدان.
وكثيرا ما تستخدم واشنطن “الوضع الراهن” كذريعة لإخفاء نواياها الشريرة، والتي تتمثل في تشويه العلاقات عبر المضيق كعلاقات بين دولة ودولة وخلق وهم خاطئ مفاده “صينان” أو “صين واحدة، تايوان واحدة”.
ولم تكن تايوان قط بلدا ذا سيادة. هناك صين واحدة فقط وكلا جانبي مضيق تايوان ينتميان إلى نفس الصين. وكان هذا هو الوضع الراهن لتايوان منذ العصور القديمة. وحكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة للصين وتايوان جزء من الصين. هذا هو الوضع الراهن عبر مضيق تايوان والذي كان كذلك منذ عقود.
ومبدأ صين واحدة هو تعريف واضح للوضع الراهن عبر مضيق تايوان. وتشويه أو تحدي مبدأ صين واحدة يعني تغيير الوضع الراهن عبر مضيق تايوان. وليست الصين هي التي تغير الوضع الراهن، بل الولايات المتحدة والقوى الانفصالية في تايوان. وتهدف التدابير المضادة التي تتخذها الصين على وجه التحديد إلى الحفاظ على السلام عبر مضيق تايوان والاستقرار في المنطقة.
من وجهة نظر القانون الدولي، فإن الافتراءات الأمريكية والاتهامات الكاذبة ضد الصين لا يمكن الدفاع عنها على الإطلاق.
وتهدف خطوة توجيه اتهامات مثل “العمل العسكري الاستفزازي” و”الاستخدام الأحادي الجانب للقوة”، في تجاهل لحقيقة أن تايوان جزء من أراضي الصين وليست دولة مستقلة، إلى استخدام القواعد التي تحكم العلاقات بين الدول مثل حظر “التهديد بالقوة” و”الاستخدام غير القانوني للقوة” للتعامل مع مسألة تايوان. وما هي إلا خدعة احتيالية نموذجية للصيد في المياه العكرة.
ووفقا للقانون الدولي، يقع على عاتق جميع البلدان التزام باحترام سيادة البلدان الأخرى وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. ويمنح القانون الدولي أيضا كل بلد الحق في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية سيادته وسلامة أراضيه وردع التدخل الخارجي.
وما زيارة بيلوسي إلا استفزاز صارخ من الجانب الأمريكي. وتعد المناورات وأنشطة التدريب العسكرية الصينية في المياه ذات الصلة تدبيرا ضروريا لمواجهة التدخل الخارجي وإحباط المحاولات الانفصالية من أجل “استقلال تايوان” وحماية سيادة الصين وسلامة أراضيها.
وتتسم المناورات العسكرية الصينية بالانفتاح والشفافية والاحتراف، وتتماشى مع القانون الدولي والممارسات الدولية الراسخة. كما أنها تفي أيضا بالواجب المقدس المنصوص عليه في دستور جمهورية الصين الشعبية وقانون مناهضة الانفصال وقانون الدفاع الوطني لجمهورية الصين الشعبية.
والولايات المتحدة عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، والقوة العظمى في العالم. وبغض النظر عما إذا كانت الولايات المتحدة لا تفهم حتى المفاهيم القانونية الأساسية ونطاق تطبيقها، أو أنها تلعب فقط لعبة غبية وتتظاهر بالبراءة بينما تفعل ما تشاء دون قيود، فهذا أمر خطير للغاية.
ويخاطر بعض السياسيين الأمريكيين بشكل صارخ بشأن مسألة تايوان، وقد جعل وجههم القبيح المتمثل في إثارة المتاعب المستمرة المجتمع الدولي يدرك بوضوح أن النظام الدولي بعد الحرب والمعايير الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية تتعرض للتهديد والتحدي. وإن التدابير المضادة التي تتخذها الصين لا تدافع عن مصالحها الوطنية الأساسية فحسب، بل إنها تحمي بقوة أيضا مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والقانون الدولي، والسلام الإقليمي.
بعد أن تعاملت الولايات المتحدة مع الصين لسنوات عديدة، يجب أن يكون لديها فهم واضح لإرادة الصين الراسخة لحماية سيادتها الوطنية وسلامة أراضيها. ولن تتردد الصين في الرد في كل مرة يقوم فيها الجانب الأمريكي باستفزاز خطير ينتهك سيادة الصين ويتدخل في الشؤون الداخلية للصين. ولن تسمح الصين أبدا بالتعرض لسيادتها وسلامة أراضيها وتخريبها.
ويجب على هؤلاء السياسيين الأمريكيين الذين يلعبون بالنار في مسألة تايوان أن يتوقفوا، وإلا فسوف يهلكون بها.