أهمية اليمن إستراتيجياً لطريق الحرير الصيني
موقع الصين بعيون عربية-
عبد الحميد الكبي:
تشكل اليمن أهمية جيوسياسية استراتيجية إستناداً إلى موقعها المتميز ونظراً لأهمية موقعها المُطل على “طريق الحرير الصيني”. فاليمن تقع في الركن الغربي للجزيرة العربية، وتشرف سواحلها الممتدة من بحر العرب وحتى البحر الأحمر على أحد أهم مسارات الملاحة الدولية، حيث أن اليمن يُعتبر أحد أبرز وأهم المحطات ضمن مشروع الصين “الحزام والطريق” أو كما يعرف “طريق الحرير الجديد”.
يشمل طريق الحرير الصيني – الدولي غالبية دول العالم في مختلف القارات، ولذلك تزداد أهمية اليمن تبعاً لانضمامها إلى هذه المبادرة الصينية – الأممية.
في هذا المضمار، فإن للتداول التجاري العالمي الحالي الذي يعتمد في الأساس على البضائع والسلع المصنعة في الصين أولاً والبلدان الآسيوية ثانياً، والتي يتم نقلها إلى أوروبا عبر السواحل اليمنية. ويشكل مضيق باب المندب بسواحله اليمنية أهمية كبيرة، حيث يمر منه 5 بالمئة من البترول العالمي، فضلاً عن دوره الرئيسي في نقل نفط بلدان “الشرق الأوسط” إلى الأسواق العالمية، عَبر البحر الأحمر، لذلك يُعد ذلك من أهم النقاط الاستراتيجية لليمن والمنطقة العربية وجمهورية الصين الشعبية.
حيث أشار السفير الصيني السابق تيان تشي إلى أن الصين واليمن صديقان يتشاركان في السراء والضراء، وإن طريق الحرير القديم ربطنا بشكل وثيق، وعلى الرغم من أن البلدين لديهما ظروف وطنية مختلفة، ولكن لديهما معاناة تاريخية متشالهة ومهام التنمية المشتركة. وإن طبيعة العلاقات الصينية اليمنية الإخلاص والصداقة والإحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة. يجب علينا تطوير روح طريق الحرير، للالتحاق فيما يتعلق بالاستراتيجية التنموية لدى الجانبين وتعميق التعاون، وبذل الجهود المشتركة لتحقيق حلم الصين المتمثل في النهضة العظيمة للأمة الصينية وحلم اليمن المتمثل في السلام والإستقرار والتنمية. ولذلك، طرح تيان تشي إقتراحات التعاون التالية :
الأول، تبادل الدعم بثبات، وإحترام إختيار الطريق. وإن الصين تدعم إختيار الشعب اليمني لطريق التنمية بشكل مستقل، والحل السلمي للخلافات عبر الحوار والتشاور، لتحقيق سلام الدولة واستقرارها وتنميتها في أسرع وقت ممكن .
الثاني، الإلتزام بالتعاون والمنفعة المتبادلة، وتعزيز التنمية المشتركة. نلتزم بمبدأ “التشاور والتقاسم والتشارك في البناء”، وندفع بناء”الحزام والطريق” يداً بيد ونوسع التعاون العملي بين البلدين، لمساعدة اليمن على تحويل تفوق الموارد والطاقة إلى تفوق التنمية، وخلق نقاط جديدة لنمو الإقتصاد والتوظيف، لتحقيق النمو الإقتصادي وتحسين معيشة الشعب بشكل أفضل.
والثالث، تقريب قلوب الشعبين الصيني اليمني، وتعزيز الصداقة التقليدية. نأخذ افتتاح قسم اللغة الصينية بجامعة صنعاء، وإنجاز بناء المكتبة الوطنية الكبرى كفرص لتوسيع التبادلات الثقافية في مجالات الثقافة والتعليم والشباب والرياضة وغيرها من المجالات، وتعزيز الصداقة بين الشعبين، من أجل تناقل الصداقة الصينية اليمنية جيلاً بعد جيل وتطويرها.
من خلال متابعاتي لطريق الحرير الذي يستمد قوته من قوة الصين الإقتصادية، وفعاليتها وعلاقاتها الدولية، إضافة إلى إمكانياتها الإقتصادية الفاعلة، تبينتُ ضرورات الالتقاء اليمني بالصين في محطات إقتصادية وسياسية مشتركة، وتبادل المنافع، والمطالبة ببناء نظام دولي عادل. فبالإضافة إلى “ميناء الحديدة” المطل على البحر الأحمر، غربي اليمن، وما يشكله من أهمية كأحد أهم وأبرز المؤانى اليمنية في البحر الأحمر، يبرز “ميناء المخاء” الاستراتيجي، أضف لكل ذلك الجُزر اليمنية المنتشرة في البحر الأحمر، وبحر العرب، ويبدو أن حساسية المواقع الجيوسياسي والاقتصادي الذي تتميز به اليمن، يعرضها إلى صراعات وتدخلات خارجية تؤثر بشكل سلبي على اليمن، وتثقل كاهل المواطنين.
إلا ان توقيع مذكرة تفاهم في أبريل/ نيسان 2019 ، لإنضمام اليمن إلى مجموعة “طريق الحرير”، ضمن أعمال القمة الثانية لطرق الحرير، قد مثل نقلة كبيرة في السير في هذا النهج، خياراً نحو تعزيز الشراكة عبر تكليف الشركات الصينية بمشاريع إعادة الإعمار، إضافة إلى العمل بموجب إتفاقية تأهيل ميناء عدن والتعاون المشترك لحماية طريق الملاحة الدولية عبر مضيق باب المندب.
واليمن يعاني حالياً الضعف والصراعات التي تكبل تحركاته الدولية، وتحد من تفعيل صداقاته ورغباته الإقتصادية. ولا شك أنه لن تتحقق أهداف اليمن الاستراتيجية إلا عبر الشراكة التنموية مع الصين، وضمن “مبادرة الحزام والطريق”،و بإرساء الاستقرار والأمن والأمان في اليمن، وبناء مؤسسات الدولة القادرة على المضي قدماً في توظيف موقعها الاستراتيجي لتحقيق التنمية المستدامة.
*كاتب يمني مهتم بأخبار ودارسات طريق الحرير الصيني