بعد 9 سنوات… التعاون في إطار الحزام والطريق يعزز الربط البيني من أجل تحقيق الرخاء العالمي
وكالة أنباء شينخوا-
مقالة خاصة:
قبل تسع سنوات، اقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21 على التوالي في قازاقستان وإندونيسيا.
هكذا تشكلت ملامح مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف إلى بناء شبكة من التجارة والاستثمار والبنى التحتية تربط مناطق مختلفة على طول مسارات التجارة القديمة.
وبعد مرور تسع سنوات، حققت مبادرة الحزام والطريق ما هو أكثر من مجرد ربط بيني. فقد نما التعاون في إطار الحزام والطريق، وفقا للمبدأ التوجيهي المتمثل في التشاور المكثف والمساهمة المشتركة والمنافع المتبادلة، ليصبح منصة عالمية تعمل فيها البلدان على طول هذه المسارات معا لتعزيز رفاه الناس وإعطاء دفعة أخرى للتنمية العالمية وسط تحديات مضنية.
— قدر أكبر من الربط البيني
بعد سنوات من التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق، أُنشئ إطار عام للربط البيني يتألف من ستة ممرات، وستة مسارات للربط البيني، وبلدان وموانئ متعددة. وتشمل الإنجازات البارزة في هذا الصدد خط سكة حديد مومباسا-نيروبي المعياري في إفريقيا، وخط سكة حديد الصين-لاوس في آسيا، وميناء حيفا الجديد في إسرائيل، والممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، وغيرها.
وإلى جانب مشاريع البنية التحتية، تم إنشاء قناة لوجستية جديدة بين آسيا وأوروبا من خلال خدمات قطارات الشحن بين الصين وأوروبا. ومع تسييرها على 82 مسارا، تصل هذه القطارات الآن إلى 200 مدينة في 24 دولة أوروبية، لتشكل شبكة نقل تغطي أوروبا بأسرها.
يعني الربط البيني وجود حواجز أقل، سواء من حيث تنسيق السياسات، أو السفر على الطرق، أو التجارة، أو التدفقات المالية، أو التبادلات الشعبية. كما أنه ينطوي على مزيد من المرونة في مواجهة أوجه عدم اليقين. وقد كانت خدمة قطارات الشحن بين الصين وأوروبا بمثابة “شريان حياة” عندما تضرر النقل البحري والجوي بشدة خلال الجائحة.
بفضل هذا الربط البيني، سجل التعاون في إطار الحزام والطريق نموا على الرغم من فترات من الركود شهدها الاقتصاد العالمي. فمن عام 2013 إلى عام 2021، بلغ إجمالي حجم تجارة السلع بين الصين والدول الواقعة على طول مسارات الحزام والطريق ما يقرب من 11 تريليون دولار أمريكي، في حين تجاوز الاستثمار ثنائي الاتجاه 230 مليار دولار، حسبما أفادت وزارة التجارة الصينية.
وفي آسيا الوسطى، مع إنجاز الطريق السريع بين الصين وقرغيزستان وأوزبكستان والطريق السريع بين الصين وطاجيكستان، تحسن النقل البري إلى حد كبير. ومن المتوقع أن تطلق دول آسيا الوسطى العنان لإمكانات عبور أكبر من خلال مشروع خط السكة الحديد القادم بين الصين وقرغيزستان وأوزبكستان.
وقد علق الرئيس القرغيزي صدير جاباروف قائلا إن مبادرة الحزام والطريق تمنح منطقة آسيا الوسطى فرصة الوفاء بالمهمة الاستراتيجية المتمثلة في الوصول المباشر إلى الموانئ البحرية وتحويل المنطقة إلى محور نقل للطرق السريعة العابرة للقارات من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب.
— الحد من الفقر
من وجهة نظر لويس إم. نديشو الباحث بمعهد السياسات الإفريقية، وهو مركز بحثي مقره نيروبي، فإن إحدى مساهمات مبادرة الحزام والطريق في القارة الأفريقية تتمثل في التخفيف من حدة الفقر وتحقيق التنمية الزراعية.
وأشار إلى أن الصين أقامت مشاريع للحد من الفقر وأرسلت خبراء زراعيين إلى أفريقيا وسهلت تبادل التكنولوجيا الزراعية الحديثة بين الجانبين، وهو أمر يحمل أهمية للتنمية الإقليمية.
إن بوركينا فاسو من البلدان التي شهدت التغييرات التي حدثت بفضل مبادرة الحزام والطريق. فقد ساعد خبراء صينيون في زيادة إنتاجها من الأرز، الذي كان بالكاد يلبي احتياجات السكان في الماضي.
وبمساعدتهم، بلغ إنتاج الأرز في المنطقة التجريبية، قرية ناريو، ضعف أو حتى ثلاثة أضعاف الإنتاج المسجل في السنوات السابقة كما تحسنت جودة الأرز تحسنا كبيرا.
هذه مجرد صورة مصغرة للكيفية التي يعمل بها التعاون في إطار الحزام والطريق على تحسين رفاه الناس في جميع أنحاء العالم. فبحلول نهاية عام 2021، قامت الصين ببناء 79 منطقة للتعاون الاقتصادي والتجاري في 24 دولة على طول مسارات مبادرة الحزام والطريق، واستثمرت 43 مليار دولار ووفرت 346 ألف فرصة عمل محلية، وفقا لما ذكرته وزارة التجارة الصينية.
ويجري إعطاء الأولوية لإقامة المزيد من المشاريع التي تركز على الاحتياجات الأساسية للناس في البلدان النامية وذلك في إطار مبادرة الحزام والطريق. في السنغال، أدى مشروع لحفر الآبار في المناطق الريفية، يتألف من 251 بئرا وخطوط أنابيب مياه بطول 1800 كم تعهدت الصين بتمويلها، إلى توفير المياه النظيفة لسبع سكان السنغال. أما في الأرجنتين، تعمل محطة الطاقة الكهروضوئية في مقاطعة خوخوي شمالي البلاد على إمداد حوالي 160 ألف منزل بالكهرباء.
وقد توقع تقرير للبنك الدولي أن تساعد مشاريع النقل المقامة في إطار مبادرة الحزام والطريق، بحلول عام 2030، في انتشال 7.6 مليون شخص من الفقر المدقع و32 مليون شخص من الفقر المعتدل على الصعيد العالمي.
— تجسير فجوة التنمية
يمر العالم اليوم بتغير جذري وسط تفشي جائحة كوفيد-19، وتباطؤ النمو العالمي، وتغير المناخ، وتصاعد التوترات. لقد تم قطع أشواط كبيرة نحو الرخاء العالمي، ولكن الفجوة بين أغنى البلدان وأفقرها ما زالت آخذة في الاتساع. والحد من العوز ليس كافيا.
ولتحسين الإنصاف والعدالة الاجتماعية، يلزم أن يكون للبلدان الحق على قدم المساواة في الحصول على فرص التنمية.
دعما لهذه الروح، توفر مبادرة الحزام والطريق منصة مفتوحة وآلية تقوم على الكسب المشترك. وبحلول نهاية يوليو 2022، وقعت الصين أكثر من 200 اتفاقية تعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق مع 149 دولة و32 منظمة دولية، وفقا لما ذكرته اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين.
ومن جانبه، قال جيمس م. نجيحيا، عميد كلية إدارة الأعمال والعلوم الإدارية بجامعة نيروبي، إنه “من خلال مبادرة الحزام والطريق، سطع فكر جديد حول التنمية — أي من كونهم مجرد متلقين للقروض إلى كونهم ينعمون بمشاريع فعلية على أرض الواقع تجلب التنمية من خلال التجارة والمشاريع”.
وأضاف “سيكون لذلك تأثير مضاعف كبير في المستقبل من خلال زيادة التكامل المحلي والإقليمي والدولي”.
وشاطره هذا الرأي خيري تورك، أستاذ الاقتصاد في كلية ستيوارت لإدارة الأعمال بمعهد إلينوي للتكنولوجيا في شيكاغو، قائلا إن مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين تضع الدول النامية على المسار الصحيح لتحقيق أهدافها التنموية طويلة الأجل.
وأشار إلى أن البنية التحتية لم تكن محور التركيز الرئيسي للمؤسسات متعددة الأطراف بعد عام 1945، مضيفا بقوله “لقد لفتت مبادرة الحزام والطريق انتباه العالم إلى أهمية البنية التحتية كركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية”.
وقال إنه على مدى عقود، لم تتمكن هذه الدول من تحديث بنيتها التحتية المتهالكة، مشيرا إلى أن “الصين توفر الآن لهم الأموال وخبرات البناء من أجل تشييد بنى تحتية حديثة، وهذا ما يعد الأساس لتحقيق تنمية مستدامة ويبشر بالخير بالنسبة للمستقبل الاقتصادي للدول النامية”.