مقالة: الصين تخفض هدف نمو الاقتصاد للمرة الأولى منذ عام 2005
صحيفة الشعب الصينية:
حددت الصين هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي عند 7.5 بالمائة هذا العام، وفقا لتقرير عمل حكومي قدمه رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو يوم 5 مارس، وتعد المرة الأولى التي تخفض فيها الحكومة الصينية هدف نموها الاقتصادي منذ عام 2005.
“أود هنا التأكيد بأنه من خلال تحديد معدل نمو منخفض بشكل طفيف للناتج المحلي الاجمالي ، فنحن نأمل في أن نجعله يتناسب مع أهداف الخطة الخمسية الـ 12 ، وتوجيه الناس في كافة القطاعات بالتركيز في أعمالهم لتسريع تحويل نمط التنمية الاقتصادية وجعل التنمية الاقتصادية أكثر استقرارا وكفاءة، وذلك لتحقيق تنمية عالية المستوى وعالية الجودة على مدى فترة زمنية أطول “، على ما قاله ون جيا باو.
وذكر يا تشنغ، النائب في المجلس الوطني لنواب الشعب، إن خفض نمو الاقتصاد يتناسب مع التغيرات في الظروف الاقتصادية الداخلية والخارجية ، كما يتفق مع مبدأ السعي الى التنمية على أساس التوازن الثابت.
جدير بالذكر أن نمو الاقتصاد الصيني تراجع في عام 2011، في ظل انتشار أزمة الديون الأوروبية والأمريكية والمشكلات في أعمال المؤسسات المحلية متوسطة وصغيرة الحجم، حيث بلغ معدل نمو الاقتصاد 9.7 بالمائة في الربع الأول من عام 2011 ، بينما بلغ 8.9 المائة في الربع الرابع في العام نفسه، ويتوقع أن يشهد معدله تراجعا متواصلا في هذه السنة.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ نمو الاقتصاد الصيني حوالي 8.2 بالمائة في عام 2012 متراجعا 0.8 نقطة مئوية مقارنة مع قيمته المتوقعة سابقا، علاوة على ذلك، خفضت بعض المقاطعات الصينية هدف النمو الاقتصادي في هذه السنة أيضا .
وأشار يا تشنغ إلى أن البيئة الخارجية للاقتصاد الصيني تتعرض لتعديلات عميقة وطويلة الأجل في ظل استمرار أزمة الديون الأوروبية والأمريكية ، وكذلك تعاني المؤسسات متوسطة وصغيرة الحجم من المشكلات في تكلفة الإنتاج المتزايدة والتمويل وغيرها .
وتم تحديد هدف نمو الاقتصاد الصيني وفقا للطلب المحلي ومستوى الأسعار. وقد أظهرت الأرقام الإحصائية أن نمو مؤشر أسعار المستهلكين في الصين بلغ 5.4 بالمائة في عام 2011، الأمر الذي قد يفوق قيمته المتوقعة، برغم أنه تراجع في خمسة أشهر متواصلة منذ شهر أغسطس الماضي.
وما زالت الأسعار تقبع عند مستوى مرتفع في الوقت الحالي، فقد حددت الحكومة نمو مؤشر أسعار المستهلكين عند نحو 4 بالمائة في هذه السنة.
وأعرب وانغ يي مينغ ، الخبير في لجنة الدولة للتنمية والإصلاح ، عن اعتقاده بأن الضغوط على زيادة الأسعار ستستمر لمدة طويلة في ظل عدم استقرار أسعار المنتجات الدولية بمقدار كبير، بحيث يتم تحديد هدف النمو الاقتصادي عند مستوى مناسب لتخفيف الضغوط على الأسعار.
وأضاف وانغ أن قطاع التصنيع الصيني يتمتع بوفرة طاقة الإنتاج ، كما يعاني نمو قطاع العقارات من سياسة السيطرة الكلية، فضلا عن تراجع نمو قطاع البنية التحتية وتقييد الاستهلاك الاجتماعي على مستوى دخل الأفراد.
ويرى محللون أن خفض هدف نمو الاقتصاد يتفق مع الوقائع الحقيقية الصينية، وسيتم تحقيق هذا الهدف من خلال بذل أقصى الجهود، وخاصة في المناطق الساحلية.
وقال هونغ هاي، المساعد السابق لوزير التجارة الصيني، إن الحكومة الصينية تبطئ وتيرة نمو الاقتصاد في ظل الأوضاع الحالية بهدف تركيز جهودها على تعديل الهيكلة الاقتصادية ورفع الكفاءة، بدلا من السعي وراء سرعة نمو الاقتصاد.
” يجب التركيز على تحسين جودة النمو الاقتصادي وكفاءته.، حسبما قال تشاو لين تشونغ، النائب في المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني.
وقال تشانغ ده تشوان، النائب في المجلس الوطني لنواب الشعب ، إن خفض نمو الاقتصاد سيقدم بيئة أكثر مرونة للتحول الاقتصادي ، وخاصة عدم سعى المؤسسات إلى توسيع حجمها، بل إلى تعزيز الإبداع الذاتي وتوفير الموارد وحماية البيئة وتحسين مفاهيمها.
كما يرى ليو شو تشانغ، الخبير في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية أن الاقتصاد الصيني يتحول من تركيزه على “سرعة النمو” إلى “جودة النمو” بعد تحديد هدف النمو عند 7.5 بالمائة.
وأضاف ليو رونغ شي، النائب في المجلس الوطني لنواب الشعب ، أن خفض النمو الاقتصادي سيخدم رفع مستوى معيشة الشعب.
وقال هونغ مينغ، النائب في المجلس الوطني لنواب الشعب ، إن النمو السريع للاقتصاد في الصين أدى إلى إهمال بعض المشكلات البيئية مثل ارتفاع استهلاك الطاقة والانبعاثات في فترة تفوق العشر سنوات الماضية.
ويرى ليو شو تشانغ أنه تم تحديد هدف نمو الاقتصاد الصيني في عام 2012 عند 7.5 المائة على أساس الهدف المحدد سابقا في فترة الخطة الخمسية الثانية عشرة (بين عامي 2011 و2015)، حيث كان هدف النمو الاقتصادي السنوي في فترة الخطة الخمسية العاشرة (بين عامي 2001 و2005) عند 7 بالمائة وهدفه في فترة الخطة الخمسية الحادية عشرة (بين عامي 2006 و2010) عند 7.5 بالمائة وهدفه في فترة الخطة الخمسية الثانية عشرة عند 7 بالمائة.
جدير بالذكر أن النمو الاقتصادي الصيني في هذه السنوات قد تجاوز قيمته المحددة في بداية السنة، حيث بلغ نمو الاقتصاد 9.2 بالمائة في عام 2009 في ظل الأزمة المالية العالمية مقارنة مع القيمة المتوقعة عند 8 بالمائة، وبلغ 10.4 بالمائة في عام 2010 و9.2 بالمائة في عام 2011.
” يجب أن نثق بمستقبل الاقتصاد الصيني نظرا للطلب الداخلي الكبير وهدف التعديل الواضح والخبرات الوافرة في السيطرة الكلية، وأتوقع أن نمو الاقتصاد سيفوق 7.5 بالمائة في هذه السنة.” حسبما قال يا تشنغ.