مقالة خاصة: معاً يداً بيد لتحقيق مستقبل مشترك
وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:
هناك نوع من الأصدقاء يربطهم إحساس بالألفة رغم بعد المسافات، ويظلون حاضرين في ذاكرة كل منهم الآخر على مر الزمان.
هذه الصداقة تتجاوز حدود الزمان والمكان. صحيح أن الصين والدول العربية تفصلهما آلاف الأميال، ولكن الجانبين تعارفا منذ آلاف السنين وربطهما القدر دائما.
في عام 2014، اقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ بناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك، ورسم مخططا جديدا لتنمية العلاقات الصينية العربية.
ومع مضيهما قدما يدا بيد، تتخذ الصين والدول العربية إجراءات ملموسة لتعزيز وتعميق بناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك، وهو ما يعود بالنفع على الشعبين الصيني والعربي.
قناعات ومساع مشتركة
هناك مقولة صينية شهيرة تقول إن “أصحاب الفضيلة ليسوا وحدهم، بل سيجدون حسن الصحبة على طول الطريق”، وهي تعبر عن عمق الروابط الوثيقة التي تجمع بين الجانبين الصيني والعربي.
في عام 1956، أصبحت مصر أول دولة عربية تُقيم علاقات دبلوماسية مع الصين. وعلى مدى أكثر من 60 عاما، شهدت الصداقة والتعاون بين الجانبين الصيني والعربي تحولا تاريخيا.
فمن الحوار الثنائي إلى آلية التعاون متعددة الأطراف، ومن منتدى التعاون الصيني العربي إلى معرض الصين والدول العربية، ازدادت العلاقات الصينية العربية متانة على مر الزمان وتمضي الآن على طريق الازدهار.
في هذا السياق، قال عصام شرف، رئيس الوزراء المصري الأسبق، إنه “بالإشارة إلى العلاقات التاريخية العميقة التي تجمع بين الصين والدول العربية، هناك دائما مستوى عال من التفاهم المشترك والدعم المتبادل بين الجانبين”.
وفي عام 2018، اتفقت الصين والدول العربية على إقامة شراكة استراتيجية صينية عربية موجهة نحو المستقبل للتعاون الشامل والتنمية المشتركة. واسترشادا بدبلوماسية رئيس الدولة، يجري باستمرار تعزيز الثقة الاستراتيجية الصينية العربية.
فقد حضر الرئيس شي مراسم افتتاح الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي مرتين، وبعث برسالة تهنئة للمنتدى مرتين، وقام بزيارة المنطقة العربية مرتين، ودعا في مناسبات عدة إلى بناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك.
كما تبادل الرئيس شي الزيارات وأجرى لقاءات مع قادة الدول العربية لعشرات المرات، ما ساهم في الحفاظ على تواصل مستمر وتوجيه دفّة تنمية العلاقات الصينية العربية.
أمان ووئام
يرى الصينيون دائما أن “علينا الدفاع عن القضية العادلة من أجل الصالح العام”. وفيما يخص السؤال القائل: “إلى أي اتجاه ينبغي أن يمضي الشرق الأوسط؟”، طرحت الصين مقترحاتها وحلولها.
في الواقع إن عالم اليوم لا ينعم بالأمان. وقد جاءت مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي، إنسجاما مع التطلعات المشتركة للدول العربية إلى تحقيق العدالة وإحلال السلام وتعزيز التنمية. وتضافرت جهود الصين والدول العربية للتصدي لمختلف التحديات.
ومن جانبه، ذكر عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطنية الفلسطيني (فتح) المفوض العلاقة العربية والصين في الحركة “نحن نعبر مرة أخرى، وأنا قلت في الكثير من المرات إن الصين هدية العالم”، مضيفا بقوله إن “النهج الذي تمارسه الصين هو ينعكس إيجابا على البشرية جمعاء على هذا الكوكب”.
في عام 2020، في مواجهة التفشي المفاجئ لجائحة كوفيد-19، مدت الصين والدول العربية يد العون لبعضهم البعض وكافحتا جنبا إلى جنب، ما فتح فصلا جديدا في بناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك.
وهكذا، جاءت الجهود المتضافرة للصين والدول العربية في مكافحة الجائحة لتثبت مرة أخرى أن الجبال والبحار لا يمكنها أن تكون حائلا أمام تقارب أولئك الذين تجمعهم تطلعات مشتركة، والجائحة لا يمكنها أن تُباعد بين أولئك الذين يكنون ودا وتعاطفا تجاه بعضهم البعض.
تنمية ورخاء
هناك قول مأثور يقول “نسير فرادى أسرع ومع بعضنا لمسافة أبعد”، وهذا هو الوصف الأمثل للمشهد العام للعلاقات بين الجانبين الصيني والعربي اللذين يمضيان قدما يدا بيد.
فمن طريق الحرير القديم إلى مبادرة “الحزام والطريق” الحالية، تعد الصين والدول العربية شركاء طبيعيين، ويتمتع الجانبان بتكامل وثيق وتعاون قائم على الكسب المشترك.
ومع مجيء رياح الشرق، ستحل المشاهد الجديدة محل القديمة.
في عام 2014، اقترح الرئيس شي العمل بشكل مشترك على بناء الحزام والطريق مع الدول العربية.
لتتوجه بذلك الصين والدول العربية إلى تحقيق المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية لهما سعيا لبلوغ أحلام النهضة لدى الجانبين. والتزمت الصين والدول العربية بمبدأ التشاور الوثيق والمساهمة المشتركة والمنفعة المتبادلة ليشرعا في بناء الحزام والطريق بإجراءات طموحة وواقعية.
كما قال عصام شرف، رئيس الوزراء المصري الأسبق، إن “مبادرة الحزام والطريق هي في الواقع منصة للتعاون الدولي ترتكز على تجسيد الربط البيني، سواء كان الربط البيني “المادي أو غير المادي، وعلى تحقيق الشراكة، وهو ما يعني التفكير معا، والعمل معا، والكسب معا”.
وفي نفس السياق، ذكر علي الحفني، سفير مصر الأسبق لدى الصين، أنه “سواء كان في إطار الدول الأعضاء في مبادرة الحزام والطريق أو في الإطار الصيني- العربي أو في الإطار الإفريقي- الصيني أو في الإطار المصري- الصيني، هناك مصير مشترك ومستقبل مشترك يجب أن نعمل جميعا بشكل مشترك على تحقيقه”.
وبدءا من البنية التحتية مرورا بالتعاون في مجال الطاقة وصولا إلى نقل التكنولوجيا الفائقة، يُبرز البناء المشترك عالي الجودة للحزام والطريق مشهدا ديناميا لتعاون حقق ثمارا وافرة ويُحسن معيشة الشعوب ورفاهها. وباعتباره بمثابة علامة مشتركة للأمتين الصينية والعربية، يُظهر طريق الحرير حيوية جديدة.
إن عقد أول قمة صينية عربية سيعمل بالتأكيد على مواصلة تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول العربية، وسيشهد معه التعاون الصيني العربي في شتى النواحي بكل تأكيد تنمية جديدة لتبدأ قصة مستقبل مشترك للصين والدول العربية فصلا جديدا.