سفير السودان لدى بكين: نتطلع لإسهام الدورتين السنويتين في تعزيز علاقات الصين بأفريقيا عامة وبالسودان خاصة
وكالة أنباء شينخوا-
مقابلة خاصة:
خلال مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء شينخوا مؤخرا، قال سفير السودان لدى جمهورية الصين الشعبية عمر محمد أحمد صديق إن اجتماعات الدورتين السنويتين للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني والمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، واللتين تم افتتاحهما يومي الرابع والخامس من مارس/ آذار الجاري، تحظى باهتمام رسمي وشعبي وإعلامي كبير على الصعيدين المحلي والدولي، خصوصاً وأن الدورتين سترسمان السياسات الرئيسية للبلاد لسنوات مقبلة، كما أن انعقاد الدورتين يأتي في ظل ظروف دولية معقدة ومشاكل اقتصادية عالمية بارزة.
وأوضح أن ثمة اهتماما عالميا بشأن ما ستتمخض عنه الدورتان من خطط وسياسات جديدة، وبالأخص السياسات والخطط والمبادئ التوجيهية بشأن التحديث الصيني النمط وتحديث نظام الحوكمة الوطنية لبناء دولة اشتراكية حديثة، وسياسات وخطط الدولة لدفع الطلب المحلي وتعميق الاصلاح والانفتاح وتعزيز ثقة السوق وتحسين مستويات مرونة سلاسل التصنيع والإمداد وخطط الصين لإنعاش النمو الاقتصادي.
وعبر صديق عن سعادته بمتابعة فعاليات الدورتين السنويتين، موضحا أنها فرصة طيبة للتعرف عن قرب عما ستفتحه هذه الفعالية من نافذة أمام العالم لفهم أعمق للتحولات الاقتصادية في الصين خلال الفترة المقبلة مع استلهام الدروس من إنجازات العام الماضي، سيما نجاح الصين في التغلب على العقبات التي خلفتها جائحة كوفيد-19 على الإقتصاد العالمي.
وأعرب صديق عن تطلعه لأن تخرج اجتماعات الدورتين السنويتين بقرارات وخطط تصب باتجاه تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والعلاقات الصينية الأفريقية والاستفادة من الآليات المختلفة الداعمة للعلاقات بين الشعوب الأفريقية والأمة الصينية.
ولدى سؤاله عن رؤيته وتطلعاته بشأن مبادرة الحزام والطريق، التي يصادف هذا العام الذكرى العاشرة لإطلاقها، أشاد السفير السوداني بالمبادرة واصفا إياها بأنها خطوة كبيرة تسهم في التنمية في أفريقيا والربط القاري وتعزز الاستثمارات في القارة السمراء.
وأوضح صديق أن السودان من أوائل الدول التي رحبت بمبادرة الحزام والطريق، حيث تتماشى المبادرة مع الأولويات التنموية للدول الأفريقية، وأن السودان بموقعه الإستراتيجي كمنفذ بحري للقارة الأفريقية يعتبر حلقة هامة على طريق الحرير، وأن المبادرة أسهمت في تعزيز التعاون بين السودان والصين عبر الشراكة المربحة للجانبين.
وفي هذا السياق أكد صديق أن السودان يرغب في تعزيز دوره بمبادرة الحزام والطريق من خلال توظيف المميزات التي يتمتع بها، وسيسعى لاغتنام المشاريع في إطار المبادرة، ولا سيما ما يتعلق منها بالأمن الغذائي، وذلك من خلال الإستفادة من الموارد الضخمة التي يزخر بها السودان باعتباره واحداً من أكبر دول العالم في مجال الموارد الزراعية.
وحول مفهوم “التحديث الصيني النمط” ودوره في دفع مسيرة التنمية بالصين والعالم، قال صديق إنه خلال العقود الماضية تمكنت الصين من تحقيق إنجازات كبيرة وعظيمة بتسريع بناء نظام إقتصادي حديث وابتكارات تكنولوجية حديثة وتنمية خضراء والقضاء على الفقر وكل ذلك تم عبر الدعم والمساهمات الخلاقة للقيادة الصينية.
وأوضح أن المسار الصيني للتحديث يعد تجربة هامة جديرة بالاهتمام والإطلاع عليها، ويفتح آفاقاً جديدة للعالم للاستفادة من تلك التجربة، فهو يجمع بين الحكمة الصينية القديمة والحكمة الحديثة. ففي الوقت الذي تتمسك فيه الصين بالقيم المشتركة للبشرية تعمل كذلك على تحقيق النهضة الحضارية الحديثة في المجالات الصناعية والزراعية والرقمية والإيكولوجية وذلك بما يحتويه التحديث الصيني النمط من عناصر مشتركة لعملية التحديث في كل دول العالم وتفرده بسياقه وخصائصه الصينية.
وأشار صديق إلى أن أهمية المسار الصيني للتحديث تكمن في أن العالم يحتاج أن يتعلم من الصين لمخاطبة القضايا المشتركة التي تواجه البشرية بمزيد من الحكمة الصينية والحلول الصينية لقضية التنمية البشرية، وبالتالي فإن المسار الصيني للتحديث أصبح أكثر جاذبية للمجتمع الدولي ويقدم نموذجاً للتعاون بين الدول النامية. فتحديث مجتمع يضم 1.4 مليار شخص بما يعنيه من تحديات سوف يكون ملهماً للشعوب وستكون له آثار واضحة في جميع أنحاء العالم.
ولدى تقييمه للإنجازات التي حققها البلدان على صعيد التبادلات الثنائية في العام الماضي، وتطلعاته بشأن تعاونهما خلال العام الجاري، قال صديق إنه يود أن يغتنم هذه المناسبة للتعبير عن صادق وأحر التهاني بمناسبة ذكرى مرور 64 عاماً على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، متمنياً كل التقدم والإزدهار لعلاقات الصداقة المخلصة بين شعبي البلدين الصديقين.
ولفت السفير السوداني إلى أن العلاقات بين البلدين شهدت تطوراً كبيراً بوصولها إلى مستوى علاقات الشراكة الإستراتيجية في عام 2015. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في فبراير عام 1959، حافظ التعاون الثنائي على مساره المطرد مهما كانت التغيرات المحلية أو الدولية، وظل البلدان يتبادلان المنافع والمصالح المشتركة والدعم والمساندة في المحافل الإقليمية والدولية والالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول.
وتابع أن السودان يحافظ على موقفه الثابت والداعم في القضايا الجوهرية للصين ويدعو لعدم التدخل في شؤون الصين الداخلية والالتزام بمبدأ صين واحدة، ويؤيد جهود الصين في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها، معربا عن شكره للصين لدعمها السودان بمنح ومساعدات طبية خلال الفترة الماضية تعبر عن روح الصداقة التقليدية والتضامن بين شعبي البلدين.
وأردف أن العام 2022 شهد عددا من التبادلات الثنائية والتي كان الهدف منها تطوير وتعزيز العلاقات بين البلدين في كافة المجالات، وعلى رأسها اللقاء الهام الذي جرى بين قيادتي البلدين على هامش القمة الصينية العربية التي عُقدت بالرياض في 9 ديسمبر 2022 ، حيث مثل اللقاء فرصة عظيمة تم فيها ضخ المزيد من الحيوية بالعلاقات بين البلدين كما تم بحث سبل تعزيز التعاون الثنائي والتنسيق بشأن القضايا ذات الإهتمام المشترك بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين.
وإزاء رؤيته للتنمية الاقتصادية في الصين خلال العام الماضي وكيف سيفيد الاقتصاد الصيني العالم خلال عام 2023، قال صديق إن الصين حققت في العام 2022 انتصاراً كبيراً في معركة تعزيز الاستقرار الإقتصادي وذلك من خلال التركيز على الاستهلاك المحلي لتحفيز الإقتصاد، “فرغم الرياح المعاكسة المتكررة ظل السوق الصيني محتفظاً بجاذبيته مدعوما بسوق استهلاكي كبير من المستهلكين وقاعدة تصنيع كبيرة ومجتمع أعمال تجاري كبير لم يتأثر بهذه الرياح ليحافظ على مستوى استدامة الإقتصاد ومرونته”.
وألمح إلى أن اهتمام العالم خلال العام 2023 سينصب على قدرة الإقتصاد الصيني على مواصلة تسجيل مستويات نمو إيجابية، مشيرا إلى أن قدرا كبيرا من النمو بالناتج المحلي العالمي خلال السنوات الثلاث الماضية كان مصدره الإقتصاد الصيني وذلك بفضل قدرة الصين على إحتواء الجائحة والحفاظ على مستويات عالية من النشاط الإقتصادي.
واستطرد صديق قائلا إن آفاق نمو الاقتصاد الصيني خلال العام 2023 من خلال زيادة الطلب المحلي تستشرف انفتاحاً أوسع على الخارج عبر توظيف الميزات النسبية للتجارة الخارجية الصينية والميزات التنافسية للمنتجات الصينية، وتسهيل تنقل رجال الأعمال والمستثمرين والعمل على اجتذاب الموارد وعناصر الانتاج العالمية إليها وتعزيز التفاعل بين السوقين المحلية والدولية وبين الموارد الداخلية والخارجية عبر دفع مستوى التعاون التجاري والاستثماري سيما وأن العديد من الشركات متعددة الجنسيات بصدد توسيع إنتاجها واستثماراتها في الصين مما سيعود بالفائدة على التنمية الاقتصادية العالمية.
وفي معرض حديثه حول دور الصين في الحوكمة العالمية، ورؤيته لمبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي اللتين طرحتهما الصين، قال السفير السوداني إن الصين قدمت إنجازات جليلة للسلام والتنمية العالميين، فقد عملت على رفد الحوكمة العالمية بحكمة الصين لإكمال تحسين منظومة الحوكمة العالمية، وقامت كدولة مسؤولة بلعب دور حاسم في صيانة السلم والأمن الدوليين واكتسبت مكانة دولية مرموقة من خلال مشاركتها ومساهمتها بنشاط وبشكل بناء في إصلاح منظومة الحوكمة العالمية وبنائها، رغم ازدياد التحديات العالمية، ودعوتها المستمرة للتعاون الدولي والتعددية الدولية الحقيقية وتمسكها بتطبيق مفهوم الحوكمة العالمية القائم على مبادئ التشاور والمشاركة والتنافع، وتمسكها بديمقراطية العلاقات الدولية والمساواة بين كل الدول كبيرة كانت أم صغيرة، قوية أم ضعيفة، غنية أم فقيرة.
وأوضح أن المجتمع الدولي يتطلع لأن تلعب مبادرة التنمية العالمية المطروحة من قبل الصين دورا أكبر في المستقبل، حيث رحبت الدول الأفريقية بالمبادرة إدراكاً منها بالدور الذي لعبته الصين في أجندة التحول التنموي بأفريقيا منذ فترة طويلة، مشيرا إلى أن السودان يرنو إلى تعزيز التعاون في إطار مبادرة التنمية العالمية التي توفر حلولاً مستدامة للقارة الأفريقية وتتماشى مع رؤى التنمية والتخطيط المستقبلي للعديد من الدول النامية.
وعبر صديق عن تقديره لمبادرة الأمن العالمي الصينية التي تؤكد على التزام الصين بالحفاظ على السلام العالمي وتتماشى مع أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وتتوافق مع مصالح وشواغل عدد كبير من البلدان النامية وتوفر منظورا جديدا لمواجهة تحديات الأمن العالمي، سيما وأنه في هذه الفترة تعاني الشعوب في العديد من دول العالم من ويلات الحروب والأوبئة إلى جانب المشاكل الاقتصادية العالمية مما يعزز من دور تلك المبادرة.