مقالة خاصة: الصين تحقق تقدما قويا في حماية مواردها المائية

وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:

في كل عام، تتوقف ملايين الطيور للراحة عند مصب النهر الأصفر أثناء هجرتها، بينما يختار بعضها البقاء لقضاء فصل الشتاء والتكاثر.

وعلى دلتا النهر التي تبلغ مساحتها 153 ألف هكتار وتقع في دونغيينغ بمقاطعة شاندونغ شرقي الصين، توجد مساحات شاسعة من نباتات سوايدا سالسا ذات اللون الأحمر الناري تضم المئات من أنواع الطيور، بما في ذلك اللقالق البيضاء الشرقية النادرة.

ومثل هذه المشاهد شائعة في الصين حيث اتخذت البلاد خطوات قوية لحماية مواردها المائية واستعادة النظم البيئية المتناغمة.

ولدى الصين الآن أنهار وبحيرات أكثر نظافة، وتعود الطيور والدلافين إلى الظهور، حيث احتفلت البلاد باليوم العالمي الـ 31 للمياه في 22 مارس الجاري وتحتفل حاليا بالأسبوع الصيني الـ 36 للمياه في الفترة من 22 إلى 28 مارس الجاري، حيث تم تحقيق إنجازات ملحوظة واتخاذ إجراءات ملموسة.

 

المياه الصافية

تعتبر المياه الصافية أمرا بالغ الأهمية لعمل الصين في مجال حماية البيئة، حيث تعهدت البلاد في عام 2018 بمعالجة تلوث الهواء والمياه والأراضي، وحققت نتائج مرضية على مدى السنوات الماضية، مع استمرار انخفاض تصريف الملوثات وتحسين مستويات جودة المياه.

وشكلت المياه السطحية عالية الجودة، التي وصلت أو تجاوزت جودتها المستوى الثالث في نظام الصين المكون من خمسة مستويات، 87.9 في المائة من إجمالي المياه السطحية بالبلاد في العام الماضي، ارتفاعا من 67.9 في المائة قبل خمس سنوات.

وتحتوي جميع المجارى الرئيسية لنهر اليانغتسي، أطول ممر مائي في البلاد، على مياه عالية الجودة من الدرجة الثانية منذ ثلاث سنوات متتالية، ووصل مستوى جودة المياه بالنهر الأصفر، ثاني أطول ممر مائي في الصين، إلى الدرجة الثانية لأول مرة في عام 2022.

وانخفض المقياسان الرئيسيان لتلوث المياه، الطلب على الأكسجين الكيميائي ونيتروجين الأمونيوم، بنسبة 3.7 في المائة و 5.5 في المائة على التوالي على أساس سنوي في عام 2022.

وفي هذا السياق؛ قال لي قوه يينغ وزير الموارد المائية، إن الصين نفذت نظامها المميز المسمى باسم نظام “رئيس النهر”، وأطلقت برنامج تأهيل “النهر الأم”، وسيطرت على الاستغلال المفرط للمياه الجوفية، مؤكدا على أهمية إجراءات حماية المياه، وذلك خلال مقابلة مع صحيفة “تشاينا ديلي”.

وقال لي: “لقد تم تجديد المزيد والمزيد من المسطحات المائية وأحواض الأنهار. وعادت المياه لتتدفق، مرة أخرى، في العديد من الأنهار التي ظلت جافة في السابق لفترات طويلة من الزمن”.

 

حماية “الأنهار الأم”

مع ارتفاع درجة حرارة الطقس، استقبلت الطيور التي تعيش في حديقة الأراضي الرطبة في بحيرة جينهو في مقاطعة هوبي بوسط الصين، موسم تكاثرها، حيث كثف لي تشاو تشيون، وهو مسؤول إيكولوجي، مؤخرا دورياته في الأراضي الرطبة التي تربط نهر اليانغتسي.

ومن جانبه؛ قال لي إن البحيرة كانت ملوثة بسبب الإفراط في تربية الأسماك، ولكنها أصبحت حديقة خلفية جميلة لنهر اليانغتسي بفضل الجهود الحثيثة للقضاء على التلوث واستعادة البيئة المحلية.

وأظهرت التغييرات التي تحدث في بحيرة جينهو جهود الصين العظيمة في الحفاظ على نهر اليانغتسي والنهر الأصفر.

وقبل عامين، طبقت الصين قانون حماية نهر اليانغتسي، وهو أول تشريع لحوض نهر معين، وقد شهد تقدما إيجابيا.

وفي عام 2021، كانت 97.1 في المائة من أقسام مجري نهر اليانغتسي تحتوي على مياه ممتازة أو جيدة النوعية، حيث أدى حظر الصيد لمدة 10 سنوات الذي تم إطلاقه في عام 2021 إلى زيادة أعداد الكائنات المائية النادرة، بما في ذلك دلافين اليانغتسي الخالية من الزعانف، وهي من الأنواع المهددة بالانقراض وتُعرف باسم “باندا المياه العملاقة”.

ومن ناحية أخرى؛ يظل الحفاظ على النهر الأصفر، الذي يوفر المياه لـ 12 في المائة من سكان الصين ويروي 17 في المائة من أراضيها الصالحة للزراعة، أيضا على رأس جدول أعمال البلاد.

وشهد النهر، الذي كان يعاني من تآكل التربة، تقدما مطردا في إعادة بناء بيئته الإيكولوجية. وبفضل زيادة التحريج جزئيا، ارتفع معدل الحفاظ على التربة والمياه في حوض النهر من 41.49 في المائة في عام 1990 إلى 66.94 في المائة في عام 2020، ثم إلى 67.37 في المائة في عام 2021.

وسيدخل قانون حماية النهر الأصفر، الذي تم اعتماده في 30 أكتوبر 2022، حيز التنفيذ في أول أبريل القادم. وقال يوي تشي يانغ، المسؤول في وزارة الموارد المائية، إن القانون سيعطي دفعة قوية للحماية الإيكولوجية والتنمية عالية الجودة بحوض النهر الأصفر.

 

الحوكمة الفعالة للمياه

وبمثابرة الصين على حماية الموارد المائية، حسنت البلاد قدرتها على حوكمة المياه من خلال تحقيق التوازن بين اقتصادها وبيئتها.

ومع محافظة الاقتصاد الصيني على نمو مطرد، ظل الاستهلاك السنوي للمياه في البلاد أقل من 610 مليارات متر مكعب لسنوات عديدة. وانخفض استخدام البلاد للمياه لكل 10000 يوان من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 بنسبة 46.5 في المائة مقارنة مع عام 2012، حيث انخفض استخدامها للمياه لكل 10000 يوان من القيمة المضافة الصناعية بنسبة 60.4 في المائة.

ومع تكثيف جهود الحماية البيئية لنهر اليانغتسي، ظل الحزام الاقتصادي للنهر نابضا بالحيوية، حيث ساهم بنسبة 46.6 في المائة من إجمالي الناتج الاقتصادي للبلاد في عام 2021.

كما تنعكس التحسينات في إدارة الموارد المائية في الصين في نجاح البلاد في توفير المياه للمناطق والسكان المحتاجين إليها.

ومن خلال مشروع تحويل المياه على نطاق واسع، تم نقل أكثر من 60 مليار متر مكعب من المياه من الأنهار الرئيسية في جنوبي الصين إلى الشمال المعرض للجفاف، مما أفاد أكثر من 150 مليون شخص، حيث بدأ تشغيل أول خطين لهذا المشروع في عامي 2013 و 2014 على التوالي، بينما يجري حاليا التخطيط للخط الثالث.

كما تم ضمان إمدادات المياه المنزلية في الصين بشكل أكبر، حيث يمكن لـ87 في المائة من سكان الريف في البلاد حاليا استخدام مياه الصنبور، ارتفاعا من 65 في المائة في عام 2012.