مقالة خاصة: المستخدمون الأمريكيون يدافعون عن ((تيك توك)) ويسخرون من هستيريا المشرعين الأمريكيين
وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:
قام المشرعون الأمريكيون في وقت سابق من هذا الأسبوع بحيلة سياسية فظيعة لتصوير ((تيك توك))، وهي شركة وسائط اجتماعية لمشاركة مقاطع الفيديو، على أنها تهديد للأمن القومي.
والواقع أن الاستجواب الذي جرى في الكونغرس واستمر لما يقرب من ست ساعات، للرئيس التنفيذي لشركة ((تيك توك)) شو تسي تشو ترك المرء يتساءل عن المغزى من جلسة الاستماع هذه بخلاف فضح عدم كفاءة بعض أعضاء الكونغرس.
وعلى الرغم من جلسة الاستجواب بالكونغرس، تلقت ((تيك توك)) دعما ثابتا من عدد لا يحصى من مستخدميها الأمريكيين، الذين دافعوا عن براءة ((تيك توك))، وأعربوا عن دعمهم لها وسخروا من هستيريا المشرعين وجهلهم في جلسة الاستماع.
— هستيريا سياسية
تركزت جلسة الاستماع، التي استمرت لقرابة ست ساعات وعقدتها لجنة الطاقة والتجارة بمجلس النواب، حول خصوصية البيانات وحماية الأطفال، والتي عرض فيها تشو على أعضاء اللجنة من الحزبين الخطوات التي تتخذها ((تيك توك)) لمعالجة المخاطر المثيرة للقلق ذات الصلة.
وطوال جلسة الاستماع، لم يهتم المشرعون بالتفسير الذي قدمه تشو ولم يصدقوه. وبدلا من ذلك، ركزوا بشكل أعمى على توجيه رسالة للوطن مفادها أن تيك توك تشكل تهديدا لخصوصية البيانات الخاصة بـ150 مليون مستخدم أمريكي والأمن القومي الأمريكي.
ومع الافتقار إلى الأدلة، فإن الحجة الوحيدة التي ساقها المشرعون لوصف تيك توك بأنه التطبيق الذي لابد من حظره هو أن شركته الأم، ((بايت دانس))، تعمل في الصين. ومع تجاهلهم إلى أن شركة ((بايت دانس)) هي شركة خاصة، ظل المشرعون متمسكين بمنطق لا يمكن قبوله مفاده أن الشركات العاملة في الصين لابد أن تلتزم بتوجيهات الحكومة الصينية.
لم يسمح أعضاء الكونغرس بأي تفسير آخر من تشو يتجاوز الإجابة بـ”نعم” أو “لا” على أسئلتهم المريبة. ربما كانوا يخشون من أن إعطاء تشو فرصة واحدة للخوض في التفاصيل سيقوض الرسالة التي حاولوا نقلها إلى الجمهور، ويفضح نفاقهم أمام أولئك الذين يشاهدونهم من كل أنحاء العالم.
ومن الأمثلة الصارخة على ذلك أن رئيسة اللجنة، عضوة الكونغرس الجمهورية كاثي روجرز التي تمثل ولاية واشنطن، حثت تشو على الاعتراف بأن ((بايت دانس)) و((تيك توك)) استخدمتا تكتيكات معينة “للتجسس” على الأمريكيين.
وفي رده، اعترض تشو على توصيف التجسس الذي أطلقته روجرز، ولكنه قوبل بمقاطعة على الفور من روجرز، التي كادت تفقد أعصابها عندما قالت “أريد أن أسمعك تقول بيقين مائة بالمائة” أن ((تيك توك)) لن تشارك في أنشطة مراقبة ضد الأمريكيين.
وبعد أن رفضت إعطاء تشو فرصة الإدلاء بمزيد من التصريحات لأنها إن لم تفعل ذلك لن يكون لديها الوقت الكافي لتصدر تصريحاتها التي كانت حريصة على نشرها، سارعت روجرز إلى استنتاج أن ((تيك توك)) “سلاح” ضد الأمريكيين.
وقد حدثت مقاطعات مماثلة عدة مرات خلال الجولات اللاحقة من الحديث المتبادل بين تشو وأعضاء اللجنة الآخرين. وطرحت اللجنة أسئلة كان لديها بالفعل إجابات عليها ليس لأنهم فضوليون حول كيفية تعامل ((تيك توك)) مع القضايا المثيرة للقلق. بل أرادوا ببساطة أن يتفق تشو مع أحكامهم — ومعظمها، للأسف، ذاتية وخيالية.
تجبر الحكومة الأمريكية ((تيك توك)) على الانفصال عن ((بايت دانس)) وعلى أن يتم الاستحواذ عليها من قبل شركة أمريكية، وإلا فإنها ستواجه حظرا على مستوى البلاد.
وعندما سُئل تشو في جلسة الاستماع عما إذا كانت شركته ستمتثل لشرط سحب الاستثمارات، قال للمشرعين إن الملكية ليست هي القضية. “مع الكثير من الاحترام: شركات التواصل الاجتماعي الأمريكية ليس لديها سجل جيد فيما يتعلق بالخصوصية وأمن البيانات. أعني، وانظروا إلى فيسبوك وكامبريدج أناليتيكا”، مشيرا إلى ما تم كشفه في عام 2018 بأن بيانات مستخدمي فيسبوك تم جمعها سرا من قبل شركة استشارية سياسية بريطانية.
وعلى نحو مماثل، أدت هذه الفضيحة إلى تحقيقات مكثفة في الكونغرس، اشتملت على شهادة من قِبل الرئيس التنفيذي لشركة ((فيسبوك)) مارك زوكربيرغ أمام كل من مجلسي النواب والشيوخ.
وبينما رفضت اللجنة تفسير تشو المتعلق بوجود افتقار شامل لحماية خصوصية البيانات في صناعة التكنولوجيا بالولايات المتحدة، وجدت صحيفة ((واشنطن بوست)) أن وجهة نظر تشو ليست صحيحة فحسب، وإنما تستحق أيضا التأمل من قبل المشرعين المشاغبين.
وذكرت الصحيفة أنه “في جلسة الاستماع التي غالبا ما تم فيها تصوير ((تيك توك)) على أنه تهديد منفرد لا يمكن قبوله لخصوصية الأمريكيين على الإنترنت، كان من السهل نسيان أن مشاكل الخصوصية في البلاد على الإنترنت أعمق بكثير من أي تطبيق واحد. وإن الأشخاص الذين يتحملون أكبر مسؤولية عن الفشل في حماية بيانات الأمريكيين، يمكن القول، أنهم المشرعون الأمريكيون”.
وأضاف تقرير الصحيفة “لكن التسويات المطلوبة لتمرير تشريعات كبيرة يمكن أن تكون مكلفة سياسيا، في حين لا يكلف الاحتجاج على ((تيك توك)) شيئا”.
— دعم جماهيري
لم يأبه مستخدمو ((تيك توك)) في جميع أنحاء الولايات المتحدة بالنقد الذي وجهه ممثلوهم في الكونغرس لتطبيقهم المحبوب. بعد جلسة الاستماع، وصف أحد منشئي المحتوى المنشور على تيك توك في حديث له على موقع “@notnotnotrekcut_” جلسة الاستماع بأنها “مروعة ” و”قمامة ساخنة”.
وقال في مقطع فيديو آخر إنه بما أنه تعلم الكثير من ((تيك توك))، بدءا من النصائح الصحية إلى مهارات إدارة الثروة، فإنه لن يعود إلى مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى التي كان يستخدمها في يوم من الأيام، مضيفا “أنا أقف إلى جانب تيك توك قلبا وقالبا”.
وتحت مقاطع الفيديو التي نشرها تشو، الذي يطلق على حسابه اسم “@shou.time”، هناك عدد لا يحصى من التعليقات من مستخدمي ((تيك توك)) لدعم الرئيس التنفيذي والتطبيق. جاء في أحد التعليقات أنه: “بغض النظر عن النتيجة، شكرا لكم على إنشاء مثل تلك المنصة للعالم. إن الترابط الذي قدمتموه لنا لن ينسى”.
وجاء في رسالة أخرى نشرها تشو في شريط فيديو منفصل “اعتذر نيابة عن الكونغرس الأمريكي. أنتم رائعون”.
وفي يوم الثلاثاء، نظم حوالي 30 من مستخدمي ((تيك توك)) مظاهرة خارج مبنى الكونغرس الأمريكي، مطالبين الحكومة الأمريكية بمواصلة السماح باستخدام ((تيك توك)) من قبل الجمهور الأمريكي، لأن إبداعاتهم الفنية، وتعليمهم، وتعبيرهم عن آرائهم، وأمور أكثر من ذلك بكثير يجنون بها رزقهم تعتمد وتزدهر إلى جانب المنصة. وقابلوا في وقت لاحق المشرعين وعقدوا مؤتمرا صحفيا مع جمال بومان، عضو الكونغرس الديمقراطي الذي يمثل نيويورك.
“لماذا الهستيريا والذعر واستهداف ((تيك توك))؟” هكذا سأل بومان وهو يقف خلف منصة مزينة بعبارة ((ابقوا على تيك توك)). وقال “دعونا لا نهمش ونستهدف ((تيك توك))”، وذلك قبل أن يشير إلى أن مخاطر الأمن القومي، التي اتُهمت ((تيك توك)) بأنها تشكلها، تتقاسمها منصات أمريكية مشهورة، بما فيها فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب وتويتر.
وقال بومان إنه بدلا من إجراء “مناقشة غير شريفة” تحث على حظر ((تيك توك))، فإن ما يتعين على المشرعين القيام به حقا هو إجراء “مناقشة شاملة” حول الجهود التشريعية الأوسع نطاقا اللازمة لحماية البيانات على الإنترنت، بحيث يتم ضمان سلامة وأمن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
وذكر “يمكنك حظر ((تيك توك))، ولكن هذا لن يمنع على الإطلاق” وسطاء البيانات “من بيع بيانات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي دون معرفة وموافقة المستخدمين.
وردا على سؤال خلال مؤتمر صحفي دوري عُقد يوم الجمعة للتعليق على الشهادة التي أدلى بها تشو، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ “إن الحكومة الأمريكية لم تقدم أي دليل أو برهان على أن ((تيك توك)) تهدد الأمن القومي الأمريكي، لكنها قمعت وهاجمت الشركة بشكل متكرر على أساس افتراض الذنب”.
وذكرت أنه “يتعين على الولايات المتحدة أن تحترم بجدية مبادئ اقتصاد السوق والمنافسة العادلة، وتتوقف عن قمع الشركات الأجنبية، وتوفر بيئة منفتحة ونزيهة وعادلة وغير تمييزية للشركات الأجنبية العاملة في البلاد”.
ورأى الخبراء أنه إذا تحركت إدارة جو بايدن لحظر ((تيك توك)) على الصعيد الوطني، فمن شبه المؤكد أن مثل هذا الأمر التنفيذي سيقابل بالطعن من قبل أولئك الذين يعارضونه، مشيرين إلى انتهاك الإجراء لحق المواطن الأمريكي في حرية التعبير المنصوص عليه في التعديل الأول.
فقد كانت هناك سابقة حدثت مؤخرا وهي أن: حظرا لـ((تيك توك)) أصدره الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب في عام 2020، واجه دعاوى قضائية متعددة، وفي النهاية أوقفه قاض فيدرالي أمريكي، حكم بأن قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية الذي اعتمد عليه الحظر غير قابل للتطبيق في هذه القضية، لأن الحظر سيقيد فعليا حرية تدفق المعلومات.
ونقلت الصحيفة عن ويليام راينش من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، وهو مركز بحثي مقره واشنطن، قوله إن “القانون يقول إنه مهما كان ما سيفعله بايدن فإنه لا يمكن أن يعيق تدفق المعلومات”. وراينش هو أيضا مسؤول سابق في وزارة التجارة الأمريكية.
وذكرت الصحيفة، نقلا عن شخص مطلع، أن مسؤولي إدارة بايدن لا يعتقدون أن لديهم السلطة القانونية لحظر ((تيك توك)) دون إجراء من الكونغرس.