أستاذة سورية تدرّس اللغة العربية في الصين: لغة الضاد ستصبح لغة هامة يقبل عليها الكثير من الشباب الصينيين مستقبلا
15 سنة من الحب … عاشتها سلمى إبراهيم، أستاذة اللغة العربية من سورية، بين جبال الصين وأنهارها بعيون التواقين للعلم والمعرفة، لتعليم لغة الضاد لطلابها الصينيين.
بدأت سلمى في تعليم اللغة العربية والثقافة العربية والإسلامية في جامعة سيتشوان للدراسات الدولية منذ عام 2008، وكانت شاهدة على التطور المذهل الذي حققه واقع تعليم اللغة العربية في الصين في هذه السنوات. وقالت إن اللغة العربية ستصبح خياراً جيداً أمام المزيد من الشباب الصينيين ليتعلموها ويذهبوا بعد ذلك إلى البلاد العربية للتعرف على الثقافة العربية عن قرب.
– “المتحمس المجتهد” الذي يتغلب على الصعوبات
عندما سُئلت عن انطباعها حول الطلاب الصينيين الذين يدرسون اللغة العربية، ردت سلمى بكلمتين رئيسيتين هما: “المتحمس” و”المجتهد”، حيث وصفتهم بـ “المتحمسين”، بالنظر لما يمتلكونه من الحماسة والدافع لتعلم اللغة، وبأنهم “شباب يُكنّون كل الحب والاحترام والتقدير للثقافة العربية، والحضارة العربية، واللغة العربية، كما ويهتمون بأخبار العالم العربي” في عيني سلمى.
إلا أن الحماسة وحدها لا تكفي لدراسة اللغة والتعمق فيها أبداً، فلا بد من وجود صعوبات خلال تعلم اللغة العربية، خاصة بالنسبة لغير الناطقين بها. وحول ذلك قالت سلمى: “قد يواجه الطلاب الصينيون بعض الصعوبات في التمييز بين المد القصير والمد الطويل، وبين حرف الراء وحرف اللام”.
وأعربت سلمى عن ثقتها بقدرة الطلاب الصينيين على تجاوز هذه الصعوبات عن طريق التدريب والاجتهاد المستمرين، مشيرة إلى ما يتميز به الطالب الصيني من دأب واجتهاد ومثابرة في الدراسة، خاصة وأن الحكومة الصينية تشجع على تعلم اللغات، ما يدفع الطالب الصيني للجد والاجتهاد ليل نهار، مدفوعاً بحافز قوي لإتقان اللغة العربية بشكل عام لصنع مستقبل أفضل له.
– آفاق متفائلة بفضل تزايد الاهتمام الحكومي
باتت الحكومة الصينية تولي اهتماما أكبر لتعليم اللغة العربية في الصين، ولا سيما في ظل مبادرة “الحزام والطريق” التي ساهمت في تعميق التبادل بين الحضارتين الصينية والعربية. وفي الوقت الراهن، يشهد تعليم اللغة العربية في الصين نشاطا مكثفا، حيث أنشأت أكثر من 50 جامعة ومعهدا في الصين أقساما متخصصة لتدريس اللغة العربية.
وتعتقد سلمى أن اللغة العربية لديها آفاق رحبة للتطور في الصين مستقبلا بفضل تزايد اهتمام الحكومة الصينية والتعمق المستمر للعلاقات بين الصين والدول العربية، وقالت بخصوص ذلك: “كيف لا، واللغة العربية هي من اللغات الست الرسمية في الأمم المتحدة، وهناك علاقات ودية وتبادلات تجارية بين الأمة العربية وبين الأمة الصينية منذ القديم”.
تهتمّ الجامعات الصينية بتدريس اللغة العربية، وتحديث المناهج وإرسال طلابها إلى الدول العربية، إلى جانب زيادة الكفاءات للمدرسين في أقسام اللغة العربية، حسبما قالت سلمى، مضيفة بأن الأساتذة العرب في الصين وزملاءهم الصينيين يعملون معا في الوقت الحاضر لخلق جو مريح للطالب المتعلم للغة العربية.
– المزيد من التواصل والتبادل العلمي والثقافي
وباعتبارها رسولا للتواصل والتبادل العلمي والثقافي بين العالم العربي والصين، كرّست سلمى نفسها، على مدار 15 سنة مضت منذ مجيئها إلى الصين، لإعداد الطلاب المتمكنين لتعزيز التواصل والصداقة على المستوى الشعبي بين الصين والدول العربية.
وبدورها، قامت سلمى بإعداد مجموعة من الكتب التي تناسب الطالب الصيني الدارس للغة العربية، وإطلاق برامج مشتركة بالتعاون مع جامعات عربية. وتكريما للخدمة المتميزة والمساهمة في التعليم في الصين، منحت الهيئة الوطنية الصينية للخبراء الأجانب “جائزة المعلم الدولي في الصين” لسلمى في عام 2018.
وصرحت سلمى بأنها تخطط لإقامة علاقات مع المزيد من الجامعات العربية، كما ستعمل لإنشاء مركز ثقافي عربي في جامعة سيتشوان للدراسات الدولية، بالإضافة إلى زيادة التبادلات الطلابية بين الطرفين مستقبلا ضمن مساعيها لإقامة جسور للتواصل بين الصين وبين الدول العربية، معربة عن تطلعها لأن يصبح طلابها رسل محبة وجسوراً للصداقة بين الدول العربية والصين.