تعليق:هل يمكن تحويل سيوف الأزمتين السورية والنووية الإيرانية إلى محاريث ؟
صحيفة الشعب الصينية:
شهدت منطقة الشرق الأوسط العديد من الأخبار الطيبة خلال الفترة الأخيرة. ففي 14 ابريل الحالي، اعتمد مجلس الأمن بالإجماع قرار رقم 2042 القاضي بإرسال 30 مراقبا عسكريا غير مسلحين إلى سوريا، تكون مهمتهم الإشراف على وقف أعمال العنف من جانب جميع الأطرف في سوريا، ومراقبة وضع تنفيذ لخطة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية المشترك إلى سوريا كوفي عنان المتكونة من ست نقاط. وسيكون هؤلاء المراقبون مقدمة لإرسال مراقبين آخرين في وقت لاحق. كما وصل فريق المقدمة إلى دمشق في وقت متأخر من مساء يوم 16 ابريل الحالي، وبدأ مراقبة وقف إطلاق النار. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أن مجلس الأمن وضع خطط ملموسة، وطلب نشر 250 مراقبا.
وفي اليوم نفسه، عقدت إيران ومجموعة الست التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين جولة جديدة من المحادثات النووية في اسطنبول بعد 15 شهرا من انعقاد جولة المحادثات النووية السابقة. وقال جميع الأطراف المشاركة أن محادثات اسطنبول النووية بناءة ومفيدة، وتم الاتفاق على عقد الجولة المقبلة في 23 مايو المقبل في بغداد العاصمة العراقية. وقال كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين سعيد جليلي، إن جميع الأطراف المشاركة لاحظت تقدما في المحادثات، وعلى الرغم من أن هناك خلافات إلا أنه تم تحقق توافق هام. وإذا حافت الأطراف على موقف التعاون الحالي،فإنه سوف يتم توقيع اتفاق تعاون في محادثات في بغداد، وبداية رسمية للتعاون.
ارتفعت درجة حرارة أزمة سوريا والقضية النووية الإيرانية لبعض الوقت إلى درجة غير قابلة للهبوط،ولا تزال هذه التغيرات تؤثر على الوضع في الشرق الأوسط والوضع الدولي من حيث كيفية التعامل مع الخلافات. وعلى الرغم من كلا الطبعتين مختلفتين إلا أن لديهما تناقضات عميقة الجذور، وفترة تخمير ليست قصيرة. مما يصعب تحقيق الإصلاح بين عشية وضحاها، بل يستدعي ذلك عملية طويلة وصعبة. كما لا يمكن الحصول على فجر قبل انقشاع الظلام، ولا يمكن أن يتبادر في الأفق فجر الأزمتين السورية والإيرانية للوهلة الأولى، بل كلما تطور الوضع إلى درجة تتعلق بالمصالح الجوهرية للأطراف، زادت الصراعات أكثر حدة وصعب التنسيق.
إن وقف إطلاق النار في سوريا لا يزال هشا نسبيا في الوقت الحالي، وإن فقط بالحوار السياسي الشامل هو المفتاح التالي لضمان استمرار وقف إطلاق النار. وفي الوقت الحاضر، يناقش مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية المشترك إلى سوريا كوفي عنان المعارضة السورية، بهدف المساعدة لإنشاء آليات الحوار مع السلطات. وبطبيعة الحال لا تزال هناك بعض البلدان لا تريد التخلي عن المشاركة في المحاولات الرامية إلى التغيير في سوريا، مما يؤدي إلى تعقيد المشكلة و يجعل التوصل إلى حل الوسط صعب للغاية.
تعتقد الولايات المتحدة ودول غربية أخرى أن إيران تتآمر لصناعة الأسلحة النووية باسم برنامج إيران النووي المدني،وأن إيران خصبت سرا اليورانيوم إلى درجة نقاء 20%، المستوى الذي يقربها بشدة من المواد التي تستخدم في صنع أسلحة نووية. لكن إيران من جهتها تنفي ذلك بشدة. وسوف يركز الجانبين على هذا الموضوع خلال المفاوضات المقبلة، ويشمل التحقيق في المسألة أيضا. وقبل ذلك،كثفت الولايات المتحدة والدول الأوروبية العقوبات المفروضة على إيران،وهو لا يكمن فقط في الحظر النفطي، بل قطع شريان الحياة الاقتصادية في إيران. وقد اقترحت الأخيرة رفع العقوبات لأجل التعاون.في حين أن إسرائيل أصدرت تهديدات متكررة مؤخرا بشن هجوم عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية. وفي ظل هذه العوامل فإنه يصعب للقضية الإيرانية أن ترى النور خلال فترة قصيرة.
لقد كان للصين مشاركة عميقة في المسالتين الساخنتين المذكورتين أعلاه. والصين لا يمكن أن تنفصل عن الخارج في ظل توسيع نطاق مصالحها،بل تلتزم بتقديم المشورة وتشجيع المساعدات، والمشاركة في المساعي الحميدة للتسوية السلمية للمشكلة، ولا يقتصر الأمر على موقفها المسؤول، ولكن أيضا الخيار الأفضل لحماية مصالح الصين. وقال لي باو دونغ المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة في بيانه الذي ألقاه في الجمعية العامة الأمم المتحدة،أن الصين تأمل من هذا الفريق المتقدم الاحترام الكامل لسيادة سوريا والعمل بموضوعية ونزاهة والالتزام بتفويض مجلس الأمن الدولي والالتزام بالحياد، ودعوة المجتمع الدولي مواصلة دعم جنود كوفي عنان. وقال رئيس الوفد الصيني المشارك في محادثات اسطنبول حول القضية النووية الإيرانية ما تشاو شو،أن الصين تأمل في أن تكون البداية الطيبة للمحادثات النووي الإيرانية خطوة جيدة. وإن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع الأطراف الأخرى،وتواصل في لعب دور بناء للوصول إلى حل معقول وسلمي للقضية النووية الإيرانية.
إن حل الأزمتين السورية والنووية الإيرانية لا يكون إلا بالدبلوماسية والحوار الفعال، وطالما أبدت جميع الأطراف حسن النية الذي يعتبر روح حل المشكلة ومبدأ حل المنازعات، فإن العثور على أساليب وطرق تحويل السيوف إلى محاريث بات ممكنا.