مقالة خاصة: كيف تسعى الصين إلى تحسين الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان من أجل عالم أفضل
إن الصين مستعدة لبذل جهود مشتركة مع بقية العالم للعمل على أساس المبادئ المنصوص عليها في إعلان وبرنامج عمل فيينا، والدفع من أجل مزيد من الإنصاف والعدالة والعقلانية والشمول في الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان، وتعزيز تنمية مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.
ما كتبه الرئيس الصيني شي جين بينغ في رسالة التهنئة التي وجهها إلى منتدى الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان الذي افتتح في بكين يوم الأربعاء يعبر مرة أخرى عن الأهمية التي توليها الصين لقضية حقوق الإنسان العالمية.
على مدى عقود، التزمت الصين برفع رفاه شعبها وعملت في الوقت ذاته على تحسين الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان، وكلاهما يحظى بإشادة كبيرة من المجتمع الدولي.
— تحول مذهل
عاش القرويون في جبل داليانغ بمقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين، حياة الفقر قبل ست سنوات، إذ عانوا خلالها بسبب عدم استقرار إمدادات الطاقة الكهربائية والافتقار إلى الأجهزة الكهربائية الأساسية.
ولكن الأمور تغيرت. فالآن أُعيد بناء الطريق المؤدي إلى القرية، وانتقل القرويون الفقراء إلى منازل بُنيت حديثا ومجهزة بمواقد وغسالات كهربائية.
“إنه لتغيير هائل. لم أكن لأحلم بذلك قط”، بابتهاج شديد هكذا عبر بولي موكي، وهو قروي يعيش في المنطقة الجبلية.
إن هذا التحول المبهر صار ممكنا بفضل جهود الصين للتخفيف من حدة الفقر، والتي قضت على الفقر المدقع بحلول فبراير 2021. فقد انتشلت أكثر من 700 مليون من سكانها من براثن الفقر على مدى أكثر من 40 عاما من الإصلاح والانفتاح، وأسهمت إسهاما كبيرا في قضية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
وبالإضافة إلى ذلك، أنشأت الصين أكبر أنظمة التعليم والضمان الاجتماعي والرعاية الصحية في العالم، بما يضمن تلبية الاحتياجات الأساسية لسكانها. كما عززت المساواة في الحقوق والحماية الخاصة لفئات محددة، تشمل الأقليات العرقية والنساء والأطفال والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة.
يمكن أن نجد أحد أفضل الأمثلة على ذلك في منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم بشمال غرب الصين، حيث تتمتع المجموعات العرقية بإمكانية كافية للوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والأنشطة الثقافية.
ومن جانبها قالت سنام إبرايم، وهي مدرسة في مدرسة ريفية بشينجيانغ، إن المدارس الريفية هنا، التي تم تجديدها إلى جانب تحسين التدريس فيها، ساعدت العديد من الطلاب في الحصول على القبول في التعليم العالي.
في نظر الكثيرين، يعد التقدم المتمحور حول الشعب في الصين إنجازا كبيرا في مجال حقوق الإنسان، ويضع نموذجا جديدا.
وقال رئيس وزراء غويانا السابق موسى ناجاموتو إن مفهوم الصين لحقوق الإنسان المتمحور حول الشعب يمكن أن يكون وسيلة تنوير للدول الأخرى.
أما ليوناردو سانتوس سيماو، وزير خارجية موزمبيق الأسبق، فأشار إلى أن الصين ضمنت الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لشعبها خلال تنميتها.
— دولة تبذل جهودا
قال إيمانويل نيزيغيمانا، وهو بوروندي في الثلاثينيات من العمر، “بفضل إنتاج جيد للأرز استطعنا تحقيقه بفضل جلسة تدريب على أنواع الأرز الصيني بشكل عام والأرز الهجين على وجه الخصوص، يستمتع أعضاء تعاونيتنا بما تحقق على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي”.
كان نيزيغيمانا، وهو رئيس تعاونية مقرها مقاطعة بوبانزا في بوروندي، من بين الطلاب الذين تلقوا تدريبا على زراعة الأرز تحت قيادة خبير صيني متخصص في زراعة الأرز يدعى يانغ هوا ده.
ذكر نيزيغيمانا أن الإنتاج الذي كان أقل من أربعة أطنان مع زراعة صنف الأرز المحلي للهكتار زاد الآن ليصل إلى ما يتراوح بين 9 و10 أطنان للهكتار مع زراعة الأرز الصيني، مضيفا أن “أصناف الأرز الصينية أيضا مقاومة للأمراض وذلك على عكس الأصناف المحلية”.
وقد أتاح التدريب الفرصة لإلقاء نظرة ثاقبة قيمة على تأثير مبادرات الصين المخصصة لحماية وتعزيز الحق في الحياة والتنمية. فهذه الجهود مفيدة في تحسين رفاه الناس في البلدان بجميع أنحاء العالم.
لنأخذ مبادرة الحزام والطريق مثالا على ذلك. فقد ولدت المبادرة، التي اقترحتها الصين في عام 2013، استثمارات تصل قيمتها إلى حوالي تريليون دولار أمريكي، وخلقت نحو 420 ألف فرصة عمل في جميع أنحاء العالم، وساعدت على انتشال ما يقرب من 40 مليون شخص من براثن الفقر في غضون عقد من الزمان. وذكر تقرير للبنك الدولي أن المبادرة يمكن أن تعزز التجارة بواقع 2.8 لتصل إلى 9.7 في المائة بالنسبة للبلدان المشاركة فيها وبواقع 1.7 لتصل إلى 6.2 في المائة بالنسبة للعالم بأسره.
وعلاوة على ذلك، حظيت مبادرة التنمية العالمية التي طرحتها الصين في سبتمبر 2021 بدعم أكثر من 100 دولة والعديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة. وانضمت نحو 70 دولة إلى مجموعة أصدقاء المبادرة. واقترحت الصين في أبريل من العام الماضي مبادرة أخرى، وهي مبادرة الأمن العالمي، لتعزيز الأمن المشترك.
وقالت الصين إنها ستعمل جاهدة للإسهام بحكمتها وحلولها في قضية السلام والتنمية من أجل البشرية جمعاء. وفي هذا الصدد، تتفق أفعال الصين مع أقوالها، هكذا ذكر كيث بينيت، المتخصص في الشؤون الصينية منذ فترة طويلة ونائب رئيس مؤسسة ((نادي مجموعة 48)) البريطانية.
وأشار بينيت إلى أن الصين تستطيع طرح مقترحات وآليات وحلول تتمتع بجاذبية عالمية.
— إثراء القضية العالمية
في أوائل نوفمبر 2017، وافقت لجنة نزع السلاح والأمن الدولي التابعة للدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروعي قرارين بشأن منع سباق التسلح في الفضاء الخارجي. وقد تضمن كلاهما لأول مرة عبارة “بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية”.
ومنذ ذلك الحين، كُتبت الرؤية التي طرحتها الصين في المزيد من قرارات الأمم المتحدة وأصبحت عنصرا أساسيا في الخطاب العالمي لحقوق الإنسان.
واستنادا إلى هذه الرؤية، أنشأت الصين نظرة لحقوق الإنسان يكون فيها “الشعب” محورا، و”التنمية” قوة دافعة، و”حياة ملؤها الاكتفاء” هدفا من خلال التقدم المستمر، وإثراء قضية حقوق الإنسان العالمية.
وفي هذا الصدد ذكرت ماريا فرانشيسكا ستايانو، مديرة مركز دراسات الصين بمعهد العلاقات الدولية بجامعة لا بلاتا الوطنية، أن الصين تتبع نهجا متمحورا حول الشعب، يتصور “رؤية عالمية من خمسة في واحد” تضم “السياسة والأمن والاقتصاد والثقافة والبيئة”.
وقالت “إنها نقاط رئيسية لجهود الأمم المتحدة لحماية لحقوق الإنسان، والتي تتماشى مع أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة وحقوق الإنسان”.
حقا. من أجل دفع التنمية المشتركة لتعزيز حقوق الإنسان العالمية، طرحت الصين مبادرة التنمية العالمية، داعية إلى تبني نُهج عملية المنحى تعالج الاحتياجات المعيشية الأكثر إلحاحا للبلدان النامية. كما دعت إلى دعم التعددية الحقيقية والأعراف الأساسية للعلاقات الدولية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان من خلال الحوار والتعاون.
ومن ناحية أخرى، فإنه إدراكا منها لأهمية الشمول، اقترحت الصين مبادرة الحضارة العالمية في منتصف مارس، وحثت المجتمع الدولي على احترام تنوع الحضارات ومختلف مسارات تنمية حقوق الإنسان.
وفي هذا الإطار قال سايكات باتاشاريا، الأستاذ المساعد في الجامعة العامة المتكاملة الجديدة في الهند، إن بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية يدعم المساواة بين الدول بغض النظر عن حجمها. وإنه يوطد العلاقات بين الدول ويعزز العيش بكرامة.
ومن ناحية أخرى، ذكرت ميكول سافيا، الممثلة الدائمة للرابطة الدولية للمحامين الديمقراطيين لدى الأمم المتحدة في جنيف أن “المجتمع الدولي بحاجة إلى مساهمة الصين في الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان”.
وأضافت أن الصين، وهي دولة ذات تاريخ وثقافة عريقين، تعد لاعبا مهما في العلاقات الدولية.