التعاون الصيني المصري في مجال علم الآثار يساعد على فهم أعمق للحضارتين العريقتين
صحيفة الشعب الصينية –
شن شياو شياو:
تعد أنقاض معبد مونتو جزءً من معبد الكرنك الأكثر شهرة في الأقصر. في أربعينات القرن الماضي، أجرى بعض علماء الآثار الفرنسيين حفريات صغيرة النطاق في هذا المعبد، ولكنها توقفت بعد ذلك لسنوات طويلة. في عام 2018، تم إطلاق أول مشروع مشترك للتنقيب عن الآثار بين الصين ومصر لإعادة الحفريات في معبد مينتو. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، حقق البلدان إنجازات ملحوظة في التعاون في مجال علم الآثار.
انضمت هند إلى فريق العمل المشترك في عام 2019، وقد مكنها التعاون مع هذا الفريق من الحصول على فهم أعمق للثقافة الصينية والحصول على أفكار جديدة وتوسيع آفاقها لدراسة الحضارات من مختلف المجموعات العرقية والمناطق والعصور المختلفة. وفي هذا الصدد، قالت: “لدينا تفاهم ضمني مع زملائنا الصينيين والتعاون بيننا سلس للغاية.”
يغطي الموقع الأثري لهذا المعبد أكثر من 30 ألف متر مربع. ومنذ عام 2018، قام الفريق الصيني المصري بالتنقيب الميداني لأربعة مواسم (كل موسم دام ثلاثة أشهر) وتمكن من تحقيق العديد من الاكتشافات المهمة، حيث أنه ولأول مرة تم التنقيب الكامل عن المخطط الكامل للمعبد الصغير والمباني الملحقة به مثل الجدران المصنوعة من الطوب اللبن، وعثروا على آثار ثمينة للغاية مثل التماثيل الحجرية والتماثيل البرونزية. كما تم اكتشاف بلاط أرضي مرصوف بالطوب اللبن، حيث تم ختم كل طوبة على البلاط بختم أبيض تحتوي كل واحدة منها على اسم الفرعون المُتوج بالعرش أمنحتب الثالث الذي أسس المعبد، وهذا يلعب دورا رئيسيا في فهم التوزيع المعماري المبكر لمنطقة معبد مونتو.
وقال جيا شياو بينغ، قائد الفريق التنفيذي لعمليات التنقيب المشتركة والباحث في معهد الآثار التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية: “في أبريل من هذا العام، سافرنا الفريق الصيني إلى مصر مرة أخرى لبدء فصل جديد من العمل، وهذه المرة سنخصص أعمالنا بشكل رئيسي على عمليات الترميم بما في ذلك ترميم الفخار والتحف. ”
في مجال علم الآثار، أصبح استخدام الوسائل العلمية والتكنولوجية شائعا بشكل متزايد. وقام الفريق الأثري الصيني بعمل نموذج ثلاثي الأبعاد لمعبد مونتو والحصول على خرائط رقمية لاتجاهات مختلفة لموقع المعبد وخرائط للتخطيط العمراني لموقع المعبد وتحديثها بانتظام وفقا لتقدم العمل الأثري وتوفير الدعم الفني المهم للبحث وترميم وحماية المعبد. وعرض قاو وي، عضو في فريق التنقيب عن الآثار الصيني للصحفية نموذجا ثلاثي الأبعاد على برنامج خاص وقال لها: ” لقد كانت أعمال رسم الخرائط أكثر دقة وكفاءة، مما ساعد على إعادة إنتاج مظهر معبد مونتو بدقة.” كما أضاف: “أخذنا مجموعة كاملة من اللقطات لموقع المعبد وجمعنا 18542 صورة لإعادة بناء المشهد الفعلي في أبعاده الثلاثة، وكما ترين هذه 3 أضرحة صغيرة تم الكشف عنها حتى الآن.”
وقال مصطفى الصغير، مدير عام مجمع آثار معبد الكرنك، إن الفريق الصيني يتمتع باحترافية كبيرة، مما يوفر ضمانة قوية للحفريات الأثرية المشتركة، ويأمل في زيادة توسيع وتعميق التبادلات والتعاون في مجال الآثار المصرية الصينية في المستقبل، مما سيساعد بشكل كبير في تعزيز الصداقة التقليدية بين الشعبين ويدفع العلاقات التجارية والاقتصادية الصينية المصرية إلى آفاق أرحب.
بعد 5 سنوات من التعاون، ارتبط أعضاء الفريق الأثري الصيني المصري المشترك بصداقة عميقة بينهم، وبالرغم من أنهم يأتون من خلفيات ثقافية مختلفة، لكن جميعهم لديهم نفس الحماس لعلم الآثار ويتعايشون جيدا في العمل والحياة. “اسمي الصيني شودونغ وهو يعني الشروق ما يمثل الأمل”. وقال حسني، وهو عضو في فريق الآثار المصري: “الصينيون ودودون للغاية ويرحبون بالآخر. أنا الآن أدرس اللغة الصينية في أوقات فراغي، ما سيساعدني على العمل بشكل أفضل مع زملائي الصينيين ومعرفة المزيد عن الصين.”
وفي السنوات الأخيرة، أسفر البناء المشترك للحزام والطريق بين الصين ومصر عن نتائج مثمرة، حيث دخلت التبادلات الثقافية والتعاون الأثري بين البلدين مرحلة تعزيز جديدة. وقال جيا شياو بينغ إن الحضارتين الصينية والمصرية لهما تاريخ طويل، لكن الحضارتين القديمتين مختلفتان من حيث شكل التعبير وآلية التكوين، وسيساعد الجانبان تعميق فهمهما لحضارة بعضهما البعض من خلال التعاون المشترك. مضيفا: “تتعلم الفرق الأثرية المشتركة بين الصين ومصر من بعضها البعض على أساس الاحترام المتبادل، مما يساعد على تضييق المسافات بينهما وتعزيز التبادلات الثقافية والإرث الحضاري.”
وأشاد مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر بمشروع التعاون الصيني المصري المشترك في مجال التنقيب عن الآثار حيث قال: “تعد الصين من الطراز العالمي الأول في مجال علم الآثار وعمل الفريق الصيني في معبد مونتو ممتاز.” كما أضاف بأن مصر والصين هما خير مثال على الوحدة والتعاون وتحقيق المنفعة المتبادلة، وهو يرحب بالمزيد من الفِرَق الصينية العاملة في مجال الأبحاث الأثرية للعمل في مصر في المستقبل.
وقال وزير السياحة والآثار الثقافية المصري أحمد عيسى إن الحضارتين الصينية والمصرية حضارتان عظيمتان وشعبا البلدين يحترمان الحضارات القديمة والتراث الثقافي لبعضهما البعض. مشيرا إلى أنه في السنوات الأخيرة، كانت الإنجازات في المجالات الأثرية المشتركة بين مصر والصين لافتة للنظر، “لذلك نتطلع إلى تعاون متعمق بين البلدين في هذا المجال وتحقيق المزيد من الإنجازات.”