مقال رأي: استراتيجية واشنطن في احتواء الصين لم تتغير رغم تغيرها للمصطلحات
وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:
من غير المدهش أن يتحول النهج الاقتصادي الذي تتبعه واشنطن مع الصين، من “فك الارتباط” إلى “إزالة المخاطر” أو “تنويع سلاسل التوريد الهامة”. إن تغيير الخطاب ليس بالأمر الجديد، بل أنه نبيذ قديم في زجاجة جديدة.
لم تتغير نية مسؤولي البيت الأبيض–وهي احتواء الصين.
إن أفعالهم تكشف نيتهم. إنهم يواصلون، إذا لم يسرعوا، وصف العلاقات التجارية والاقتصادية مع الصين بـ “الخطيرة”، ما يُعيق التبادلات التكنولوجية المنتظمة مع الصين، ويدفع سلاسل التوريد والتصنيع الرئيسية خارج ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وما زالت المخاوف المتعلقة بمرونة سلاسل التوريد العالمية تتصاعد بعد جائحة كوفيد-19 واندلاع الأزمة الأوكرانية. وعلى الرغم من أن هناك مخاوف معقولة، إلا أن واشنطن تستغل هذه العقلية لتعميم المخاطر الأمنية وربط الصين بما تُسميه بالمخاطر.
وفي هذا السياق، قال كارل بيلت، رئيس وزراء السويد الأسبق إن الخطاب السياسي الجديد “يشير إلى أن التجارة مع الصين تكون بطبيعتها محفوفة بالمخاطر بغض النظر عن بيئة الاستثمار والأعمال المحلية،” مضيفا أنه كان من العدل أن يقول المسؤولون الصينيون أنهم لا يرون فرقا ملموسا بين “إزالة المخاطر” و”فك الارتباط”.
إن حملة “إزالة المخاطر” ليست سوى صياغة جديدة لاستراتيجية الاحتواء الذي تتبعها واشنطن مع الصين.
ومن جهته، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إن الولايات المتحدة تتطلع إلى “إزالة المخاطر” وليس “فك الارتباط” مع الصين. إن استراتيجيته المتمثلة في “سياج عالي” حول “ساحة صغيرة” تقيد التبادلات التكنولوجية لاستبعاد الصين من سلاسل التوريد الهامة، وتعيق ارتقاء الصين في سلاسل القيمة الصناعية، وكذلك تقمع التنمية الصينية.
تجدر الإشارة إلى أن الدافع الكامن وراء ذلك هو الرغبة في الحفاظ على “الهيمنة في مواجهة التطلعات المتزايدة في كل مكان آخر”.
في حين أن الولايات المتحدة تزعم أنها لن “تفك الارتباط” مع الصين، بل “تُزيل المخاطر”، فإن جهودها لاحتواء الصين تسارعت.
وفي بداية مايو، أعلن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر عن خطة تشريعية تُعرف بـ “قانون منافسة الصين 2.0″، والتي تحاول الفوز بـ “المنافسة” مع الصين من خلال تقييد تدفق الاستثمار والتكنولوجيا إلي البلاد. وفي 12 يونيو، أضافت وزارة التجارة الأمريكية 31 كيانا صينيا في مجالات متعلقة بالطيران في قائمة الرقابة على الصادرات.
لم تضع الإدارة الأمريكية الحالية مزيدا من الضوابط الجديدة على صادرات أشباه الموصلات المتطورة بين الصين والولايات المتحدة فحسب، بل أيضا أجبرت حلفائها على حذو حذوها.
وفي هذه التكتلات التي تقودها الولايات المتحدة، مثل ما يُسمى بـ”الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ” و”تحالف شيب 4″ ومجلس التجارة والتكنولوجيا المشترك بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أسست واشنطن “نظاما موازيا” لتحالفات سلاسل التوريد التي تستبعد الصين.
وعلى إثر ذلك، فإنه من غير المدهش أن تُثير استراتيجية “إزالة المخاطر” التي تتبعها واشنطن، مخاوف واسعة النطاق.
وكتب نيال فيرجسون، مؤرخ اسكتلندي أمريكي، أنه لدى الأوروبيين شكوك. أولا، يرون قانون الحد من التضخم، نسخة بايدن من أجندة “أمريكا أولا”. ثانيا، السياج العالي لسوليفان يستبعدهم من سباق الذكاء الاصطناعي. ثالثا، إنهم قلقون من العواقب غير مقصودة لما يشبه السياسة الأمريكية في الاحتواء التكنولوجي للصين.
وفي الوقت نفسه، حذر تقرير مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي من أن “القاعدة التكنولوجية للولايات المتحدة–وهي أساس الرفاهية والسلطة الوطنية–متداخلة تماما مع الصين في شبكة تكنولوجية كبيرة تغطي العالم”.
وأضاف ” إن قطع العديد من الخيوط بهذه الشبكة وإعادة نسجها في أنماط جديدة سيكون عملا شاقا وخطيرا”.
من “فك الارتباط” إلى “إزالة المخاطر” أو “التنويع”، بغض النظر عن تغير المصطلحات، فإن النهج الأمريكي تجاه الصين تحكمه عقلية الحرب الباردة، ولم يتغير.
وفي السياق ذاته، قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين مؤخرا في زيارة لبكين إنها سمعت مخاوف الصين المتعلقة بارتقاء “إزالة الخطر” إلى “فك الارتباط”، وهي قضية “من المهم للغاية” أن تعالجها.
إن الأفعال أعلى صوتا من الأقوال. لا يزال من غير الواضح إذا تكون الولايات المتحدة متفهمة لمخاوف الصين. فمن أجل إثبات إلتزامها بمواصلة التعاون مع الصين، يجب على واشنطن اتخاذ خطوات ملموسة لمعالجة احتوائها الضغين بشكل جذري.