رأي ضيف: من “بريكس” إلى “بريكس بلس” — لا بد أن شيئا صائبا يتم إنجازه
بقلم: شين بينغ
قال أنيل سوكلال، مندوب جنوب إفريقيا في مجموعة بريكس، إن “أكثر من 40 دولة أعربت عن اهتمامها بالانضمام إلى مجموعة دول بريكس، 22 منها قدمت طلبات رسميا”. بالنسبة للبعض، قد يكون خبرا كبيرا أن العديد من البلدان تتوق للانضمام إلى هذه الكتلة. ولكن بالنسبة للكثيرين، هذه مجرد نتيجة طبيعية.
منذ اليوم الذي احتضنت فيه دول الأسواق الناشئة الأربعة الأصلية – البرازيل وروسيا والهند والصين – جنوب أفريقيا، وحولت “بريك” إلى “بريكس”، كانت المجموعة تعمل على تعزيز علاقاتها مع البلدان النامية والاقتصادات الناشئة. وبفضل ما حققته من تعاون عملي وما قدمته من تمثيل قوي للعالم النامي، باتت بريكس جذابة للغاية لدرجة أنها تنمو لتصبح إطارا جديدا من “بريكس بلس”. وشعبيتها تكمن في ثلاث كلمات على النحو التالي.
— التعاون
خلال العقدين الماضيين، تمت صياغة مجموعة متنوعة من آليات التعاون في مجالات التجارة والتمويل والعلوم والتكنولوجيا والزراعة والثقافة والتعليم والصحة ومراكز الفكر وغيرها. ومن بينها كان بنك التنمية الجديد وآلية ترتيب احتياطي الطوارئ لمجموعة بريكس.
ومنذ إطلاقه في عام 2015، وافق بنك التنمية الجديد على ما يقرب من 100 مشروع قرض بقيمة تزيد عن 30 مليار دولار أمريكي، ليوفر بذلك ضمانا قويا لبناء البنية التحتية والتنمية المستدامة في اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية والمساهمة في النمو العالمي.
ولتعزيز التنمية المشتركة للجميع، يخطط البنك أيضا لتقديم 30 مليار دولار من الدعم المالي في الفترة الممتدة من 2022 إلى 2026، والتي تستهدف احتياجات البلدان النامية. وكما قالت ديلما روسيف، رئيسة بنك التنمية الجديد والرئيسة البرازيلية السابقة، “يستمع بنك التنمية الجديد إلى أصوات كل البلدان الأعضاء على قدم المساواة. وهو يعكس العلاقات الوثيقة بين دول بريكس والتزامها المشترك بالتعاون بين بلدان الجنوب”.
ومع توفير بنك التنمية الجديد المزيد من الروافع المالية ودعم المزيد من المشاريع، فقد تجاوز تأثير مجموعة البريكس الدول الخمسة. لقد أصبحت منصة تعاون مهمة لمزيد من البلدان النامية، حيث تساعد بعضها البعض وتدفع النمو العالمي. ويمكن أن يساعد ذلك أيضا في تحسين الحوكمة العالمية، ومن شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الديمقراطية في العلاقات الدولية.
— التعددية
في الوقت الحاضر، تمثل دول بريكس ما يقرب من 42 في المائة من تعداد سكان العالم، و25 في المائة من الاقتصاد العالمي و20 في المائة من التجارة العالمية. ومنذ عام 2022، تتمتع البلدان الخمسة مجتمعة بأكثر من 14 في المائة من القوة التصويتية في البنك الدولي، وأكثر من 14 في المائة من إجمالي الحصة في صندوق النقد الدولي.
ومن شأن توسيع إطار عمل بريكس بلس أن يكون لها رأي أكبر في الساحة الدولية. وبفضل الجهود التي تبذلها مجموعة البريكس، فإن طلبات العالم النامي التي طال تجاهلها سوف تحظى بتقدير أكبر.
وعلى النقيض من مجموعة السبعة الكبار التي تحركها الأيديولوجية وحلف شمال الأطلسي “الناتو” الذي ولدته الحرب الباردة، فإن بريكس ليس لديها مصلحة في الألعاب الجيوسياسية أو التفكير ذي المحصلة الصفرية. عندما تكون بعض القوى الكبرى مدمنة على الهيمنة والأحادية، تظهر مجموعة بريكس ما تعنيه التعددية الحقيقية – لا ينبغي أن يتم اتخاذ قرارات حول الشؤون العالمية من قبل دولة واحدة أو مجموعة من الدول، بل يجب مناقشتها من قبل كل الدول، كبيرة كانت أم صغيرة.
وفي عام 2010، بعد حث من دول بريكس، وافقت الاقتصادات المتقدمة على نقل 3.13 في المائة من حقوق التصويت في البنك الدولي و6 في المائة من الحصة في صندوق النقد الدولي إلى الأعضاء النامية. ويمثل هذا التغيير الكبير في المشهد الاقتصادي العالمي تقدما كبيرا في إصلاح هيكل الحوكمة الاقتصادية العالمية. وهكذا، ارتفع تمثيل وصوت الأسواق الناشئة والبلدان النامية إلى حد كبير.
وقال الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل إنه “عبر الدفاع عن التعددية، تواجه دول بريكس مفهوم الحرب الباردة، وتوفر إمكانية إقامة نظام اقتصادي دولي أكثر عدلا وإنصافا”.
— المساواة
تؤيد دول بريكس نمطا جديدا من العلاقات الدولية يتسم بالاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة والتعاون المربح للجميع. والأهم من ذلك، أنها تدرك أن البلدان المختلفة لديها ظروف وطنية مختلفة؛ ويجب احترام مصالحها الأساسية وشواغلها الرئيسية؛ ويجب عدم التدخل في مسارات ونماذج التنمية التي تختارها بأنفسها.
ونظرا لأن الولايات المتحدة استغلت هيمنتها الاقتصادية العالمية لعقود من الزمن، وأن عدم الامتثال لأوامر البيت الأبيض سيؤدي إلى فرض عقوبات أو ابتزاز مالي، فإن التعاون مع دول بريكس في الاستثمار والتجارة دون فرض شروط مسبقة هو أمر مرغوب فيه أكثر فأكثر بالنسبة لعدد متزايد من البلدان.
صحيح أن الخلافات قد تكون موجودة بين دول بريكس، لكن هذا لا يمنع آلية التعاون من العمل. وتتناقض مفاهيم ومبادئ بريكس بشكل صارخ مع أسلوب بعض البلدان، التي تنطلق من موقع القوة وتفرض إرادتها على الآخرين.
ولأن بريكس على وجه التحديد تدعو إلى الانفتاح والشمولية، فإنها ترحب بالبلدان ذات الحضارات والأنظمة ومسارات التنمية المختلفة.
منذ ولادة بريكس، فإنها ترمز إلى توقعات تنمية الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. ومن المتوقع ألا تنجح بريكس فقط في توسيع عضويتها، بل ستعمل أيضا على دفع التعاون متعدد الأطراف إلى مستوى أعلى. وستقود “بريكس بلس” المزيد من البلدان إلى مسار التنمية الذي يتسم بالوحدة والشمولية والرخاء المشترك.
ملاحظة المحرر: الكاتب هو معلق متخصص في الشؤون الدولية، ويكتب بانتظام في وكالة أنباء ((شينخوا)) وصحيفة ((غلوبال تايمز)) وصحيفة ((تشاينا ديلي)) وشبكة ((سي جي تي إن)) وغيرها. ويمكن التواصل معه عبر: xinping604@gmail.com.