مقالة خاصة: إطلاق حلم الشباب الأفريقي إلى الفضاء
وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:
“الفن يروي القصص. لذلك، حتى لو لم أستطع الذهاب إلى الفضاء لكي أحكي للآخرين قصة من القصص، فإن عمل من أعمالي وصل بالفعل إلى هناك. وهو يحكي بالفعل قصتي”، هكذا قال بروسبر أوشونامي دانيا، وهو طالب جامعي نيجيري عُرضت لوحة له في محطة الفضاء الصينية “تيانقونغ” يوم الأربعاء.
دانيا هو واحد من 10 شباب أفارقة قامت مهمة “شنتشو-16” بإرسال لوحاتهم إلى محطة الفضاء الصينية في نهاية مايو.
خلال المعرض الذي أقيم أظهر ثلاثة رواد فضاء صينيين، وهم جينغ هاي بنغ وتشو يانغ تشو وقوي هاي تشاو، للعالم شغف الشباب الأفريقي إلى استكشاف الفضاء، والتزامهم بالسلام والتنمية، وكيف يعتزون بالصداقة الصينية الأفريقية العميقة.
وقد أشار جينغ، قائد مهمة “شنتشو-16″، عبر رابط فيديو، إلى “أن إطلاق حلم الشباب الأفريقي إلى الفضاء هو مجرد نقطة انطلاق، وأن آفاق التعاون الصيني الأفريقي في مجال الفضاء واسع مثل بحر مرصَّع بالنجوم”.
وقال “إذا تمسك جيل الشباب بالمثل العليا والالتزام، فستكون للبلاد آفاق واعدة، وسيكون للأمة أمل، وسيكون للصداقة الصينية الأفريقية مستقبل”.
— الأحلام تصبح حقيقة
تلقت مسابقة “حلمي” للرسم المخصصة للشباب الأفارقة، والتي شاركت في استضافتها أمانة لجنة المتابعة الصينية التابعة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي ومكتب هندسة الفضاء المأهول الصيني وبعض السفارات والقنصليات الصينية في البلدان الأفريقية، أعمالا من حوالي ألفي شاب من أكثر من 40 دولة أفريقية.
ومن بين هذه الأعمال المقدمة، اُختيرت 10 لتصبح الأعمال الفائزة بجائزة تيانخه، التي سُميت على اسم الوحدة الأساسية لمحطة الفضاء الصينية. وأتيحت لهذه اللوحات الفائزة فرصة فريدة تتمثل في الطيران إلى الفضاء مع طاقم مهمة “شنتشو-16”.
شعر دانيا بالحماسة لأن حلمه بالسفر إلى الفضاء قد تحقق أخيرا، بطريقة ما. “فكل طفل يحلم بالذهاب إلى الفضاء”، والآن، بوجود لوحته في الفضاء، يشعر وكأنه هناك بالفعل.
تهدف لوحة دانيا إلى التعبير عن التطلعات المشتركة للصين ونيجيريا، مع التأكيد على الوحدة.
وذكر دانيا أن “حلم الشراكة بين الصين وأفريقيا في الفضاء هو حلم يُشعل الأمل والإلهام، وهو شاهد على الإمكانات التي لا حصر لها التي تنشأ عندما تتحد الأمم من أجل هدف مشترك”.
أما كوكيب محمود (6 سنوات)، من العاصمة الصومالية مقديشو، فقد رسم حمامة في لوحته التي كان عنوانها “السلام”.
ذكر تشو أنه تأثر لأن هذه أكثر أمنية بريئة لطفل، مضيفا بقوله “السلام، مثل الهواء وأشعة الشمس، يصعب ملاحظته عندما يستفيد منه الناس… أتمنى بصدق أن يتمتع الأطفال في جميع أنحاء العالم بطفولة سلمية وسعيدة وخالية من الهموم”.
من ناحية أخرى، قال قوي عبر رابط فيديو إن الرموز الثقافية المُجسدة في هذه اللوحات “تتمازج في النهاية في الكون”، مشيرا إلى أنه “من خلال هذا أستطيع أن أرى أن الحضارات المشعة في الصين وأفريقيا تتجاوز الزمان والمكان، فضلا عن الحدود الوطنية”.
— تطلع مشترك إلى استكشاف الفضاء
ذكر دانيا أن لوحته تعكس طموحا مشتركا لأفريقيا والصين، مضيفا بقوله إن لوحته تهدف إلى مساعدة الآخرين على فهم أن أفريقيا في الفضاء بمساعدة الصين.
إن أعمال دانيا وغيره من الشباب الأفارقة فضلا عن الجهود التعاونية بين الصين والدول الأفريقية في استكشاف الفضاء ترمز إلى تطلع مشترك وسعي مشترك. علاوة على ذلك، حقق التعاون بين الصين والدول الأفريقية في مجال استكشاف الفضاء ثمارا ملموسة.
في ديسمبر 2017، أطلقت الجزائر أول قمر صناعي للاتصالات، (الكومسات-1)، بمساعدة الصين. ويستخدم هذا القمر الصناعي، الذي يغطي كامل أراضي الجزائر، في مختلف القطاعات، بما في ذلك البث الإذاعي والتلفزيوني والخدمات العريضة النطاق والاتصالات المتنقلة والاتصالات في حالات الطوارئ.
وخلال جائحة كوفيد-19، لعب (الكومسات-1) دورا حاسما في إطلاق نظام للتعليم عن بُعد، حيث أتاح للطلاب فرص التعلم عن بُعد.
وفي السنوات الأخيرة، قدم (الكومسات-1) خدمات اتصالات بالغة الأهمية إلى الولايات الجزائرية التي حدثت في شبكتها أعطال، فكفل بذلك الدعم الحيوي لجهود الإغاثة في حالات الكوارث والحفاظ على الحياة اليومية الأساسية.
إن أهمية القمر الصناعي كبيرة للغاية لدرجة أن صورته ظهرت على ورقة نقدية صادرة حديثا بقيمة 500 دينار جزائري، وهو ما يدل على الفخر الوطني.
وفي يونيو الماضي، تسلمت مصر نموذجين لقمرين صناعيين تمولهما الصين لمشروع القمر الصناعي “مصر سات 2”. وقد منح هذا المشروع مصر القدرة على تجميع الأقمار الصناعية ودمجها واختبارها بشكل مستقل.
ومن المتوقع أن يسهم هذين النموذجين لقمرين صناعيين في مجالات الزراعة، واستكشاف الموارد المعدنية، والتخطيط العمراني، ومتابعة التغيرات الساحلية.
بدوره قال شريف صدقي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، إن هذا المشروع افتتح أكبر مركز تجميع واختبار للأقمار الصناعية في أفريقيا والشرق الأوسط.
وأضاف أن هذا المركز هو الأول من نوعه لتوطين صناعة الأقمار الصناعية في مصر، كما أنه يمنح مصر دورا رائدا في نقل هذه التكنولوجيا إلى أفريقيا.
ومن بين بلدان أخرى، أتيحت الفرصة لكينيا لإجراء تجارب على متن محطة الفضاء الصينية. ويمتد هذا الجهد التعاوني ليشمل جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، مع التركيز بشكل خاص على البلدان النامية.
وسوف تجري بحوث في مجالات مثل طب الفضاء وعلوم الحياة الفضائية والتكنولوجيا الحيوية في محطة الفضاء، وهو ما من شأنه أن يعزز التعاون الدولي في مجال استكشاف الفضاء.
في هذا الإطار، قال تشو إن “استكشاف الكون المجهول وتطوير تكنولوجيا الفضاء يشكلان مسعي مشتركا للبشرية. ومن الضروري الانخراط في تعاون كامل مع جميع دول العالم، بما في ذلك أفريقيا”.
— تعاون أرحب بين الصين وأفريقيا
إن استكشاف الكون حلم مشترك للعالم أجمع، بغض النظر عن العرق والعمر. وإن التعاون بين الصين والدول الأفريقية في استكشاف الفضاء يمثل نجاحا كبيرا، ويعكس التطلعات والآمال الأوسع للأشخاص المعنيين.
فقد عبرت سينوفويو خانيسيلي مكولا، وهي طالبة متخصصة في دراسة الطب الصيني التقليدي بجامعة ويسترن كيب، عن حلمها من خلال لوحتها التي تحمل اسم “التناغم”.
إنها تتطلع إلى استخدام معارفها ومهاراتها في الطب الصيني والوخز بالإبر لمساعدة الفئات الضعيفة في جنوب أفريقيا. ولكن هدفها لا يقتصر على تقديم علاجات بالطب الصيني التقليدي. فقد قالت “آمل في التعاون مع الصينيين أيضا، حتى نتمكن من بناء جنوب أفريقيا أفضل”.
من جهة أخرى، عبّرت ليزا غريس، التي جاء أجدادها إلى موريشيوس من الصين قبل نحو 150 عاما، عن حلمها المتمثل في إتاحة فرص التعليم للجميع على قدم المساواة.
وتجسد لوحتها التطلع إلى أن تُتاح أمام جميع الأطفال، بغض النظر عن خلفياتهم المختلفة، فرصة الالتحاق بالمدرسة.
وقالت غريس “كنت محظوظة للغاية لأنني حصلت على تعليم جيد، ولكن للأسف ليس هذا هو الحال في الدول الأفريقية الأخرى، بينما التعليم في الصين رائع”.
إن أحلام هؤلاء الفنانين الشباب والرمزية المجسدة في لوحاتهم تُسلط الضوء على القيم المشتركة للتعاون، والتبادلات الثقافية، ومستقبل أفضل لدولهم والعالم.
كما تبيّن كيف يمكن لمبادرات مثل التعاون بين الصين والبلدان الأفريقية في مجال استكشاف الفضاء أن تلهم الشباب وتمكّنهم من العمل نحو إحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتهم المحلية وخارجها.
إلى جانب الفضاء والرعاية الصحية والتعليم، حقق التعاون بين الصين والدول الأفريقية على مدى العقد الماضي مجموعة واسعة من النتائج المثمرة عبر مختلف القطاعات.
فعلى صعيد التجارة الثنائية، فقد ظلت الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا على مدى 14 عاما متتالية. وقام الجانبان معا ببناء وتشغيل أكثر من 10 آلاف كيلومتر من السكك الحديدية، وقرابة 100 ألف كيلومتر من الطرق السريعة، ومجموعة من البنى التحتية الهامة، بما في ذلك مطارات وأرصفة موانئ وجسور ومحطات طاقة، ضمن منصات مثل مبادرة الحزام والطريق.
وفي هذا الصدد، لفتت غريس إلى أن “الصين تستطيع، من خلال الصداقة العميقة والعلاقات الوثيقة، مساعدة أفريقيا بطرق عديدة”، مضيفة “في المستقبل، وبفضل خلفيتي متعددة الثقافات، يمكنني أن أرى نفسي وقد أصبحت حلقة وصل بين القارتين”.