النص الكامل لكلمة لي شي في قمة مجموعة الـ77 والصين
فيما يلي النص الكامل لكلمة لي شي، عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والممثل الخاص للرئيس الصيني شي جين بينغ، في قمة مجموعة الـ77 والصين التي عقدت في هافانا عاصمة كوبا.
تعزيز التضامن والسعي وراء التنمية والعمل يدا بيد على دفع تعاون الجنوب-الجنوب
كلمة السيد لي شي في قمة هافانا لـ”مجموعة الـ77 والصين”
الرئيس ميغيل دياز كانيل المحترم،
الأمين العام أنطونيو غوتيريش المحترم،
رؤساء الدول والحكومات المحترمون،
السيدات والسادة والأصدقاء،
يسعدني جدا أن أحضر قمة هافانا لـ”مجموعة الـ77 والصين” ممثلا خاصا للرئيس شي جين بينغ. في البداية، أود أن أتقدم بالشكر للحكومة الكوبية على إعدادها الجيد وترتيباتها الدقيقة لإنجاح هذه القمة. ويقدر الجانب الصيني عاليا ما بذلته كوبا، باعتبارها رئيسا لـ”مجموعة الـ77 والصين” في العام الجاري، من جهود فعالة وما قدمته من مساهمات إيجابية من أجل الدول النامية لمواجهة التحديات العالمية عبر التضامن والعمل سويا على صيانة المصالح التنموية.
إن عالم اليوم يشهد تغيرات كبيرة غير مسبوقة منذ مئة سنة، حيث تتنامى قوة الدول النامية بشكل مستمر، وتتغير موازين القوى الدولية على نحو عميق، ويتعزز تعاون الجنوب-الجنوب كما وكيفا بشكل متواصل، إذ بلغت نسبة مساهمة الأسواق الناشئة والدول النامية في نمو الاقتصاد العالمي 80% في السنوات الـ20 الماضية، وارتفعت حصتها من إجمالي الناتج المحلي العالمي من 24% إلى أكثر من 40% في السنوات الـ40 الماضية. ويلعب تعاون الجنوب-الجنوب دورا متزايد الأهمية في الحفاظ على زخم الصعود الجماعي للدول النامية والدفع بالنمو المستقر للاقتصاد العالمي. في الوقت نفسه، تفشت الأحادية والهيمنة، خاصة أن بعض الدول لم تدخر جهدا في فرض العقوبات الأحادية الجانب وبناء الأسوار ووضع الحواجز وفك الارتباط وقطع سلاسل الامداد والتصنيع، الأمر الذي ألحق أضرارا خطيرة بالحقوق والمصالح والمجالات التنموية المشروعة للدول النامية. قبل أيام، أطلقت أكثر من 60 دولة نامية صوتا عاليا وقويا في اجتماع قادة دول بريكس الذي عقد في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، إذ دعت إلى تعزيز التضامن والتعاون والدفع بإصلاح العولمة العالمية لجعلها أكثر عدلا وإنصافا. وفي ظل هذه الخلفية، تنعقد قمة هافانا هذه في الوقت المناسب. إن الصين باعتبارها أكبر دولة نامية في العالم وعضوا طبيعيا لـ”الجنوب العالمي”، مستعدة للعمل مع كوبا وباقي أعضاء مجموعة الـ77 لفتح فصل جديد من تعاون الجنوب-الجنوب سعيا نحو تحقيق تنمية أكبر من خلال تضامن أقوى، وبذل جهود مشتركة لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للجنوب العالمي وفتح عصر جديد من التنمية المشتركة.
يحرص الجانب الصيني على طرح المقترحات التالية بشأن التعاون بين مجموعة الـ77 والصين:
أولا، التمسك بالغاية الأصلية للاستقلال وتعظيم القوة الجماعية عبر التضامن. فقد ولدت مجموعة الـ77 قبل قرابة 60 سنة في نضال أعضائها من أجل تحقيق الاستقلال ومقاومة الاستغلال والاضطهاد. ومنذ ذلك الحين، التزمت الدول النامية بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي و”روح باندونغ”، وحققت الاستقلال الوطني، وحافظت على السلام في العالم، ودفعت التنمية فيه. وفي ظل الظروف الراهنة، علينا أن نتمسك بالغاية الأصلية، ونلتزم بالقيم المشتركة للبشرية جمعاء، ونرفض بشكل قاطع المجابهة بين المعسكرات وعقلية الحرب الباردة، ونلتزم بتسوية الخلافات والصراعات بين الدول بالطرق السلمية، وندافع سويا عن السلام والأمن العالميين، ونهيئ بيئة دولية مواتية للتنمية.
ثانيا، تكريس روح الإنصاف والعدالة والمساواة والتسامح. على مدى ما يقرب من 60 عاما، بذلت مجموعة الـ77 جهودا دؤوبة للقضاء على عدم المساواة والظلم. على سبيل المثال، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة 30 مرة على التوالي، وطالبت فيها بأغلبية ساحقة الولايات المتحدة برفع الحصار عن كوبا فورا. علينا أن نواصل إطلاق صوتا فاعلا وعاليا ونقف إلى جانب الحق في الجمعية العامة وغيرها من المناسبات الدولية، بما يجعل جداول أعمال الأمم المتحدة تتطابق مع المصالح التنموية للدول النامية. علينا أن ندعم أوغندا لإنجاح قمة الجنوب الثالثة في العام المقبل، وندفع المجتمع الدولي لوضع التنمية في صميم جداول الأعمال الدولية، ونحث الدول المتقدمة على الوفاء الجدي بتعهداتها بشأن المساعدات الإنمائية، ونتمسك بمفهوم الحوكمة العالمية المتمثل في التشاور والتعاون والمنفعة للجميع، ونزيد صوت وتمثيل الدول النامية.
ثالثا، تطبيق مهمة التنمية والنهضة والتعاون والكسب المشترك. في الوقت الراهن، تشهد جولة جديدة من الثورة التكنولوجية والتحول الصناعي تطورا مزدهرا. فينبغي لمجموعة الـ77 والصين – باعتبارهما ركيزة لتعاون الجنوب-الجنوب، تضافر الجهود لإعادة النهوض بالشراكة الإنمائية العالمية، وتعزيز التنسيق بشأن السياسات الكلية والعمل على إيجاد قوة دافعة جديدة للتنمية المحلية، وإجراء التعاون في مجالات الأمن الغذائي والحد من الفقر والتصنيع والتنمية الخضراء والتكنولوجيا الرقمية والذكاء الصناعي، وتبني منظومة لتقسيم العمل تقوم على تكامل المزايا والتعاون والكسب المشترك، بما يحقق مكانة أفضل للجانبين في سلاسل الصناعة والإمداد والقيم العالمية. إن الجانب الصيني يعمل على بناء منظومة التعاون التكنولوجي بين الجنوب والجنوب تتسم بالانفتاح والشمول والمنفعة المتبادلة، وسيوسع نطاق التواصل والتعاون الدوليين في مجال الابتكار التكنولوجي بأفكار وخطوات أكثر انفتاحا، بما يعطي فرصا متكافئة لكافة الدول للاستفادة من المكاسب الرقمية، حتى لا تتخلف الدول النامية عن الركب أو تُقصى من تنمية التكنولوجيا والصناعات الجديدة.
السيدات والسادة والأصدقاء،
ستظل الصين باعتبارها أكبر دولة نامية في العالم عضوا بعائلة الدول النامية وعضوا بدول الجنوب العالمي إلى الأبد، مهما وصلت من مرحلة تنموية.
لقد ظلت الصين تعطي الأولوية لتعاون الجنوب-الجنوب في تعاونها مع الدول الأخرى. هذا خيار استراتيجي للصين وليس خطة مؤقتة. قبل 10 سنوات، طرح الرئيس شي جين بينغ لأول مرة المفهوم المهم لمجتمع المستقبل المشترك للبشرية ومبادرة التشارك في بناء “الحزام والطريق”، وفي السنوات الأخيرة، طرح الرئيس شي مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية، الأمر الذي قدم حلولا صينية للحفاظ على السلام والدفع بالتنمية وتعميق التعاون، كما وفر منصة مهمة لاتخاذ خطوات ملموسة في إطار تعميق تعاون الجنوب-الجنوب. تقدم الصين مساعدات إنمائية إلى أكثر من 160 بلدا، وتشارك أكثر من 150 بلدا في بناء “الحزام والطريق”، وتعمل مع أكثر من 100 بلد ومنظمة دولية على دفع التعاون في إطار مبادرة التنمية العالمية. وأعلن الرئيس شي جين بينغ مؤخرا أثناء حضوره لاجتماع قادة دول بريكس في جوهانسبرغ أن الصين قد أنشأت صندوق التنمية العالمية وتعاون الجنوب-الجنوب بإجمالي قيمة 4 مليارات دولار أمريكي، وستخصص المؤسسات المالية الصينية قريبا 10 مليارات دولار أمريكي لتنفيذ مبادرة التنمية العالمية، الأمر الذي يمثل مساهمة صينية جديدة في تجاوز الصعوبات والتحديات وتحقيق التنمية المشتركة للدول النامية.
تحرص الصين على تكثيف التواصل والتنسيق مع أعضاء مجموعة الـ77، وتحسين الاستثمار للموارد التنموية، وتعميق تعاون الجنوب-الجنوب، وتحقيق الفعالية القصوى لمبادرة “الحزام والطريق” ومبادرة التنمية العالمية وغيرهما من المنافع العامة، سعيا إلى تقليل الفجوة التنموية وحل المعضلات التنموية. ستستضيف الصين الدورة الثالثة لمنتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي في أواسط شهر أكتوبر القادم في بكين، ونرحب بممثلي كافة الأطراف لحضور المنتدى والتشاور حول سبل التعاون والتباحث حول الطرق التنموية.
السيدات والسادة والأصدقاء،
كانت الصين والدول النامية الغفيرة الأخرى تمر بالمسيرات الشاقة لنيل الاستقلال والتحرر الوطنيين، ولديها رغبة شديدة في تمكين شعوبها من عيش حياة أسعد، وهي ظلت تشارك في مستقبل واحد، وتسعى إلى التنمية المشتركة من خلال التآزر والتساند، وأصبحت منذ زمان مجتمعا ذا مستقبل مشترك تتقاسم فيه السراء والضراء. يقول الصينيون: التضامن بين الإخوة يقطع الحديد. نثق بأننا سنتمكن من الحفاظ على المصالح المشتركة للدول النامية بشكل أفضل ورفع أصواتها المستحقة في منظومة الحوكمة العالمية وتحقيق التنمية المشتركة والازدهار المتشرك وإضفاء المزيد من عوامل الاستقرار والطاقة الإيجابية لقضية السلام والتنمية في العالم، طالما نواكب تيار العصر ونعزز التضامن والصداقة والتعاون ونتبادل الدعم للسير على طريق التحديث الذي يتماشى مع ظروفنا وخصائصنا الوطنية.
شكرا لكم!