مقالة خاصة: بعد 10 سنوات… مبادرة الحزام والطريق تقود التعاون عالي الجودة من أجل تحقيق الرخاء العالمي
وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:
يمثل المنتدى الذي اُختتم للتو هنا احتفالا بالذكرى العاشرة لإطلاق مبادرة الحزام والطريق معلما بارزا في التعاون في إطار الحزام والطريق.
في كلمة رئيسية ألقاها في الدورة الثالثة لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي، تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بأن تعمل الصين مع جميع الأطراف المعنية لدفع التعاون في إطار الحزام والطريق إلى مرحلة جديدة من التنمية عالية الجودة وبذل جهود دؤوبة لتحقيق التحديث لجميع البلدان.
وبينما تحتضن المبادرة عقدها الذهبي القادم، فإن هذا الإجماع المحوري على إجراء تعاون عالي الجودة في إطار الحزام والطريق من قبل الدول المشاركة يكتسي أهمية بالغة. ومن خلال الجهود المشتركة، ستولد المبادرة فرصا جديدة للاقتصاد العالمي وستحقق فوائد أكبر.
— فرصة للجنوب العالمي
قال رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيه إن مبادرة الحزام والطريق خلقت ظروفا تنموية لدول الجنوب العالمي.
وأشار هون مانيه إلى أن المبادرة حسنت البنى التحتية وجذبت الاستثمارات الأجنبية المباشرة ودفعت النمو الاقتصادي وسرعت التكامل الإقليمي والعالمي وعززت التبادلات الشعبية.
وبصفتها من بادر بطرح مبادرة الحزام والطريق، تعمل الصين بنشاط على دفع إقامة مشاريع صغيرة ومؤثرة من خلال المبادرة. وقد ساعد بناء طرق وخطوط سكك حديدية ومدارس ومستشفيات ومرافق زراعية في التخفيف من حدة الفقر وتحسين رفاه الناس في أكثر الأماكن حاجة لذلك في العالم.
أوضحت الإحصاءات أن مبادرة الحزام والطريق ساعدت على انتشال حوالي 40 مليون شخص من الفقر في الدول المشاركة. كما جذبت استثمارات بقيمة تصل إلى تريليون دولار أمريكي على الصعيد العالمي وأقامت أكثر من 3 آلاف مشروع ووفرت 420 ألف فرصة عمل على مدى العقد الماضي.
وقدّر تقرير آخر صادر عن مؤسسة الاستشارات الاقتصادية العالمية (سيبر) أن مبادرة الحزام والطريق من المرجح أن تعزز الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 7.1 تريليون دولار أمريكي سنويا بحلول عام 2040.
وبصفتها مراقبة، قالت داميلولا أوغونبيي، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للطاقة المستدامة للجميع، إن مبادرة الحزام والطريق يمكن أن تدفع تبني الطاقة المتجددة في جميع أنحاء دول الجنوب العالمي خلال العقد المقبل.
وصرحت أوغونبيي لوكالة أنباء ((شينخوا)) قائلة إن “الصين، باعتبارها أكبر دولة مصنعة للألواح الشمسية وتوربينات الرياح والبطاريات والمركبات الكهربائية في العالم، فإنها في وضع جيد يمكنها من المساعدة في تمكين الاقتصادات الناشئة والدول النامية من تبني تكنولوجيات منخفضة الكربون على نطاق واسع من خلال مبادرة الحزام والطريق”.
وأشارت إلى أن “مبادرة الحزام والطريق فتحت دروبا جديدة للبشرية جمعاء، ورأينا آثارها الكبيرة على الاقتصادات الناشئة والدول النامية”.
— حوكمة عالمية أكثر إنصافا
يستند نجاح مبادرة الحزام والطريق خلال العقد الماضي إلى مبادئها الأساسية المتمثلة في التشاور الواسع والمساهمة المشتركة والمنفعة المتبادلة التي تدفع تحقيق التعددية فضلا عن حوكمة عالمية منصفة وعادلة.
وقد ذكر تقرير بحثي صادر عن ((شينخوا)) أن المبادرة شكلت تدريجيا رؤية جديدة للتنمية والحوكمة العالمية، يمثل فيها التعاون المنفتح والموجه نحو التنمية والتشاور متعدد الأطراف والتعايش المتناغم المبادئ الأساسية.
وجاء في التقرير الذي يحمل عنوان ((دراسات تنمية الحزام والطريق — نهج تضافري لتنمية عالمية)) أن “مبادرة الحزام والطريق تلزم نفسها بنهج تنموي أكثر توازنا”، مضيفا “أنها لا تنخرط في ألاعيب جيوسياسية أو مشاحنات أيديولوجية وإنما تركز على التنمية التي تمثل أولوية لكل دولة”.
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال المنتدى إن مبادرة الحزام والطريق حققت نجاحا كبيرا وأصبحت منفعة عامة دولية مهمة مُعترف بها على نطاق واسع في العالم.
وأعرب بوتين عن ثقته في تحقيق إنجازات أكبر لهذه القضية العظيمة. وذكر أن روسيا ترغب في تعزيز التواصل والتعاون مع الصين ضمن آليات متعددة الأطراف مثل بريكس، ودعم النظام الدولي القائم على القانون الدولي، وتعزيز إقامة نظام حوكمة عالمي أكثر عدلا ورشدا.
من جهته قال مارتن ألبرو، زميل الأكاديمية البريطانية للعلوم الاجتماعية، إن “ما حدث خلال العقد الماضي هو تحول عميق من عالم أحادي القطب إلى عالم متعدد الأقطاب”، مشيرا إلى أنه “في هذا الصدد، كانت الصين مساهما رئيسيا، فقد نما تأثيرها في العالم بشكل كبير من خلال بناء قنوات اتصال جديدة”.
ووفقا لملاحظة ألبرو، يمتد التعاون في إطار الحزام والطريق إلى ما يقرب من 75 في المائة من دول العالم، حيث قال “دعونا نسميها قوة العلاقات، والسهولة التي يمكنك من خلالها التواصل مع الآخرين، وبدء الاتصال، وإيجاد ما يصب في مصلحتكم المشتركة، وتبادل السلع والخدمات، واكتشاف ما هو مشترك بينكم”.
وأضاف “أننا نرى نتائج فلسفة العلاقات التي تتبعها الصين ليس فقط بالنسبة للدول الأخرى ولكن أيضا بالنسبة للحوكمة العالمية بوجه عام”.
— تحديث مستدام
إن الرؤية العظيمة للمنتدى الذي عقد هذا الأسبوع تتمثل في تحديث العالم بشكل مشترك، حسبما قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي.
وذكر وانغ، وهو أيضا عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، أن “مبادرة الحزام والطريق أنشأت منصة تعاون من أجل التنمية المشتركة وساعدت العديد من الدول النامية على تسريع مسيرتها نحو التحديث”.
حتى الآن، وقعت أكثر من 150 دولة وأكثر من 30 منظمة دولية على اتفاقيات تعاون بشأن الحزام والطريق، مع امتداد المبادرة من القارة الأوراسية إلى أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
ويرى الرئيس الأوزبكي شوكت ميرزيوييف أن البناء المشترك للحزام والطريق حظي بمشاركة عالمية وأصبح نموذجا جديدا للتعاون الدولي.
وأشار إلى أن مبادرة الحزام والطريق أصبحت منصة مفتوحة وشاملة لتعزيز الثقة الدولية المتبادلة، وهو أمر مهم بشكل خاص في ظل الوضع الجيوسياسي المعقد الحالي، مضيفا أن أوزبكستان مستعدة لمواصلة تعميق التعاون الأخضر مع الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق لخلق مستقبل أخضر للبشرية.
في الوقت الحالي، تركز مشاريع مبادرة الحزام والطريق إلى حد كبير على حماية البيئة المحلية لتحقيق تعاش متناغم بين الإنسان والطبيعة. وفي هذا الصدد، قال إريك سولهايم، رئيس معهد الحزام والطريق الأخضر ووكيل الأمين العام السابق للأمم المتحدة “لقد ساهمت (المبادرة) بممرات سكك حديدية خضراء مهمة للغاية في كينيا وإثيوبيا ولاوس ومؤخرا في إندونيسيا”.
وسلط سولهايم الضوء على أن “مبادرة الحزم والطريق تزداد اخضرارا تدريجيا، مع التركيز بشكل كبير على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية والنقل الأخضر. وستغدو في المستقبل الوسيلة رقم واحد في العالم للاستثمارات الخضراء”.
من ناحية أخرى، قال إيفاندرو مينيزيس دي كارفاليو، رئيس مركز الدراسات البرازيلية الصينية في مؤسسة جيتوليو فارغاس بالبرازيل، إن الابتكار ساهم في زيادة تمكين مبادرة الحزام والطريق. “الآن، لدينا طريق حرير رقمي، وهو أداة مهمة للشراكات الجديدة، لا سيما لتلك البلدان البعيدة عن الصين، مثل البرازيل ودول أمريكا اللاتينية الأخرى”.
ولفت الخبير البرازيلي إلى أنه على الرغم من أن مبادرة الحزام والطريق تركز على القارة الآسيوية، إلا أنها مفتوحة وتخدم دائرة من الأصدقاء، وهي دائرة كبيرة يمكن لجميع البلدان المهتمة المشاركة فيها.
من جانبه ذكر الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش لـ((شينخوا)) إن صربيا تعمل على تحسين الأجندة الرقمية والابتكار والذكاء الاصطناعي لديها لتحقيق تنمية عالية الجودة.
وأضاف “أعتقد أن ذلك سيستمر بنفس الوتيرة على نفس المسار مع تحقيق أفضل النتائج ولصالح شعبنا”.
أما كين فيا، المدير العام لمعهد العلاقات الدولية في كمبوديا، فقال إنه خلال السنوات الـ10 الماضية، دعمت الصين مشاريع تطوير البنية التحتية والربط البيني بجميع أنحاء العالم، وهو ما أتاح فرصة للدول لتحسين شبكة التجارة وتوسيع الإمكانات الاقتصادية.
وعبّر فيا عن توقعاته إزاء الآفاق المستقبلية لمبادرة الحزام والطريق، قائلا إن “المبادرة أصبحت محركا جديدا للنمو الاقتصادي العالمي”، وسوف تضخ زخما جديدا في بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.