زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني تدفع العلاقات وتعاون الحزام والطريق مع قرغيزستان
في أعلى طابق من متحف الدولة القرغيزية التاريخي في بيشكك، يوجد معرض آسر يعرض مجموعة من هدايا الدول المقدمة لقيرغيزستان. من بينها مزهرية خزفية مرجانية حمراء مزينة بتنانين ذهبية وصولجان رويي برونزي مذهب وتحفة فنية من أعمال الفرشاة التقليدية وغيرها.
هذه الهدايا الصينية المعروضة في أحد أهم المتاحف في آسيا الوسطى تدل على حسن الجوار والتفاعلات الوثيقة بين الصين وقرغيزستان، والتي يزداد تعزيزها وتنشيطها من خلال الزيارة الرسمية الجارية التي يقوم بها رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ إلى الدولة الواقعة في آسيا الوسطى.
وفي يوم الأربعاء، وهو اليوم الثاني من إقامته في بيشكك، التقى لي على التوالي مع رئيس الوزراء القرغيزي أكيلبيك جاباروف والرئيس القرغيزي صدير جاباروف. خلال اجتماعه مع الرئيس القرغيزي، قال رئيس مجلس الدولة الصيني إن الصين على استعداد للعمل مع قرغيزستان لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك أقوى وأكثر ديناميكية وفعالية مع قرغيزستان لتحقيق منافع أفضل للشعبين.
ويأتي عقد الاجتماعات بعد حوالي خمسة أشهر من رفع البلدين العلاقات الثنائية إلى مستوى شراكة إستراتيجية شاملة لعصر جديد، مما دفع علاقتهما الدبلوماسية إلى أفضل مستوياتها في رحلة مستمرة منذ 31 عاما.
وقال لي خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء القرغيزي إن العلاقات الصينية-القرغيزية حافظت على تنمية رفيعة المستوى في السنوات الأخيرة.
ومتفقا بالرأي مع لي، ذكر جاباروف أن عام 2023 يعتبر عاما “مثمرا” للعلاقات القرغيزية-الصينية.
وفي اجتماعه مع رئيس مجلس الدولة الصيني، أفاد الرئيس القرغيزي أيضا أن العلاقات الثنائية حافظت على زخم قوي للتنمية.
وأظهرت البيانات أنه في عام 2022، وصل حجم التجارة بين الصين وقرغيزستان إلى مستوى قياسي بلغ 15.5 مليار دولار أمريكي، بزيادة 105.6 في المائة على أساس سنوي. وبحلول الربع الأول من 2023، استثمرت الصين 29.35 مليون دولار في قيرغيزستان، لتصبح ثاني أكبر مصدر للاستثمار وأكبر شريك تجاري وأكبر مصدر للواردات بالنسبة لقرغيزستان.
وقال زالين زينالييف، نائب مدير الوكالة الوطنية للاستثمار التابعة لرئيس جمهورية قيرغيزستان، لوكالة أنباء ((شينخوا)) في مقابلة أجريت معه مؤخرا إنه “خلال السنوات الـ10 الماضية، كان الشريك الاستثماري الرئيسي لقرغيزستان هو الصين، أي أنه بشكل عام، 33 في المائة من الاستثمارات التي تم استقطابها جاءت من الصين”.
وأفاد زينالييف أن العلاقات القرغيزية-الصينية تطورت بشكل مكثف في العقود الأخيرة واليوم تُوصف بأنها إستراتيجية.
بدوره، قال إيغور شيستاكوف، أستاذ العلوم السياسية القرغيزي، إن الصين وقرغيزستان تتقاسمان علاقة حسن جوار أخوية حقيقية، مضيفا أن التعاون الصيني-القرغيزي غير ملزم بأي اتفاق.
وخلال جولتين من التبادلات رفيعة المستوى ظهر الأربعاء بين لي وقادة قرغيزستان، تم التطرق إلى خط السكك الحديدية بين الصين وقرغيزستان وأوزبكستان، وهو مشروع رئيسي في إطار تعاون الحزام والطريق، مرارا وتكرارا.
وخلال الاجتماع مع نظيره القرغيزي، دعا رئيس مجلس الدولة الصيني إلى تسريع بناء المشاريع الرئيسية مثل خط السكك الحديدية بين الصين وقرغيزستان وأوزبكستان. وعقب ساعات، في اجتماعه مع الرئيس القرغيزي، دعا كلا البلدين إلى العمل من أجل الشروع المبكر في بناء السكك الحديدية.
وردا على ذلك، أوضح رئيس الوزراء أن قرغيزستان على استعداد للعمل مع الصين لتعميق تعاون الحزام والطريق وتسريع بناء السكك الحديدية. وقال الرئيس القرغيزي إن بلاده مستعدة لتعزيز تعاون الحزام والطريق مع الصين.
وتحمل هذه الدعوات والتعهدات أهمية كبيرة لأنها جاءت بعد أسبوع تقريبا من عقد الدورة الثالثة من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي في بكين، احتفالا بمرور العقد الذهبي الأول لمبادرة الحزام والطريق، والذي أعلنت خلاله الصين أنها سوف تعمل مع جميع الأطراف المعنية لنقل تعاون الحزام والطريق إلى مرحلة جديدة من التنمية عالية الجودة.
في سبتمبر 2022، وقعت الصين وقرغيزستان وأوزبكستان مذكرة تفاهم بشأن التعاون في القسم القرغيزي من خط السكك الحديدية بين الصين وقرغيزستان وأوزبكستان، لتحرز تقدما كبيرا في مشروع بناء ممر نقل في القارة الأوراسية، من شأنه تعزيز الترابطية مع تمكين حدوث اختراق اقتصادي لدول آسيا الوسطى. وقد بدأت بالفعل الاستعدادات لخط السكك الحديدية.
وبالنسبة لزينالييف، فإن السكك الحديدية ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة لقيرغيزستان.
وقال إن “فرع السكك الحديدية في البلاد لم يتم تطويره، وبناء خط السكة الحديدية هذا سيسمح لقرغيزستان بالخروج من طريق مسدود بالنسبة للسكك الحديدية، والوصول إلى مستوى جديد من الخدمات اللوجستية والنقل”.
وأفاد كوبانيتشبيك تابالدييف، الباحث السياسي القرغيزي وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة ألا-تو الدولية في بيشكك، أن “آسيا الوسطى تقع على طول طريق الحرير القديم، وقد شاركت جميع دول المنطقة في تعاون الحزام والطريق بطريقة أو بأخرى”.
وذكر تابالدييف لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن خط السكك الحديدية بين الصين وقرغيزستان وأوزبكستان دليل لا جدال فيه على أن الصين وآسيا الوسطى تريدان تحسين البنية التحتية بشكل مشترك على طول طريق الحرير القديم، مضيفا أنه “مع افتتاح خط السكة الحديدية هذا، ستتاح لجميع دول المنطقة الفرصة لتقليل وقت نقل البضائع عبر الحدود”.