مقالة خاصة: التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي سيُسهم في توفير المزيد من الاستقرار وسط التحديات العالمية
وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:
اجتمع الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الخميس مع رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، اللذين وصلا إلى الصين لحضور القمة الـ24 بين الصين والاتحاد الأوروبي.
ووسط الوضع الدولي المضطرب على نحو متزايد، فإن العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي لا تكتسب أهمية إستراتيجية فحسب، بل تحمل أيضا تأثيرا عالميا، ومن ثم يكون لها انعكاسات على السلام والاستقرار والرخاء العالمي.
كانت القمة التي عقدت بين الصين والاتحاد الأوروبي في بكين هذه المرة أول اجتماع حضوري بعد الجائحة، وتوصل خلالها الجانبان إلى توافق واسع في الآراء بمختلف المجالات. ويُعتقد على نطاق واسع أن الاتصالات التي تتم وجها لوجه بين قادة الصين والاتحاد الأوروبي من شأنها توفير المزيد من الاستقرار للعالم وضخ زخم أقوى في التنمية العالمية.
— تعميق التعاون العملي
خلال اجتماعهم، قال شي لقادة الاتحاد الأوروبي إن الاقتصاد الصيني يتمتع بقوة دفع جيدة من النمو المطرد.
وذكر شي أنه في الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى تحقيق تنمية عالية الجودة وانفتاح عالي المستوى، فإنها ترى الاتحاد الأوروبي شريكا رئيسيا للتعاون الاقتصادي والتجاري، وشريكا مفضلا للتعاون العلمي والتكنولوجي، وشريكا جديرا بالثقة للتعاون في مجالي السلاسل الصناعية وسلاسل الإمداد.
وخلال القمة، أكد الجانبان تأكيدا تاما على نجاح مختلف الحوارات التي جرت هذا العام حول العلاقات الإستراتيجية والاقتصاد والتجارة والبيئة والمناخ والمجالات الرقمية بين الصين والاتحاد الأوروبي. وتعهدا بمواصلة الحوار.
عقدت الصين والاتحاد الأوروبي أكثر من 70 اجتماعا أو حوارا مؤسسيا. وهما ثاني أكبر شريكين تجاريين لبعضهما البعض، حيث تتدفق بينهما بضائع تقدر قيمتها بنحو 100 مليون دولار أمريكي كل ساعة.
ووفقا للبيانات الصادرة عن الهيئة العامة للجمارك في الصين، فقد نمت واردات البلاد من الاتحاد الأوروبي بنسبة 5 في المائة خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر هذا العام، لتصل إلى 1.81 تريليون يوان (0.25 تريليون دولار أمريكي)، فيما تقلص الفائض التجاري مع الاتحاد الأوروبي بنسبة 16.7 في المائة، ليصل إلى 1.41 تريليون يوان.
وقال إيفو يغوسيبوفيتش، الرئيس الكرواتي الأسبق، إن “الصين شريك اقتصادي هام للدول الأوروبية، والعكس صحيح. ويتعين علينا دائما إيجاد سبل لتحسين التعاون”.
وخلال القمة، ذكر رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ أن الصين مستعدة لاستكشاف المزيد من أنماط التعاون متبادلة المنفعة مع الاتحاد الأوروبي والسعي بجد لضخ زخم جديد في العلاقات الثنائية.
وتابع لي بقوله “سنواصل توسيع التجارة والاستثمار في الاتجاهين، وسنواصل رفع مستوى تحرير التجارة والاستثمار وتسييرهما، وتعميق الشراكة الخضراء، وإقامة شراكة رقمية بنشاط، وتعزيز التبادلات الشعبية”.
وقد طبقت الصين منذ الأول من ديسمبر سياسة الدخول بدون تأشيرة بالنسبة لست دول هي فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا واسبانيا وماليزيا.
وحسب الإحصاءات الصادرة عن مصلحة الهجرة الوطنية في الصين، دخل الصين ما يقرب من 18 ألف شخص من الدول الست فى الفترة من الأول إلى الثالث من ديسمبر، بزيادة يومية نسبتها 39 في المائة مقارنة مع 30 نوفمبر.
ووفقا للإحصاءات الصادرة عن الإدارة الوطنية للهجرة في الصين، دخل ما يقرب من 18 ألف شخص من الدول الست الصين في الفترة من 1 إلى 3 ديسمبر، بزيادة يومية نسبتها 39 في المائة مقارنة بـ30 نوفمبر.
لم يتفاجأ جوزيب ماريا غوميز، وهو مطور أعمال دولية في غرفة برشلونة للتجارة، من أن خمس من الدول التي تطبق عليها سياسة الدخول بدون تأشيرة هي أعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وقال إن “اسبانيا والدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي لديها روابط وعلاقات قوية بشكل استثنائي مع الصين، وفي الواقع، تضاعفت استثماراتها في الصين تقريبا في السنوات القليلة الماضية”.
— تعزيز التواصل عبر الحوار
أكد شي أن الصين ستواصل تعزيز التعاون عالي الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق، بما في ذلك من خلال خلق تآزر بين مبادرة الحزام والطريق وإستراتيجية البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي لمساعدة الدول النامية على النمو بشكل أسرع.
وتهدف مبادرة الحزام والطريق إلى إنشاء شبكات للتجارة والبنى التحتية تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا على طول مسارات طريق الحرير القديم. وفي الوقت نفسه، تعتزم “البوابة العالمية” دعم تطوير البنى التحتية في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في القطاع الرقمي وقطاعات المناخ والطاقة والنقل والصحة والتعليم والبحوث.
فقد أصبحت مدينة دويسبورغ الألمانية، بما لديها من أكبر ميناء داخلي في أوروبا، وجهة مهمة لقطارات الشحن السريعة بين الصين وأوروبا، وهي مشروع رائد في إطار مبادرة الحزام والطريق، في أوروبا الغربية.
وسلط لارس نينهاوس، كبير مسؤولي التشغيل في دويسبورغ بورت غروب، الضوء على أن قطارات الشحن السريعة بين الصين وأوروبا حققت نتائج مثمرة كجزء من مبادرة الحزام والطريق.
وصلت قطارات الشحن السريعة بين الصين وأوروبا إلى 217 مدينة في 25 دولة أوروبية.
وأظهرت بيانات صادرة عن مشغل خطط السكك الحديدية في الصين أنه في الأشهر الـ11 الأولى من العام الجاري، تم تشغيل 16145 قطارا ضمن قطارات الشحن السريعة بين الصين وأوروبا حيث نقلت ما يقرب من 1.75 مليون حاوية معيارية مكافئة لعشرين قدما من البضائع، بزيادة قدرها 7 في المائة و19 في المائة على أساس سنوي على التوالي.
وقال حسين عسكري، نائب رئيس معهد دراسات الحزام والطريق في السويد، إن “الرئيس شي قدم مقترحا جيدا جدا فيما يتعلق بتحقيق المواءمة بين مبادرة الحزام والطريق والبوابة العالمية الخاصة بالاتحاد الأوروبي”، مضيفا أن هذه المواءمة ستعود بالفائدة على قطاع الصناعة في أوروبا وستزيد الصادرات إلى الصين وبقية العالم.
خلال القمة، تعهد الجانبان أيضا بالانفتاح والمنفعة المتبادلة، وأعربا عن معارضتهما لفك الارتباط، واتفقا على ضرورة توفير بيئة أعمال عادلة وغير تمييزية لشركات بعضهما البعض.
وقال شي إن الجانبين “لا ينبغي أن ينظرا إلى بعضهما البعض على أنهما متنافسان لمجرد اختلاف أنظمتنا، كما لا ينبغي أن يعملا على الحد من التعاون بسبب وجود منافسة أو ينخرطا في مواجهة بسبب وجود خلافات”.
وذكر رئيس مجلس الدولة الصيني لي أن الصين تعارض انتهاك الأعراف الأساسية لاقتصاد السوق وتعارض تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية أو التوسيع المفرط لمفهوم الأمن، مشجعا الاتحاد الأوروبي على إبقاء أسواقه التجارية والاستثمارية مفتوحة.
— مواجهة التحديات العالمية
خلال القمة، تعهد الجانبان بالتمسك بالتعددية وممارستها، وتعزيز التنسيق داخل الأمم المتحدة وغيرها من الأطر متعددة الأطراف، ودفع إصلاح منظمة التجارة العالمية، والعمل معا لمواجهة التحديات العالمية مثل الأمن الغذائي، وتغير المناخ، والصحة العامة.
في هذا السياق قالت هيلغا زيب-لاروش، مؤسسة ورئيسة ((شيلر إنستتيوت))، إن “الصين وأوروبا لديهما مصلحة قوية في استقرار نظام متعدد الأقطاب”.
وأشارت إلى أنه “إذا قررت أوروبا التعاون مع الصين بشكل بناء، بدلا من النظر إلى الصين على أنها خصم مؤسسي، فإن ذلك سيعزز بشكل كبير من رخاء جميع الدول المشاركة”.
من جانبه قال إريك سولهايم، وكيل الأمين العام السابق للأمم المتحدة والمدير التنفيذي السابق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة “لا شك أنه إذا تعاونت الصين والاتحاد الأوروبي، فإن معالجة جميع القضايا الرئيسية في عصرنا ستكون أسهل بكثير”.
وأضاف “سواء تعلق الأمر بالأضرار البيئية أو تغير المناخ أو مكافحة الفقر العالمي أو استئناف النشاط الاقتصادي بعد كوفيد-19 أو حل الصراعات في أوكرانيا وغزة وأماكن أخرى — فخلاصة القول هي أن أي مشكلة يمكن حلها بسهولة أكبر من خلال التعاون”.