الصين تكثف دورها في أفغانستان مع اقتراب انسحاب الغرب
وكالة رويترز للأنباء:
قال مسؤولون أفغان إن الصين وأفغانستان ستوقعان اتفاقا خلال الأيام المقبلة يعمق بشكل استراتيجي الروابط بينهما في أقوى مؤشر حتى الآن على رغبة بكين في الضلوع بدور بخلاف الشراكة الاقتصادية في الوقت الذي تتأهب فيه القوات الغربية لمغادرة افغانستان.
ولم تضطلع الصين بدور كبير خلال الجزء الاكبر من المساعي الدولية القائمة منذ نحو عشر سنوات لتحقيق الاستقرار في أفغانستان واختارت المضي في تحقيق أهداف اقتصادية بما في ذلك الحصول على إمدادات في المستقبل من الموارد المعدنية في أفغانستان التي لم يستفد منها أحد بعد.
ومع قرب انتهاء العمليات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة وتسليم المسؤولية الأمنية إلى القوات المحلية تكثف بكين إلى جانب قوى إقليمية بالتدريج من الانخراط في منطقة ما زالت تمثل خطرا من حيث احتمال سيطرة متشددين إسلاميين عليها.
وسيجري الرئيس الصيني هو جين تاو ونظيره الأفغاني حامد كرزاي محادثات على هامش قمة منظمة تعاون شنغهاي في بكين هذا الأسبوع حيث سيبرمان معاهدة شاملة تضبط الروابط بينهما بما في ذلك التعاون الامني.
ووقعت أفغانستان سلسلة من اتفاقات المشاركة الاستراتيجية بما في ذلك مع الولايات المتحدة والهند وبريطانيا إلى جانب دول أخرى في الأشهر القليلة الماضية والتي وصفها مسؤول أفغاني بأنها “غطاء تأميني” للفترة التي تعقب نهاية 2014 عندما تنسحب القوات الأجنبية.
وقال جانان موسى زاي وهو متحدث باسم وزارة الخارجية الأفغانية لرويترز “سيلتقي رئيس أفغانستان مع الرئيس الصيني في بكين وما سيحدث هو ترقية لعلاقاتنا القائمة الراسخة إلى مستوى جديد.. مستوى استراتيجي.”
وأضاف “سيشمل ولا شك مجالا واسعا يضم التعاون في القطاع الأمني ومشاركة مهمة جدا في القطاع الاقتصادي والمجال الثقافي.”
ورفض ذكر تفاصيل بشأن التعاون الأمني لكن اندرو سمول وهو خبير في الشؤون الصينية في صندوق مارشال الأوروبي الذي يتتبع علاقاتها مع جنوب آسيا إن تدريب قوات الأمن من بين الاحتمالات.
وأضاف سمول أن الصين أشارت إلى أنها لن تساهم في صندوق متعدد الأطراف لتمويل قوات الامن الوطنية الأفغانية والذي يقدر بأنه سيتكلف 4.1 مليار دولار سنويا بعد عام 2014 لكنها من الممكن أن تدرب جنودا أفغانا بشكل مباشر.
وتابع “إنهم قلقون من أن يكون هناك فراغ أمني وهم قلقون من كيفية تصرف الدول المجاورة.”
وتباشر بكين برنامجا محدودا مع مسؤولي إنفاذ القانون الأفغان يركز على مكافحة المخدرات ويتعلق بزيارات إلى إقليم شينجيانغ الصيني المضطرب الذي يلاصق طرفه الغربي الحدود الأفغانية.
ومن المتوقع أن يكون تدريب القوات الأفعانية متواضعا ولا يقترب بأي حال من حجم المساعي الغربية أو حتى الدور الهندي الذي تتدرب من خلاله مجموعات صغيرة من الضباط في مؤسسات عسكرية بالهند.
وقال تشانج لي الأستاذ في شؤون جنوب اسيا بجامعة سيشوان الذي يدرس مستقبل العلاقات الصينية الأفغانية إن الصين تريد القيام بدور أكثر فاعلية لكنها ستضع في اعتبارها حساسيات الدول المجاورة في ركن مضطرب من العالم.
وقال “لا أعتقد أن الانسحاب الأمريكي يعني أيضا الانسحاب الصيني لكن فيما يتعلق بالشؤون الأمنية بأفغانستان على وجه التحديد فستظل الصين تقوم بدور محدود وحذر… تريد الصين القيام بدور أكبر هناك لكن كل خيار في هذا السبيل سيجري تقييمه بعناية قبل اتخاذ أي خطوات.”
وتتنافس الدول المجاورة لأفغانستان وهي إيران وباكستان والهند وروسيا على النفوذ في البلاد التي تمثل ملتقى آسيا الوسطى وجنوب آسيا ويتوقع كثيرون احتدام المنافسة بعد عام 2014.
وتدفقت المساعدات الهندية على أفغانستان وشأنها شأن الصين فإنها وجهت استثماراتها في قطاع التعدين والتزمت بمليارات الدولارات في تطوير مكامن خام الحديد وكذلك بناء مصنع للصلب وغيره من أشكال البنية الأساسية.
ويساورها القلق من معاودة حركة طالبان الظهور والخطر الذي تمثله حركات متشددة تتخذ من باكستان مقرا على أمنها وتنطلق من المنطقة.
وشكت باكستان المتهمة بإقامة روابط وثيقة مع طالبان مرارا من دور الهند الآخذ في الاتساع بأفغانستان وتعتبر خطوات الهند مؤامرة لتطويقها.
وقال سمول “الحرب بالوكالة بين الهند وباكستان واحدة من دواعي القلق الرئيسية.”
وفي فبراير شباط استضافت الصين حوارا ثلاثيا شارك فيه مسؤولون من باكستان وأفغانستان لبحث مساعي المصالحة مع طالبان.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي تشترك فيها بكين مباشرة وصراحة في مساعي إحلال الاستقرار في أفغانستان.
وقال موسى زاي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأفغانية إن كابول تدعم أي جهود لتحقيق السلام في البلاد. ومضى يقول “للصين روابط وثيقة مع أفغانستان. كما أن لها روابط وثيقة للغاية مع باكستان وإذا تسنى لها المساعدة على تحقيق رؤية السلام والاستقرار في أفغانستان فإننا نرحب بذلك.”