العلاقات السليمة والمستقرة بين الصين والولايات المتحدة تحتاج إلى توافق وأفعال
وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:
يبدأ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن زيارته الثانية للصين خلال أقل من عام. وستكون محطته الأولى شانغهاي، حيث صدر بيان شانغهاي التاريخي قبل 52 عاما.
لقد كانت هذه الوثيقة بمثابة بداية تطبيع العلاقات بين الصين والولايات المتحدة. وأظهرت أن بلدين كبريين لهما نظامان اجتماعيان متمايزان يمكنهما إيجاد أرضية مشتركة والسعي إلى التعايش السلمي.
كمتابعة رئيسية للمحادثات الهاتفية الأخيرة بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأمريكي جو بايدن، من المتوقع أن تساعد زيارة بلينكن على استقرار العلاقات الثنائية عملا بروح الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين، على النحو المنصوص عليه في البيان.
وكان هناك تحول ملحوظ في الديناميكية الثنائية منذ زيارته الأخيرة في يونيو 2023، وهو ما انعكس في الابتعاد عن أدنى مستوى تاريخي وصلت له العلاقات قبل عام مضى.
وبدأت العلاقات الثنائية في الاستقرار بعد قمة سان فرانسيسكو بين رئيسي الدولتين العام الماضي. مع ذلك، لا يزال هناك الكثير من الخصومة، التي يغذيها في المقام الأول تمسك واشنطن بالعقلية ذات المحصلة الصفرية وتأطير الصين باعتبارها تهديدا.
وتتطلب العلاقات الصحية والمستقرة بين الصين والولايات المتحدة تطوير التصور الصحيح تجاه بعضهما البعض واتخاذ إجراءات ملموسة من كلا الجانبين، بما يتفق مع إجماع رئيسي الدولتين.
وواجهت العلاقة بين الصين والولايات المتحدة رياحا معاكسة شديدة في السنوات الأخيرة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التصور المعيب للغاية بين السياسيين الأمريكيين تجاه الصين، والذين يعتبرونها المنافس الاستراتيجي طويل الأجل و”التحدي الجيوسياسي الأكثر أهمية”.
وبدلا من النظر إلى الصين على أنها “منافس مشروع”، كما ذكرت مؤخرا المجلة الإخبارية الإلكترونية ((ذا ديبلومات))، فإن خوف واشنطن من نمو الصين قد تجاوز نقطة العقلانية.
وقد دفع هذا الخوف غير العقلاني من نمو الصين واشنطن إلى تبني سياسات وخطابات عدائية بشكل متزايد، مما زاد من توتر العلاقات الثنائية.
ومما لا شك فيه أن هناك منافسة بين الصين والولايات المتحدة، لا سيما في المجال الاقتصادي والتجاري. مع ذلك، لا تقبل الصين الفكرة التي مفادها بأن علاقاتهما يجب أن تحددها المنافسة فقط، نظرا لأن هذا السرد لا يلخص مجمل أو جوهر العلاقة الثنائية الأكثر أهمية في العالم.
وفي الوقت نفسه، يجب أن يكون لأي منافسة حدود واضحة وأن تكون عادلة. وينبغي أن يتم ذلك في إطار القواعد المعمول بها وأن يمتنع عن تقويض القدرات الإنمائية والحقوق المشروعة للدول الأخرى. وتطمح الصين إلى المنافسة الصحية التي تعزز التحسين المتبادل وليس التنافس الذي يهدف إلى التدمير المتبادل.
وتأتي زيارة بلينكن المرتقبة إلى الصين في أعقاب الزيارة الثانية لوزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إلى الصين في غضون عام. في الواقع، منذ قمة سان فرانسيسكو، انخرطت الصين والولايات المتحدة في تبادلات مهمة عبر مستويات ومجالات متعددة، مع استئناف الجيشين الاتصالات والحوارات.
ولا تزال الصين ملتزمة بالحوار المفتوح والتواصل مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، يجب على واشنطن أن تدرك أن الحوار يجب أن يستند إلى المساواة والاحترام، ويجب أن تتماشى الأفعال مع الأقوال. ولن يؤدي الانخراط في إلقاء العظات من جانب واحد أو التلاعب من موقع قوة إلى إقامة حوار بناء مع الصين.
وعلى أساس المساواة والاحترام المتبادل، الصين مستعدة لمزيد من التعاون مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، من غير الواقعي أن تتوقع واشنطن تعاونا غير مشروط من الصين بينما تقوض في الوقت نفسه المصالح الأساسية للصين.
وتعد قضية تايوان في صميم المصالح الجوهرية للصين، ومبدأ صين واحدة هو حجر الزاوية في الأساس السياسي للعلاقات الصينية الأمريكية. ويتعين على الجانب الأمريكي الالتزام بمبدأ صين واحدة والأحكام الواردة في البيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة، والتعامل بحكمة وبشكل مناسب مع القضايا المتعلقة بتايوان، وتحويل التزام الرئيس الأمريكي جو بايدن بعدم دعم “استقلال تايوان” إلى أفعال ملموسة.
وتأتي زيارة بلينكن في وقت تجري فيه تدريبات مشتركة بين الولايات المتحدة والفلبين في بحر الصين الجنوبي، وهو استعراض استفزازي غير ضروري للقوة العسكرية لا يؤدي إلا إلى مفاقمة التوترات الإقليمية. وبعث ادعاء واشنطن الأخير بالالتزام الدفاعي “الصارم” تجاه الفلبين برسالة خاطئة وزاد من تصلب نهج المواجهة للفلبين.
وتعارض الصين بشدة تدخل الولايات المتحدة في قضية بحر الصين الجنوبي وزرع بذور الشقاق بين الصين وجيرانها. لا يمكن المساس بسيادة الصين الإقليمية وحقوقها ومصالحها البحرية، والصين حازمة في عزمها على حماية حقوقها ومصالحها المشروعة.
وباعتبارهما عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي والاقتصادين الأكبر، تتحمل الصين والولايات المتحدة مسؤولية خاصة تجاه الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
وفي خضم الأزمة الأوكرانية التي طال أمدها، تتمسك الصين بموقف موضوعي ومحايد، وتعزز بنشاط محادثات السلام والقرارات السياسية مع الالتزام بالمشاركة البناءة. بينما يتعين على واشنطن التفكر في دورها الذي ساهم في تفاقم الأزمة والكف عن إحالة اللوم المتواصل والواهي ضد الصين.
وينطوي مسار العلاقات بين الصين والولايات المتحدة على آثار عميقة فيما يتعلق برفاهية شعبي البلدين والمجتمع العالمي. وعلى الرغم من الرغبة المتبادلة في العزوف عن المواجهة، تكمن الحتمية الآن في ترجمة هذا التوافق في الآراء إلى أفعال ملموسة.