شي جين بينغ وطاجيكستان.. “أخان صالحان يسيران جنبا إلى جنب”
قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في مقاله الموقع، الذي نُشر في وسائل إعلام طاجيكية قبل قيامه بأول زيارة دولة إلى البلاد في عام 2014، “يغمرني الفرح والترقب لزيارة وطن جار طيب وأخ صالح خلال فصل الخريف المنعش هذا”.
وفي منتصف هذا الصيف، ستسطر زيارة الدولة الثالثة التي يقوم بها شي إلى طاجيكستان بالتأكيد فصلا جديدا للصداقة بين البلدين.
— رداء ووسام
خلال زيارة الدولة التي قام بها شي في عام 2014، دعا الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن الرئيس شي إلى قصر الرئاسة لحضور وليمة عائلية. وللترحيب بضيفه المميز، أمر رحمن ببسط سجادة حريرية عند مدخل قصره الرئاسي — وهي قواعد آداب طاجيكية من أعلى درجات الشرف مخصصة للضيوف المبجلين.
واستقبل رحمن، برفقة عائلته بملابسهم التقليدية، شي وعقيلته بنغ لي يوان.
وسار الزعيمان وتجاذبا أطراف الحديث داخل فناء القصر الرئاسي، حيث كانت الأشجار الوارفة والفواكه العطرة. وقطف رحمن إحدى ثمار الفاكهة من شجرة وأعطاها لشي.
داخل الغرفة، قام رحمن شخصيا بوضع رداء الشابان — وهو رداء طاجيكي تقليدي — على شي وربط حزاما حول خصره.
وقال شي لرحمن “لقد رأيت دوشنبه مليئة بالحيوية والتطور السريع، وشعرت بمشاعر البساطة والود وكرم الضيافة التي يتحلى بها الشعب الطاجيكي”.
وعندما عاود شي زيارة دوشنبه في يونيو 2019، قلّده رحمن وسام التاج.
وخلال الحفل، لف رحمن الوشاح على كتف شي ووضع عليه أعلى وسام لبلاده. ولدى إشارته إلى أن وسام التاج يجسد الصداقة العميقة التي حافظ عليها شعب طاجيكستان مع شعب الصين، قال شي إنه يقدر الوسام تقديرا عاليا.
ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وطاجيكستان، حققت العلاقات الثنائية تقدما كبيرا، وتطورت من مستوى شراكة إستراتيجية إلى شراكة إستراتيجية شاملة. واليوم، يبني الجانبان معا مجتمعا ذي مستقبل مشترك بين الصين وطاجيكستان يتميز بالصداقة الدائمة والتضامن والمنفعة المتبادلة.
وقال قانواتولو سايفولوف، نائب مدير وكالة أنباء ((خوفار)) الحكومية، لوكالة أنباء ((شينخوا)) في مقابلة، إن “الصداقة بين الزعيمين أدت إلى تطور إيجابي في العلاقات الثنائية”.
— معالم تعاون بارزة
في وسط مدينة دوشنبه، ينتصب مبنيان أبيضان مذهلان على طول شارع روداكي. وتوشك مراحل تشطيب قاعات الحكومة والبرلمان الجديدة على الانتهاء. ويعد المبنيان من أبرز معالم التعاون العملي بين الصين وطاجيكستان.
وقرر الجانبان العمل على المشروع خلال زيارة رحمن للصين في عام 2017. وعندما زار شي طاجيكستان بعد ذلك بعامين، حضر شي ورحمن حفل الكشف عن نماذج بناء مبنيي المكاتب اللذين يشيدان بمساعدة من الصين. كما تم إطلاع الرئيسين على خطط التصميم وتفاصيل المشاريع.
ويتميز هذان الصرحان بالمزج بين فنون العمارة الأوروبية الكلاسيكية والثقافة الإسلامية والتصاميم الحديثة.
وقال يوسف رحمت بكزودا، نائب مدير مشروع البناء، إن الانتهاء من المبنيين لن يوفر للحكومة بيئة مكتبية مريحة وعصرية فحسب، وإنما سيحسن أيضا المشهد الحضري في العاصمة بشكل كبير، مضيفا أن “هذين المبنيين الفريدين سيكونا بمثابة رمزين للصداقة بين الصين وطاجيكستان”.
وفي عام 2014، وقع البلدان مذكرة لبناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، مما يجعل طاجيكستان أول دولة تقوم بذلك في إطار مبادرة الحزام والطريق، المقترح الرائد للرئيس شي.
وأسفرت شراكة الصين في مبادرة الحزام والطريق مع طاجيكستان عن العديد من المشاريع الحيوية ذات المنفعة المتبادلة.
لنأخذ محطة دوشنبه رقم 2 لتوليد الكهرباء، وهي برنامج تعاون ثنائي رائد ضمن مبادرة الحزام والطريق، على سبيل المثال. فخلال زيارة شي في عام 2014، حضر الرئيسان حفلا أقيم بمناسبة الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع ووضع حجر الأساس للمرحلة الثانية.
ومنذ اكتمال المحطة بحلول نهاية عام 2016، لم يعد أكثر من 700 ألف مواطن محلي في دوشنبه قلقين بشأن نقص الطاقة على مدار العام، وخاصة خلال أشهر الشتاء الباردة.
كما أعطت مبادرة الحزام والطريق في السنوات الأخيرة دفعة قوية للتجارة بين البلدين. وفي العام الماضي، سجلت التجارة الثنائية 3.9 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 53.5 في المائة على أساس سنوي.
وقال رحمن ذات مرة في مقابلة إن “طاجيكستان ترحب وتدعم هذه المبادرة الحكيمة للغاية، والتي تستجيب لاحتياجات طاجيكستان”.
— كتابا الرئيسين
تتمتع التبادلات الشعبية بين الصينيين والطاجيك بتاريخ طويل. من خلال طريق الحرير القديم، تبادل أسلاف البلدين السلع والأفكار وتعلموا الكثير من بعضهم البعض.
وسافر شوان تسانغ، وهو راهب بارز من القرن السابع، وتشن تشنغ، وهو دبلوماسي صيني خلال عهد أسرة مينغ، إلى آسيا الوسطى كمبعوثين صينيين للصداقة، حسبما كتب الرئيس شي في مقال موقع نُشر في وسائل إعلام طاجيكية قبل زيارته للبلاد في عام 2019. وقال إن “سيرة شخصياتكم التاريخية والأدبية مثل الأمير إسماعيل ساماني والشاعر الشهير روداكي معروفة على نطاق واسع في الصين”.
“الحكماء يسعون إلى الإحسان والسلام؛ فقط الأحمق يصر على الفتنة والحرب”، ذكر شي هذا الاقتباس المأخوذ من قصيدة الشاعر الشهير روداكي خلال خطاب ألقاه في القمة الخامسة لمؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا.
كما أدى نشر أعمال الرئيسين في كلا البلدين إلى تعزيز عملية تبادل الأفكار.
في عام 2019، تم إصدار النسخة الطاجيكية من المجلد الأول لكتاب “شي جين بينغ: حوكمة الصين”. وقال رحمن إن الكتاب يمكن أن “يساعد الشعب الطاجيكي على فهم الصين وفلسفة الرئيس شي في حكم البلاد ومسار التنمية في الصين بشكل أفضل”.
وأيضا، في ذلك العام، تم نشر النسخة الصينية من كتاب رحمن “الطاجيك في مرآة التاريخ” في الصين. وذكر شي الكتاب في مقاله الموقع وقال إن الكتاب يعطي “الشعب الصيني نظرة جديدة حول طاجيكستان”.
ولطالما دعا الزعيم الصيني إلى التبادلات والتعلم المتبادل بين مختلف الثقافات. في نظره، يسمو التعلم المتبادل ليتجاوز الصدامات ويسمو التعايش ليتجاوز مشاعر التفوق. كما دعا إلى بناء مبادرة الحزام والطريق لتصبح “طريقا يربط بين الحضارات المختلفة”.
وفي إطار مبادرة الحزام والطريق، عززت برامج، مثل معاهد كونفوشيوس وورش عمل لوبان والمركز الصيني الطاجيكي للطب التقليدي، اللقاءات الثقافية بين الشعبين.
وعند وداع شي في المطار بعد أن اختتم الزعيم الصيني زيارته لطاجيكستان في عام 2014، ذكر رحمن أن إحدى النتائج الرئيسية للزيارة هي أنه والرئيس شي أصبحا أخوين أكثر قربا، قائلا “أخان صالحان يسيران جنبا إلى جنب”.