موقع متخصص بالشؤون الصينية

رأي ضيف: الحكمة الصينية تنير الطريق إلى المصالحة الفلسطينية

0

في الفترة من 21 حتى 23 يوليو، أجرى ممثلون رفيعو المستوى من 14 فصيلا فلسطينيا حوار مصالحة في بكين. وفي الجلسة الختامية، اعتلى الممثلون المنصة واحدا تلو الآخر، وتصافحوا واحتضنوا بعضهم البعض، ووقعوا على ((إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية)) بحضور وزير الخارجية الصيني وانغ يي. وأعاد هذا المشهد المصالحة التاريخية بين المملكة العربية السعودية وإيران في ربيع العام الماضي إلى أذهاننا، وكانت أيضا في بكين. فلا يسع المرء إلا أن يتساءل، لماذا بكين دائما؟

ــ تجسيد حي للحضارة الصينية الساعية إلى السلام

تدعو الحضارة الصينية، التي يعود تاريخها إلى ما قبل أكثر من 5 آلاف عام، دائما إلى السلام والوئام والانسجام. من الماضي إلى الحاضر، ما تعتمد عليه الأمة الصينية لنيل مكانتها وتأثيراتها في العالم ليس الإيمان بالقوة العسكرية أو التوسع الخارجي، بل هو الجاذبية الكبيرة للثقافة الصينية. ويدعو الإسلام إلى السلام أيضا، إلا أن الشرق الأوسط عانى لفترة طويلة من التدخل الخارجي وأصبح ساحة للتجاذبات بين الدول الكبرى، مما تسبب في غرقه في دوامة الحروب والاضطرابات. ويمثل السعي المشترك للجانبين وراء السلام القاسم المشترك بين شعوب الشرق الأوسط والشعب الصيني، حيث يأمل أبناء المنطقة في أن تتمكن حكمة الصين وجهودها من جلب السلام الحقيقي لهم.

ــ ممارسة ناجحة لمبادرة الأمن العالمي

بسبب المواجهة بين المعسكرات في المنطقة وتدخل الدول الكبرى والعوامل الأخرى، ظلت الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط مضطربة لفترة طويلة، وخاصة أن الصراع في غزة يستمر بدون حل، وتمتد تداعياته بشكل متواصل، الأمر الذي أدى إلى تدهور وضع الأمن والتنمية والحوكمة في الشرق الأوسط. وتلتزم مبادرة الأمن العالمي بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام وتؤكد على أن الحوار والتشاور يمثلان السبيل الفعال لتسوية الخلافات. وبالاستناد إلى هذا المفهوم، الصين تقترح مبادرة من ثلاث خطوات لحل القضية الفلسطينية للمساعدة في الخروج من المأزق الحالي للصراع في غزة. ويكمن جوهر هذه المبادرة في الوقف الفوري لإطلاق النار وحكم فلسطين من قبل الفلسطينيين ودعم فلسطين لتصبح عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة والبدء في تنفيذ حل الدولتين، بما يتطابق مع التطلعات الحالية للشعب الفلسطيني. لقد أدركت جميع الفصائل الفلسطينية حتى جميع دول الشرق الأوسط أنه لا يمكن حل المأزق الأمني بشكل حقيقي إلا من خلال الالتزام بالتعاون والتعامل سويا مع النزاعات في المنطقة عبر الحوار السياسي والمفاوضات السلمية.

ــ أطلبوا السلام ولو في الصين

الشرط المسبق لدفع المصالحة هو نيل الثقة من جميع الأطراف. والسبب وراء تقدير دول الشرق الأوسط لموقف الصين من قضية الشرق الأوسط يرجع إلى مصداقيتها وأخلاقياتها في نهاية المطاف. فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أظهرت الصين موقفها المطلوب كدولة كبيرة مسؤولة، حيث دائما ما تبدي التزامها بـ”حل الدولتين” وتدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وفيما يتعلق بالخلافات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية، تتقصد بعض الدول الكبرى إطلاق العنان لها وتعمد إلى تأجيجها لجني المكاسب. في حين ليس لدى الصين أي مصالح خاصة في قضية الشرق الأوسط، وهي تعمل على الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة وأثبتت ذلك بتحركاتها العملية. وبناء على ذلك، تقف دول المنطقة إلى جانب الصين بتحركاتها أيضا.

ــ الصين تنصح دائما بالتصالح وتحث على التفاوض

الطريق إلى المصالحة الفلسطينية ليس مفروشا بالورود حتما، ومن الصعب حل القضية الفلسطينية بين ليلة وضحاها. لكن الصين تؤمن بأنه ما دامت كافة الأطراف تتحلى بالصبر والعقلانية وتسعى إلى التوافق من خلال الحوار والتشاور، ستجد الطريق إلى السلام في أحد الأيام. وستواصل الصين التمسك بروح مبادرة الأمن العالمي، ودعم دول الشرق الأوسط لتعزيز الاستقلالية الإستراتيجية، وحل القضايا الأمنية في المنطقة عبر التضامن والتعاون وبناء إطار أمني جديد مشترك وشامل وتعاوني ومستدام في الشرق الأوسط، بما يسمح تقديم المزيد من المساهمات الصينية في مجال الحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتعزيز الأمن والأمان الدائمين في المنطقة.

 

ملحوظة المحرر: يي تشونغ هو محلل في الشؤون الدولية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة مواقف وكالة أنباء ((شينخوا)).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.