وسط التعاون العملي المتعمق…تعليم اللغة الصينية يتقدم بخطوات جديدة في الدول العربية
وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:
أكمل 175 معلما للغة الصينية دورة تدريبية مؤخرا في جامعة تيانجين للمعلمين بشمالي الصين قبل توجههم إلى المملكة العربية السعودية لاستهلال عملهم هناك خلال شهر أغسطس الجاري، ما يعتبر خطوة عملية جديدة لتعزيز التبادل التعليمي والثقافي بين الصين والدول العربية.
خلال السنوات الأخيرة، وسط تعمق التعاون العملي بين الصين والدول العربية والإجراءات الملموسة الرامية إلى تعزيز التبادل التعليمي والثقافي بين الجانبين، أعلنت دول عربية منها الإمارات والسعودية ومصر وتونس إدراج اللغة الصينية في أنظمتها التعليمية الوطنية، وشهد تعلم اللغة الصينية إقبالا متزايدا في الدول العربية وخاصة بين الشباب لأسباب مهنية وأخرى ثقافية لكون اللغة جسرا للتواصل الحضاري.
“جاء في وقت الحاجة”
قال دينغ لونغ، الأستاذ بمعهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة شانغهاي للدراسات الدولية إن إيفاد هذه الدفعة من معلمي اللغة الصينية إلى السعودية “جاء في وقت الحاجة”، مشيرا إلى أن تعليم اللغة الصينية في الدول العربية لا يزال يواجه مشكلات مثل عدم كفاية المعلمين ونقص المواد التعليمية وعدم اكتمال الأنظمة والمناهج الدراسية.
وبعد اتفاق الصين والسعودية على إدراج اللغة الصينية إلى المناهج الدراسية في جميع المراحل التعليمية في المدارس والجامعات السعودية خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الصين في فبراير 2019، تخطط وزارة التعليم السعودية لمواصلة تعزيز إدراج اللغة الصينية في برامج التعليم خلال المرحلة الثانوية في أكثر من 700 مدرسة محلية.
وأضاف دينغ أن إرسال هؤلاء المعلمين إلى السعودية من شأنه المساعدة على حل المشكلات التي يواجهها تدريس اللغة الصينية في المملكة بشكل منهجي وإرساء أساس متين على المدى الطويل لتنمية تعليم اللغة الصينية في السعودية.
واستطرد أنه يجب الالتزام بمعايير عالية وجودة عالية في تطوير تعليم اللغة الصينية، مع دمج أساليب التدريس المتقدمة مثل المتون اللغوية والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والترجمة الآلية في عملية التدريس.
وقال ليو شياو تينغ، بصفته ممثل المعلمين الـ175 في كلمة ألقاها خلال حفل تخرجهم من الدورة التدريبية، إن تعليم اللغة الصينية مسؤولية كبيرة ومهمة مجيدة بالنسبة لهم، وتعهد بألا يدخر جهدا في تطبيق معارفهم وخبراتهم في أعمال تدريس اللغة الصينية في السعودية.
“لماذا تريدون تعلم اللغة الصينية؟”
قال هوانغ شواي، الذي يُدرّس اللغة الصينية في مدرسة الغزالي في أبوظبي منذ عام 2019، إنه في بداية كل فصل دراسي، من عادته طرح سؤال على الطلاب، وهو: “لماذا تريدون تعلم اللغة الصينية؟”، والأجوبة تكون مختلفة، منها: “أشياء كثيرة تُصنع في الصين”، “هناك علاقات جيدة بين الإمارات والصين”، “يمكننا التواصل مع الصينيين الذين يقومون بأعمال تجارية”…
في يوليو 2019، تم إطلاق مشروع “مائة مدرسة” لتعليم اللغة الصينية بشكل رسمي في الإمارات. وحتى مايو الماضي، أصبح هناك 171 مدرسة في الإمارات تقدم دورات اللغة الصينية، ويدرس فيها 71 ألف من متعلمي اللغة الصينية.
ونوه هوانغ إلى أن مشروع “مائة مدرسة” لتعليم اللغة الصينية لا يوفر للطلاب المحليين فرصة لتعلم اللغة الصينية فحسب، بل يوفر أيضا فرصا أكثر للطلاب الأجانب الذين يعيشون في الإمارات.
وتابع هوانغ “من بين أكثر من 200 طالب في الصفين السابع والثامن الذين أقوم بالتدريس لهم، جاء نصفهم تقريبا من الدول المجاورة، مثل مصر وسوريا وفلسطين والأردن وقطر والسعودية ولبنان والسودان”، مضيفا: “يمثل المشروع نقطة انطلاق نحو مستقبل أكثر إشراقا وتنوعا لهم جميعا”.
وحسب بيانات صادرة عن الهيئة العامة للجمارك الصينية، شهد حجم التجارة بين الصين والدول العربية توسعا قويا خلال العقدين الماضيين، حيث ارتفع إجمالي حجم تجارة السلع بين الصين والدول العربية إلى 2.8 تريليون يوان (حوالي 391.12 مليار دولار أمريكي) في عام 2023 من 303.81 مليار يوان في عام 2004، بزيادة 820.9 في المائة.
ومن جانبه، أكد دينغ أن التعاون العملي بين الصين والدول العربية يعود بمنافع ملموسة على متعلمي اللغة الصينية من الدول العربية، وأن الاهتمام المتزايد في العالم العربي باللغة الصينية سيضخ زخما جديدا ويرسي أساسا أكثر صلابة للتعاون الصيني-العربي المستقبلي.
“مفتاح لعالم جديد”
قال محمد جهاد، الشاب المصري الذي يعمل حاليا كخبير أجنبي لدى المجموعة الصينية للإعلام الدولي ببكين، “بالنسبة لي، اللغة الصينية بمثابة مفتاح لعالم جديد، وغيّرت مجرى حياتي تماما”.
بدأ محمد تعلم اللغة الصينية في جامعة عين شمس بمصر عام 2015، وفي سبتمبر 2017، التحق بجامعة نانكاي في بلدية تيانجين بشمالي الصين بعد حصوله على منحة دراسية، ثم أكمل دراسة الماجستير في جامعة الاتصالات في بكين، وهو أيضا أحد الفائزين بالدورة الـ18 لمسابقة “جسر اللغة الصينية” في مصر.
واستذكر أنه اختار تخصص اللغة الصينية في الجامعة بناء على اقتراح والدته نظرا لتفاؤلها بالتنمية المستقبلية للصين والانطباع الجيد الذي تركته تجارب ممارسة الأعمال التجارية لعمه الذي يمتلك شركة استيراد وتصدير في الصين. ومن ثم، أدرك تدريجيا جمال اللغة الصينية، وأضحى مولعا بها وبالثقافة الصينية.
وقال محمد، “بالنسبة للشباب العرب، أشعر أننا محظوظون للغاية لأننا نشهد فترة الذروة من التعاون العربي-الصيني، وذلك مع تعمق التعاون البراغماتي بين الجانبين في مختلف المجالات”، مستشهدا بمعرض “على قمة الهرم: حضارة مصر القديمة” الذي يقام حاليا في بلدية شانغهاي بشرقي الصين.
وأشار: “هناك رغبات متزايدة لدى الشباب العرب لتعلم اللغة الصينية وسط الإمكانات الكبيرة للتواصل مع الشعب الصيني في المستقبل”، مشيرا إلى أنه بالإضافة إلى تخصص اللغة الصينية في الجامعات، قد وجدوا قنوات أخرى متنوعة لتعلم هذه اللغة، مثل المركز الثقافي الصيني ومعهد كونفوشيوس علاوة على قراءة الكتب الصينية، من أجل فهم الصين بصورة أفضل.
وذكر محمد: “في الماضي، لم يكن تعلم اللغة الصينية يحظى بشعبية كبيرة، والآن أصبح أكثر شيوعا”. وبالحديث عن مشاركته في المنتدى العالمي لتنمية الشباب 2024 الذي انطلقت فعالياته في بكين يوم الاثنين الماضي، قال: “رأيت في الحدث تجمع شباب من ثقافات وأديان ولغات وأعراق وخلفيات مختلفة، وكان الكثير من المشاركين الدوليين يتواصلون مع بعضهم البعض باللغة الصينية بدلا من الإنجليزية، وذلك أسعدني بشكل خاص”.