موقع متخصص بالشؤون الصينية

رأي ضيف: بناء مجتمع صيني-أفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مشترك واستشراف غد أفضل للعلاقات بين الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية

0

بقلم تشاو بين

على مدى أكثر من نصف قرن، دعمت الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية بعضهما البعض في الكفاح من أجل التحرر الوطني وفي تحقيق التنمية والانتعاش على الصعيد الوطني. وقد واصل البلدان تعزيز صداقتهما التقليدية والانخراط في تعاون مثمر عبر مختلف المجالات. وفي مايو 2023، قام رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس-أنطوان تشيسكيدي تشيلومبو بزيارة دولة إلى الصين، تكللت بالنجاح التام.

خلال هذه الزيارة، قرر زعيما البلدين بشكل مشترك الارتقاء بالعلاقات بين الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية إلى شراكة تعاونية إستراتيجية شاملة. وفي ظل القيادة المشتركة لرئيسي الدولتين، استمر الجانبان في تعزيز تبادلاتهما وتعاونهما في إطار منتدى التعاون الصيني-الأفريقي (فوكاك)، ما أدى إلى تحقيق تقدم جديد في العلاقات بين الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

أولا، أصبحت الثقة السياسية بين البلدين أكثر قوة. فعلى مدى أكثر من عام، حافظ رئيسا الدولتين على تواصل وثيق عبر مختلف الوسائل ورسما معا مستقبل العلاقات بين الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وفي العام الماضي، شهدت جمهورية الكونغو الديمقراطية إعادة انتخاب الرئيس تشيسيكيدي وإنشاء أجهزة حكومية جديدة بنجاح. وحضر المبعوث الخاص للرئيس شي جين بينغ ونائبة رئيس المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني شن يويه يويه مراسم تنصيب الرئيس تشيسيكيدي في كينشاسا، وبعث قادة الدولة الصينيون برسائل تهنئة إلى نظرائهم في جمهورية الكونغو الديمقراطية بمناسبة انتخابهم أو تعيينهم.

وهذا يعكس الأهمية الكبيرة التي توليها الصين للعلاقات الثنائية. فقد عملت الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية على صعيد الحكومتين والحزبين السياسيين والهيئتين التشريعيتين على تقوية علاقاتهما وتحقيق الاستفادة الكاملة من فوكاك، أهم منصة للتعاون بين الصين وأفريقيا، لتدعيم تبادل الخبرات في مجال حوكمة الدولة، وتعزيز التفاهم والثقة المتبادلين، وحشد الجهود لتوطيد وتطوير الصداقة بين الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

ثانيا، أصبح التعاون العملي بين البلدين أكثر إثمارا. فقد عزز الجانبان تنسيق إستراتيجياتهما التنموية وعملا معا لتحقيق تعاون عالي المستوى في إطار مبادرة الحزام والطريق ومبادرة التنمية العالمية.

وهناك الكثير من الأخبار الإيجابية حول التعاون بين الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية في مجالات البنية التحتية والصناعة والتجارة والاقتصاد والرعاية الاجتماعية. وضخت مشروعات هامة تم الانتهاء منها العام الماضي، مثل محطة كينسوكا للطاقة، ومحطة بوسانغا للطاقة الكهرومائية، ومصنع سافير للسيراميك في مالوكو، وميناء ساكانيا الجاف، زخما قويا في التنمية الصناعية لجمهورية الكونغو الديمقراطية. وفي هذا العام، أُطلقت عدة مشروعات كبرى في إطار حزمة التعاون المسماة “الموارد من أجل المشروعات” بين الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية، من كينشاسا إلى لوالابا، مرورا بكاساي الكبرى، الأمر الذي يقدم دعما كبيرا لجمهورية الكونغو الديمقراطية في تعزيز الربط البيني داخلها.

في النصف الأول من عام 2024، بلغ حجم التجارة بين الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية 12.34 مليار دولار أمريكي، وأصبحت جمهورية الكونغو الديمقراطية وجهة رائدة للاستثمارات الصينية في أفريقيا. وتواصل الشركات الصينية العاملة في جمهورية الكونغو الديمقراطية التزامها بمبدأ المنفعة المتبادلة وتعمل بنشاط على دعم تنمية المجتمع المحلي، مثل بناء “قرى التنمية الريفية التجريبية”، بحيث يمكن للسكان المحليين الاستفادة من الإنجازات الملموسة للتعاون بين الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وكذا من الإنجازات الملموسة للتعاون بين الصين وأفريقيا بوجه عام.

 

 

ثالثا، أصبحت التبادلات الشعبية والثقافية بين البلدين أكثر تواترا. ففي إطار مبادرة الحضارة العالمية، نظم الجانبان العديد من الأنشطة الثقافية مثل “أسبوع الأفلام الصينية”، حيث زادت مراكز الفكر والعلماء ووسائل الإعلام من التواصل واستكشاف سبل توسيع نطاق تعاونها بنشاط.

ومنذ بداية عام 2024، قدمت الصين أكثر من 200 فرصة تدريب في الصين لمسؤولي جمهورية الكونغو الديمقراطية في مختلف المجالات لدعم جمهورية الكونغو الديمقراطية في تنمية المواهب ونمو الشباب. وأصبح معهد كونفوشيوس، الذي أنشأه كلا الجانبين، يحظى بشعبية متزايدة بين شباب جمهورية الكونغو الديمقراطية. وأود أن أسلط الضوء على أن “مركز وسط أفريقيا للثقافة والفنون”، الذي انتهى بناؤه للتو بعد خمس سنوات من العمل، وأصبح رمزا جديدا للتعاون الودي بين الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية وسيكون بمثابة منصة هامة لتعزيز التبادلات الثقافية بين الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبين الصين وأفريقيا.

رابعا، أصبح الدعم المتبادل بين البلدين أقوى. فبخصوص القضية المتعلقة بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وقفت الصين دوما بثبات إلى جانب الإنصاف والعدالة. وتعمل الصين بنشاط من أجل السلام من خلال تشجيع الحوار بين مختلف الأطراف. وقد أنجز حفظة السلام الصينيون مهمتهم في إطار بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي حظيت بإشادة عالية من قبل السلطات الكونغولية. ومن جانبها، تلتزم جمهورية الكونغو الديمقراطية على الدوام بحزم بمبدأ صين واحدة. وحافظ الجانبان على تنسيق وثيق في الشؤون متعددة الأطراف للعمل سويا على حماية المصالح المشتركة للدول النامية.

في الوقت الحالي، تلتزم الصين بإجراء مرحلة جديدة من تعميق الإصلاح في جميع المجالات لتعزيز التحديث الصيني النمط، فيما تعمل أجهزة الدولة الجديدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية على تحقيق “الالتزامات الرئيسية” الستة التي اقترحها الرئيس تشيسكيدي.

تمر العلاقات بين الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية بنقطة انطلاق تاريخية جديدة تتمتع فيها بآفاق واعدة. فقريبا ستُفتتح في بكين الدورة الجديدة من قمة فوكاك، حيث سيناقش ضيوف من مختلف الدول الأفريقية التعاون الصيني الأفريقي. وإنني على ثقة بأن القادة الصينيين والأفارقة سيتوصلون إلى توافق جديد حول موضوع “التكاتف لدفع التحديث وبناء مجتمع صيني-أفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مشترك” خلال هذه القمة.

وسوف تحدد هذه القمة اتجاهات جديدة لتنمية التعاون العالمي والشراكة الإستراتيجية بين الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وتخلق آفاقا جديدة أمام الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية للتطور والتقدم معا.

ملحوظة المحرر: تشاو بين هو سفير الصين لدى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة مواقف وكالة أنباء ((شينخوا)).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.