موقع متخصص بالشؤون الصينية

(فوكاك) السفير المغربي لدى الصين: توسيع أفق التعاون على أساس حسن التبادل الإنساني.. العلاقات المغربية-الصينية في ضوء قمة منتدى التعاون الصيني-الإفريقي لعام 2024

0

أكد عبد القادر الأنصاري، السفير المغربي لدى الصين في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء شينخوا مؤخرا بمناسبة انعقاد قمة منتدى التعاون الصيني-الإفريقي (فوكاك) لعام 2024، أن العلاقات المغربية الصينية تشهد تطورا ملحوظا على جميع الأصعدة، لا سيما في مجالات التعاون الاقتصادي والتبادل الثقافي.

وأوضح أن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، التي تعززت بشكل كبير منذ توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية في عام 2016، تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة تخدم مصالح البلدين.

— التعاون الصيني-الإفريقي: تعزيز الروابط التنموية

تأسست آلية منتدى التعاون الصيني-الإفريقي عام 2000، ومنذ تأسيسها، قدمت وظلت تقدم دعما قويا وزخما كبيرا لتنمية العلاقات الودية ومتبادلة الاحترام والمنافع بين الصين والدول الإفريقية. ومن جانبه، أشار الأنصاري إلى أن منتدى التعاون الصيني-الإفريقي يلعب دورا محوريا في وضع تصور للعلاقات بين الصين والدول الإفريقية. وأكد أن المنتدى يسعى إلى تعزيز التعاون في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك في مجالات الأمن والسلام، حيث يتم وضع تصورات واستراتيجيات تسهم في استتباب الاستقرار الضروري لتحقيق التنمية المستدامة في القارة الإفريقية.

وفي هذا السياق، أشار السفير إلى أن شعار المنتدى لهذا العام “التكاتف لدفع التحديث وبناء مجتمع صيني-إفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مشترك” يتماشى مع سياسة الصين الاقتصادية وجهودها في التحديث والعصرنة. كما يتناغم مع خطة التنفيذ العشرية لأجندة 2063 للاتحاد الإفريقي، التي تهدف إلى التصنيع وعصرنة الدول الإفريقية بما يتناسب مع اختلاف مستويات تنميتها.

— التبادل الثقافي والإنساني: رافد أساسي للعلاقات المغربية-الصينية

على صعيد العلاقات الثنائية بين المغرب والصين، سلط السفير الضوء على أهمية التبادل الثقافي والإنساني بين البلدين، مشيرا إلى أن هذه الروابط تعزز التفاهم المتبادل وتساهم في استدامة العلاقات. وأكد أن العلاقات بين البلدين متجذرة في التاريخ، مستشهدا برحلات ابن بطوطة إلى الصين في القرن الرابع عشر، كما أن الشاي المغربي المعروف عالميا يأتي من الصين، حيث يعد المغرب أكبر مستورد للشاي الأخضر الصيني.

وأوضح السفير أن المغرب كان من أوائل الدول الإفريقية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين منذ خمسينيات القرن الماضي. ومنذ ذلك الحين، تطورت العلاقات بشكل كبير، لا سيما في السنوات الأخيرة، حيث شهدت زيادة كبيرة في أعداد السياح الصينيين إلى المغرب بعد إعفاء المواطنين الصينيين من تأشيرة الدخول في عام 2016.

كما أشار إلى الإقبال الكبير من الشباب المغربي على دراسة اللغة الصينية في الوقت الحاضر بسبب التزايد في العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين ورغبة بعض الشباب في العمل في المجال السياحي بحكم النمو المتوقع للسياحة الصينية إلى المغرب فضلا عن رغبة الشباب الصيني في تعلم اللغة العربية في المقابل. وتزامنا مع ذلك، تتزايد أعداد الطلبة المغاربة الذين يدرسون في الصين، خاصة في المجالات التقنية والتكنولوجية، مما يعزز التعاون الثنائي في مجال التعليم والبحث العلمي.

— الشراكة الاقتصادية: آفاق واعدة للتعاون في قطاع السيارات الكهربائية

فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي، أكد السفير أن الصين تعد أكبر شريك الاقتصادي للمغرب في القارة الآسيوية، وثالث أكبر شريك تجاري عالميا. وأشار إلى أن الشراكة بين البلدين تتطور باستمرار، خاصة في مجالات اقتصادية جديدة مثل الطاقات المتجددة، صناعة السيارات، والصناعات الإلكترونية.

وأوضح السفير أن المغرب يسعى إلى تعزيز موقعه كقاعدة تصنيع إقليمية وعالمية للسيارات الكهربائية، وذلك من خلال التعاون مع الشركات الصينية الرائدة في هذا المجال.

وأكد السفير أن المغرب يمتلك المواد الأولية والكفاءات وغيرهما من جميع المؤهلات لاستقبال المزيد من الاستثمارات الأجنبية في مجال صناعة السيارات الكهربائية، مشيرا إلى أن هناك اتفاقيات تم إبرامها مؤخرا بين شركات صينية ومغربية لتصنيع البطاريات، التي تعد العنصر الأساسي في صناعة السيارات الكهربائية. كما أشار إلى أن المغرب يوفر مناخا استثماريا جاذبا بفضل بنيته التحتية المتطورة، والحوافز الضريبية والجمركية.

 

 

— مبادرة “الحزام والطريق”: المغرب كبوابة لإفريقيا

وحول مبادرة “الحزام والطريق”، أشار السفير إلى أن المغرب، الذي يتمتع بموقع جيوستراتيجي مهم كبوابة لإفريقيا وجسر لأوروبا وطريق نحو القارة الأمريكية، كان من أوائل الدول التي وقعت مذكرة تفاهم بشأن هذه المبادرة. وأوضح أن المغرب يتطلع إلى إنجاز عدد كبير من المشاريع في إطار المبادرة، خاصة في مجالات الصناعة والزراعة، والتي تتكامل مع البرامج التنموية المحلية وتسهم في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين الصين والدول الإفريقية.

وأشار السفير إلى أن المغرب ينفذ سياسة “الانتقال الطاقي” بهدف إنتاج 50 في المائة من الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، مشيرا إلى أن محطة “نور” للطاقة الشمسية المركزة التي تنفذها شركات صينية، هي جزء من المشاريع التي تعكس هذه الجهود.

وأضاف السفير أن المشاريع المشتركة بين البلدين في إطار مبادرة “الحزام والطريق” ستسهم في تسهيل حركة البضائع والأشخاص، وكذلك في نقل التكنولوجيا، مما يعزز التنمية الاقتصادية في المغرب وبقية الدول الإفريقية، مؤكدا أن المستقبل واعد.

— استعدادات المغرب لكأس العالم 2030: فرص استثمارية واعدة

وفيما يتعلق باستعدادات المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، أكد السفير أن هذا الحدث العالمي سيشكل فرصة هامة لتعزيز البنية التحتية في المغرب، مشيرا إلى أن الحكومة المغربية تسعى إلى إشراك الشركات الصينية في تنفيذ عدد من المشاريع المرتبطة بهذا الحدث.

وأعرب السفير عن أمله في أن تسهم الشركات الصينية في إنجاز مشاريع تتعلق بالسكن والطاقة والمواصلات، مما يعزز من قدرة المغرب على تنظيم حدث عالمي ناجح ويحقق فوائد اقتصادية واجتماعية ملموسة.

وفي ختام المقابلة، تحدث السفير عن تجربته الشخصية في الصين منذ توليه منصبه في فبراير الماضي، مشيرا إلى أنه يعتبر نفسه محظوظا للعيش في بكين ومشاهدة التطور السريع الذي تشهده الدولة. وأعرب عن إعجابه بالتقدم التكنولوجي والثقافي الذي تشهده المدن الصينية، مؤكدا أن العلاقات بين المغرب والصين تعتمد على الاحترام المتبادل والرغبة المشتركة في تعزيز التعاون في مختلف المجالات.

وأشار السفير إلى أن العلاقات الإنسانية والثقافية بين البلدين هي الضمان الأساسي لاستمرارية العلاقات على المدى الطويل، معربا عن تطلعه إلى تنفيذ مشاريع ومبادرات تعزز هذه العلاقات بما يعود بالنفع على البلدين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.