موقع متخصص بالشؤون الصينية

مع تنامي اقتصاد الارتفاعات المنخفضة… السماء أكثر حيوية في الصين

0

وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:

قام السيد تشنغ، الذي يعمل في مركز تسوق في مدينة شنتشن بجنوبي الصين، بطلب الطعام عبر هاتفه المحمول، وبعد حوالي ربع الساعة، تلقى مكالمة هاتفية، فتوجه إلى خزانة قريبة وأخرج الوجبة بعد إدخال كلمة المرور. تمت العملية كاملة بدون سائق التوصيل، بل اعتمدت على طائرة بدون طيار.

هذا ليس مشهدا من أفلام الخيال العلمي، بل واقع حدث في مدينة شنتشن، التي تعتبر رائدة في تطوير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة في الصين.

ويشير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة إلى نمط اقتصادي شامل قائم على أنشطة الطيران على ارتفاعات منخفضة للطائرات المدنية المأهولة وغير المأهولة، وينطوي على التطور المتكامل لمجالات معنية متعددة. ويشير المجال الجوي على ارتفاعات منخفضة عادة إلى النطاق المكاني ضمن ارتفاع يصل إلى 1000 متر من سطح الأرض.

ويقع مركز التسوق الذي يعمل فيه تشنغ ضمن نطاق أول مسار تشغيل تجريبي منتظم لطائرات بدون طيار في حي لونغهوا بمدينة شنتشن، حيث تم فتح 30 مسارا لطائرات بدون طيار للمنصة الرائدة في التجارة الإلكترونية “ميتوان”، تغطي المباني الإدارية والمجتمعات السكنية والمواقع السياحية وغيرها من الأماكن، وتوفر أكثر من 90 ألف خيار من مختلف المنتجات مثل الطعام والسلع الاستهلاكية ومنتجات الأمهات والرضع والمنتجات الرقمية.

وقالت يان يان، المسؤولة عن الشؤون المتعلقة بالطائرات بدون طيار في “ميتوان”: “من خلال تحليل البيانات، وجدنا أن الكثير من العملاء لديهم حاجات كبيرة بشأن سرعة توصيل الطلب، مثل أدوية الطوارئ والأغذية الطازجة. ومقارنة بالتسليم اليدوي التقليدي، الذي يستغرق حوالي 30 إلى 40 دقيقة لكل طلب، فإن التسليم بواسطة الطائرة بدون طيار يكون أسرع”، مضيفة أنه يمكن لسائق التوصيل تسليم 30 طلبا يوميا حاليا في المتوسط، أما في المستقبل فيمكن، عندما تعمل الطائرات بدون طيار والإنسان معا، توصيل 300 طلب يوميا، ما سيساهم في تحسين الكفاءة بشكل كبير.

 

 

وبالإضافة إلى تسليم الطعام ومواد الإنقاذ في حالات الطوارئ والأغذية الطازجة، فإن نقل الركاب على ارتفاعات منخفضة يجعل السفر لمسافات قصيرة أسرع بشكل كبير. وفي أبريل من هذا العام، افتتحت شنتشن أول مسار نقل منتظم قصير المسافة على ارتفاعات منخفضة يربط بين مطار نانتو للمروحيات في شنتشن ومطار جيوتشو في تشوهاي، حيث يمكن لمروحية أن تنقل 5 أشخاص في كل رحلة، مما يقلل وقت السفر بين المطارين من حوالي ساعتين بالنقل البري التقليدي إلى 20 دقيقة.

كما أظهرت الطائرات بدون طيار مزايا فريدة في “التفتيش الجوي”. ففي أغسطس المنصرم، حلقت طائرة بدون طيار على طول خط سكك الحديد الخفيفة رقم 3 بمدينة تشانغتشون في شمال شرقي الصين، مما ساعد على استكمال أعمال فحص السلامة لنقاط، مثل أسطح القطارات وأسفل الجسور، يصعب الوصول إليها عبر عمليات الفحص التقليدية. وفي سيناريوهات مماثلة، تم تشكيل “فريق دورية من الطائرات بدون طيار” في مدينة هانغتشو بشرقي الصين و”شرطة مرور من الطائرات بدون طيار” في مدينة باوتو بشمالي البلاد. وبالمقارنة مع كاميرات مراقبة المرور التقليدية، تتميز الطائرات بدون طيار بقدرة عالية على المناورة، فضلا عن مزاياها في التعامل مع الحوادث وتوجيه حركة المرور.

وبالإضافة إلى المناطق الحضرية، أضحت الارتفاعات المنخفضة في المناطق الريفية تعج بالحركة المرورية أيضا. ففي حقول الأرز والخضروات في أنحاء مختلفة من البلاد، تستخدم عشرات الآلاف من الطائرات بدون طيار في رش المبيدات الحشرية ومراقبة نمو المحاصيل والمساعدة في إدارة الحقول. وأظهرت بيانات صادرة عن وزارة الزراعة والشؤون الريفية أن عدد المركبات الجوية المسيرة المتخصصة لحماية النباتات في الصين تجاوز 166700 وحدة.

 

 

ووفقا للتقديرات، تجاوز حجم اقتصاد الارتفاعات المنخفضة في الصين 500 مليار يوان في عام 2023، ومن المتوقع أن يتجاوز تريليوني يوان في عام 2030. وتُعزى التنمية المتسارعة لاقتصاد الارتفاعات المنخفضة في الصين إلى عدة عوامل منها الاختراقات التكنولوجية فيما يتعلق بالمركبات الجوية، والتقدم الشامل للتكنولوجيات المتطورة في الاتصالات والطيران ومركبات الطاقة الجديدة وغيرها من الصناعات، علاوة على السياسات الداعمة.

وتم إدراج اقتصاد الارتفاعات المنخفضة في تقرير عمل الحكومة لأول مرة في العام الجاري بالصين، كما أطلقت وزارات معنية والعديد من المقاطعات سياسات داعمة لوضع خطط لتطوير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة، على أمل خلق أسواق جديدة من خلال تطوير تلك التكنولوجيات الجديدة.

وقال سون وي قوه، المدير العام لإدارة الطيران العام بالجمعية الصينية للنقل الجوي، “لقد تم تطبيق اقتصاد الارتفاعات المنخفضة على نطاق واسع في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات. ومن خلال إصلاح وإكمال منظومة السياسات ذات الصلة وتوجيه التدفق المنظم للموارد والعوامل المبتكرة، فإن اقتصاد الارتفاعات المنخفضة لن يحقق تنميته الخاصة فحسب، بل سيكون بوسعه أيضا خلق أنماط جديدة من الأعمال ودفع صناعات مستحدثة، ليصبح نقطة نمو إضافية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.