“اطلبوا العلم ولو بالصين”.. معلمون سعوديون يعربون عن حماستهم لتعلم اللغة الصينية خلال دورة تدريبية في الصين
في إطار بدء تلقي الدفعة الأولى من المعلمين السعوديين لتعليم اللغة الصينية دورتهم التدريبية في جامعة اللغات والثقافة ببكين منذ سبتمبر الماضي، أعرب ممثلو المعلمين السعوديين خلال مقابلات حصرية مع مراسل “شينخوا” مؤخرا عن حماستهم لتعلم اللغة والثقافة الصينية على الرغم من مواجهة صعوبات أثناء التعلم.
وتستمر هذه الدورة المخططة لعام واحد كجزء برنامج مهم حديث لتدريب معلمي اللغة الصينية في إطار التعاون بين وزارتي التعليم الصينية والسعودية، حيث قامت جامعة اللغات والثقافة ببكين بتقديم تدريب افتراضي لأكثر من 200 معلم سعودي لمدة أربعة أشهر تقريبا، لتمكينهم من فهم اللغة الصينية وأساليب تعلمها ومساعدتهم على الاستعداد للدراسة والعيش في الصين، وتم اختيار 100 معلم كدفعة أولى لاستكمال الدراسة في الصين بعد اختتام الدورة الافتراضية.
قال قوان يان تسنغ، مدير قسم التعليم المهني في معهد اللغة الصينية التطبيقية بالجامعة والذي شارك في إدارة البرنامج والتدريس فيه، إن المعلمين السعوديين مقسمون إلى أربعة فصول، ويتلقون دروسا بمعدل 26 ساعة أسبوعيا، وأوضح أن المناهج مصممة بشكل غني ومتخصص حسب احتياجات الطلاب السعوديين وتشمل موضوعات مثل القراءة والمفردات والثقافة الصينية والتواصل بين الثقافات وغير ذلك.
قال عبد الله أحمد البشير، معلم قانون في مدرسة السديد بالسعودية، إن فهم الثقافة الصينية يبدأ من تعلم اللغة، فأثناء دراستنا للغة الصينية تمر علينا محادثات تتناول الثقافة الصينية والفن والأدب الصيني وطريقة الحديث وطريقة التواصل مع المعلمين غيرها. فنحن لا نستطيع فهم الثقافة الصينية إلا من خلال اللغة.
ذكر عبد الله أنه في الصين، حتى سائقي سيارات الأجرة يبادرون بمساعدتهم وتصحيح أخطائهم في استخدام الكلمات ونطقها.
وأعرب عن ثقته بتجاوز الصعوبات في تعلم اللغة بفضل الطرق التي يتبناها المعلمون في الجامعة في التدريس، مضيفا أن أصعب شيء في اللغة الصينية هو النغمات (تشبه علامات الإعراب في اللغة العربية)، لكن مع الوقت والتدريب المستمر والتكرار تجاوز أغلبنا هذه الصعوبة اللغوية الشديدة.
بالنسبة لكتابة الرموز الصينية التي تعتبر دائما تحديا كبيرا للطلاب في البداية، أوضح قوان أن البرنامج أعد دروسا خاصة للرموز الصينية، تتناول الخطوط الأساسية لكتابة الرموز لمساعدة الطلاب على فهم الرموز بصورة أفضل، كما خصص البرنامج دروسا للقراءة لتطوير سرعة القراءة وفهم المقالات الصينية، بالإضافة إلى وضع دروس للتدريب المكثف على القراءة والكتابة للتحضير لاختبار تحديد مستوى اللغة الصينية (HSKِ).
وذكر قوان أن القسم يقدم تقارير دراسية دورية إلى إدارات التعليم في البلدين. وسيتم تعديل خطط التعليم حسب تقدم الطلاب، مما يجعل البرنامج مخصصا وعمليا بشكل كبير.
وعبر سعد عقيل الزهراني، وهو معلم لغة إنجليزية في مدرسة الدمام الثانوية بالسعودية، عن أن التحدي يكمن في أن اللغة الصينية لا تحتوي على أبجدية مثل اللغات الأخرى، مما جعل الرموز الصينية تمثل صعوبة في البداية.
وأضاف قائلا “من خلال المقارنة بين طرق كتابة الرموز التقليدية التي تقترب في شكلها من المعنى التي تعبر عنه وطرق الكتابة الحديثة، تترسخ معاني الرموز في أذهاننا. وبعد مرور شهر ونصف تقريبا هناك تقدم ملحوظ في مستوانا، وبدأت الصعوبات التي واجهناها في البداية تتلاشى شيئا فشيئا”.
وقالت نجود علي معشي، معلمة لغة إنجليزية في مدرسة ثانوية السادلية بالسعودية، أن حب الاطلاع على الثقافات الأخرى هو ما يدفعها لتعلم اللغة الصينية، خصوصا أن الصين بلد عظيم وقوي.
وقالت نجود “أكبر الصعوبات التي تواجهنا هي كتابة الرموز الصينية، ولكن نتجاوز هذه الصعوبات بفضل التدريب المتواصل والمساعدات التي نتلقاها من الأساتذة في الجامعات والمعاهد الصينية أثناء هذه الدورة، مثل تكوين جمل من كل رمز والربط بين الرموز المتشابهة والبحث عن الفروقات بينها والتدريب اليومي على الكتابة”.
على صعيد التخطيط الشامل للبرنامج، قالت تشو ون ون، نائبة عميد معهد اللغة الصينية التطبيقية في جامعة اللغات والثقافة ببكين، إن المعلمين السعوديين هم متعلمون للغة الصينية في الوقت الحاضر وسيصبحون معلمين للغة الصينية في المستقبل، ومن المخطط أن يتقنوا اللغة الصينية، بالإضافة إلى مهارات تدريسها.
وأشارت تشو التي تشارك أيضا كمعلمة في هذا البرنامج، إلى أن رفع القدرة على تعلم اللغة الصينية وتعليمها في فترة قصيرة يعد تحديا كبيرا، ويستدعي جهدا مضاعفا من المعلمين والطلاب على حد سواء.
في هذا الإطار، قامت الجامعة والمعهد بإجراء الاستعدادات الكاملة لتحقيق هذا الهدف، حيث اختارت معلمين ذوي خبرة كبيرة في تدريس اللغة الصينية وتجارب في التبادل الثقافي الدولي لتشكيل فريق تدريس متميز. كما تم تصميم برنامج تدريبي متكامل يجمع “تعلم اللغة والتعلم المهني” وفقا لمهارات هؤلاء الطلاب.
في أغسطس الماضي هذا العام، قد أكمل 175 معلما صينيا للغة الصينية دورة تدريبية وتوجهوا إلى السعودية لبدء عملهم هناك، ما يعتبر خطوة عملية لتعزيز التبادل التعليمي والثقافي بين الجانبين.
قال دوان بنغ، رئيس جامعة اللغات والثقافة ببكين، في مقابلة كتابية لمراسل “شينخوا” إنه منذ عام 2022، قد أقامت الجامعة عددا من البرامج الدراسية عبر الإنترنت وحضوريا، موجهة للطلبة الأجانب بهدف تعزيز التبادل اللغوي والثقافي. وشارك في هذه البرامج أكثر من 1800 طالب وطالبة من السعودية ومصر وغيرها من الدول العربية، مما أسهم بشكل إيجابي في تأهيل المعلمين المحليين للغة الصينية في العالم العربي.
وأضاف دوان أن الجامعة تولي اهتماما كبيرا بتلبية احتياجات السعودية وغيرها من الدول العربية في تعليم اللغة الصينية، حيث تواصل الجامعة تطوير الكتب الدراسية وتدريب المعلمين وتبادل الخبرات التعليمية، بالإضافة إلى تقديم دعم مباشر ودقيق في مجالات تعليم اللغة الصينية وتطوير الكفاءات والتبادلات الإنسانية والتعاون العلمي والبحثي مع مزيد من الدول العربية.
هذا وفي السنوات الأخيرة، ومع تعمق التعاون العملي والإجراءات الملموسة الرامية إلى تعزيز التبادل التعليمي والثقافي بين الصين والدول العربية، قد أعلنت السعودية ومصر وتونس وغيرها من 6 دول عربية عن إدراج اللغة الصينية في أنظمتها التعليمية الوطنية. وشهد تعلم اللغة الصينية إقبالا متزايدا وخاصة بين الشباب في هذه الدول حتى العالم، لأسباب مهنية وأخرى ثقافية لكون اللغة جسرا للتواصل الحضاري.