موقع متخصص بالشؤون الصينية

مقابلة: ابن حفيد جون رابي: نسيان التاريخ يعني المخاطرة بتكراره

0

أشار كريستوف راينهارت، ابن حفيد جون رابي، وهو ألماني معروف بين الناس بأنه بطل نانجينغ لأنه حمى مئات الآلاف من المدنيين الصينيين خلال مذبحة نانجينغ عام 1937، إلى أن المجتمعات التي تنسى ماضيها أو تنكره تُخاطر بإعادة تكرار نفس الأخطاء.

وقال راينهاردت في مقابلة أجرتها معه ((شينخوا)) قبيل حلول يوم تلك الذكرى السنوية بالصين في 13 ديسمبر، وهو يمثل أحلك فصل في تاريخ نانجينغ إن “هذا واضح في العالم الغربي، حيث أن التركيز على التقدم غالبا ما يهمل دروس التاريخ”.

في 13 ديسمبر 1937، استولى الجيش الإمبراطوري الياباني على نانجينغ. ثم ارتكب الغزاة عمليات قتل جماعي وأعمال عنف جنسي وغيرها من الفظائع، ما أسفر عن مقتل ما يقرب من 300 ألف من المدنيين الصينيين والجنود الصينيين العزل على مدى ستة أسابيع. ولا تزال مذبحة نانجينغ واحدة من أكثر الفصول همجية في الحرب العالمية الثانية.

 

 

قام رابي، الذي كان آنذاك ممثلا لشركة سيمنز في نانجينغ، بتنظيم منطقة أمان دولية بمساعدة أجانب آخرين، وهو ما أنقذ حوالي 250 ألف صيني بين عامي 1937 و1938.

وذكر راينهارت “بالنسبة لي، فإن جدي الأكبر بطل وقدوة في آن واحد”، مضيفا بقوله إنه “عاش رافعا شعار، ‘لا تتخلى عن صديق في وقت الشدة’، وتمسك بهذا الشعار بقناعة لا تتزعزع”.

ولفت راينهارت إلى أن رابي خلق فرصة للبقاء في وقت لم يكن فيه أي شيء على ما يبدو ممكنا، ما يدل على أن “الأفراد أو المجموعات الصغيرة يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي كبير، حتى في مواجهة الصعاب الهائلة”.

وعلى الرغم من أفعاله البطولية، فإن مذبحة نانجينغ وإرث جون رابي لم يكتسبا الأهمية الدولية التي يستحقانها. وفي هذ الصدد، قال راينهارت إن “نانجينغ لا تتصدر العناوين الرئيسية في أوروبا، وجون رابي ليس بطلا معروفا هنا”، موضحا أن “شركات الإعلام الغربية متأثرة حتى يومنا هذا بشدة بوجهات النظر الأمريكية. ولا يُتاح مجالا للأخبار القادمة من الصين”.

 

 

وأضاف راينهارت “ربما تحمل هذه الفترة شعورا كبيرا بالذنب بالنسبة للألمان”، مشيرا إلى أن سبب بقاء رابي غير معروف نسبيا في وطنه.

غير أن إرث رابي يحظى بتقدير كبير في نانجينغ. فمنذ عقود، أصبح رابي، الذي ولد في هامبورغ، اسما مألوفا في المدينة، ويرمز إلى التعاطف والشجاعة.

خلال زيارة راينهارت الأولى إلى نانجينغ في عام 2017، استشعر بعمق الأهمية الدائمة لأعمال جده الأكبر البطولية في الوقت الحاضر، حيث قال “قبل ذلك، لم يكن لدي فهم حقيقي لأهمية جدي الأكبر في التاريخ الصيني”.

 

 

وفي القاعة التذكارية لضحايا مذبحة نانجينغ، التقى عائلات اقتربت منه لالتقاط صور مع أطفالهم حديثي الولادة أمام صورة بارزة لرابي. وسلط راينهاردت الضوء على أن تصرفاتهم تعكس الحب والتقدير الدائمين اللذين لا يزال الشعب الصيني يكنهما لرابي.

وأشاد راينهارت بجهود القاعة التذكارية في الحفاظ على التاريخ حيث أشار إلى أن “عملهم لا مثيل له في أي مكان في العالم. وهناك فهمت حقا لماذا لا يمكن أن تكون القصة عظيمة إلا إذا ظلت أصيلة ودون تغيير”.

وقد نشر راينهاردت قصة عن نحات في المقبرة التي دُفن فيها جون وزوجته دورا رابي ببرلين. وحول هذا الأمر، قال “لقد تحدث معي النحات عن السائحين الصينيين الذين زاروا المقبرة. فعندما سئلوا عن سبب سفرهم إلى هذه المسافة البعيدة، أجابوا قائلين ‘نحن نزور والدنا!’ ”

 

 

وتابع بقوله “في كل زيارة أقوم بها (لمقبرتهما) أجد زهورا ورسائل وصورا تركها الزائرون”، كما أنه “في كل مرة، أتأمل في القصص الفريدة التي تربط هؤلاء الزائرين بعائلتي”.

وفي معرض تأملاته في التاريخ، شدد راينهارت على أن “تذكر الماضي ضروري لتحقيق تقدم حقيقي وإنساني”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.