الصعود الصيني في إفريقيا
صحيفة الخليج الإمارتية ـ
عدنان السيد:
تقوم الاستراتيجية الأمريكية في إفريقيا على أهداف رئيسة معلنة هي: تعزيز المؤسسات الديمقراطية، وتحفيز النمو والاستثمارات، وتعزيز السلم والأمن، وتشجيع التنمية . هذا ما أعلنه الرئيس الأمريكي أوباما في معرض تأكيده على مواجهة الإرهاب في القارة السوداء من الصومال إلى مالي، ومطاردة تنظيم القاعدة في غير منطقة من العالم .
من شأن هذه الاستراتيجية أن تدخل في تنافس مع الاستراتيجية الصينية الصاعدة، حيث دخلت الصين من بوابات عدّة أمنية واقتصادية، في مقدمتها بلاد السودان التي تعاني التقسيم .
وتشير الإحصاءات المتعلقة بحجم التبادل التجاري إلى أن التبادل بين الصين وإفريقيا بلغ 120 مليار دولار في العام ،2011 أي أنه تقدم على التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وإفريقيا الذي بلغ 82 ملياراً فقط .
يمكن القول والحال هذه إن التنافس الدولي على إفريقيا، وفيها، قد يتصاعد ولن يصل بالضرورة إلى درجة الصراع . إنه تنافس محكوم بلعبة المصالح الدولية، وما تحمله من تسويات متغيّرة، قد تظهر بعض ملامحها داخل مجموعة العشرين التي تحاول معالجة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الممتدة منذ العام 2007 .
في هذا الإطار، يبقى السؤال مطروحاً عن الدور الأوروبي في إفريقيا، وعمّا إذا كان سيتقدم أم سيتراجع تحت وطأة الأزمة المالية في منطقة (اليورو)؟ هناك تراجع مالي واقتصادي واضح في اليونان وفرنسا وإسبانبا وإيطاليا وغيرها، ما يطرح مسؤوليات قيادية أساسية على الاتحاد الأوروبي .
بيد أن هذه الأزمة الأوروبية إذا جاز التعبير، لا تحجب عن المراقب ملاحظة الدور الفرنسي في منطقة البحيرات أو وسط إفريقيا . ثمّة متابعة أوروبية ولو متعثرة أحياناً للشؤون الإفريقية نظراً لما تحمل من استثمارات واعدة في المدى المنظور .
في مجمل الأحوال، يبقى الدور الصيني متقدماً، وصاعداً كما أشرنا لأن الصين أقامت رزمة علاقات استراتيجية مع مناطق القارة، وخرجت من عزلتها التاريخية بعد مجموعة اختراقات في أستراليا وجنوب شرق آسيا، وفي مناطق أخرى من العالم بينها أمريكا اللاتينية، وهذا ما يعكس الثقل الصيني في النظام العالمي، ويمكّن الصين من تكريس التعددية القطبية .
في إطار التنافس الدولي على إفريقيا، تبرز حاجة شعوب القارة إلى تعزيز الاتحاد الإفريقي في بنيته واستراتيجياته كي تضمن مصالحها المشروعة، وتصل إلى مرحلة مواجهة التخلف بالتنمية، وتوطيد الأمن من خلال آليات عمل مشتركة تستطيع معالجة مشكلات القرن الإفريقي ومناطق متعددة من إفريقيا، في الوقت الذي تشارك في معالجة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية من دون تجاهل أهداف الشعوب الإفريقية في النمو والتقدم .