رأي ضيف: وجود المزيد من البنوك الأفريقية في الصين خطوة إيجابية لتعزيز التكامل المالي في إطار فوكاك
بقلم إيكينا إيميو
إن الحاجة إلى تحسين التكامل المالي بين الدول الإفريقية والصين لدعم الاقتصاد العالمي تعد أحد الأهداف الرئيسية لمنتدى التعاون الصيني-الأفريقي (فوكاك).
في عام 2018، ذكر البنك المركزي النيجيري أن حوالي 35 في المائة من طلبات النقد الأجنبي التي تعامل معا البنك لصالح شركات دولية كانت مقدمة من نيجيريين يقومون بأعمال تجارية مع الصين. وبناء على هذه الحاجة القوية، قام البنك المركزي النيجيري وبنك الشعب الصيني بتوقيع اتفاقية مبادلة عملات بقيمة 15 مليار يوان صيني (2.5 مليار دولار أمريكي) في أبريل من ذلك العام.
وقد تم توقيع هذه الاتفاقية لتمكين الشركات النيجيرية التي تربطها علاقات تجارية مع الصين من تبادل عملتها النايرا مباشرة باليوان، متجاوزة بذلك العملية غير المباشرة المتمثلة في استخدام عملة وسيط أو طرف ثالث.
واليوم، فإن 20 في المائة على الأقل من صادرات أفريقيا تذهب إلى الصين وحوالي 16 في المائة من واردات أفريقيا تأتي من الصين، وفقا لما ذكره صندوق النقد الدولي. وقد سجل الجانبان رقما قياسيا بلغ 282 مليار دولار في إجمالي حجم التجارة بينهما في عام 2023.
ومن ناحية أخرى، زاد الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في أفريقيا بشكل كبير على مدى العقدين الماضيين ليصل إلى 49.1 مليار دولار في عام 2019، بزيادة قدرها 100 ضعف عن عام 2000 عندما تم تأسيس فوكاك.
وفي إطار كل من فوكاك ومبادرة الحزام والطريق، قامت الصين بتحقيق المواءمة بين انخراطها مع أفريقيا وأجندة الاتحاد الأفريقي 2063، التي تهدف إلى تعزيز التحول الاقتصادي للقارة في إطار خطة إستراتيجية مدتها 50 عاما.
ومن الجدير بالذكر أن البنوك الأفريقية تعمل على زيادة وجودها في الصين.
ففي شهر أكتوبر، فتح ((أكسس بنك يو كيه))، وهو فرع لـ((أكسس بنك)) النيجيري، فرعا في هونغ كونغ لتدعيم العلاقات الاقتصادية بين آسيا وأفريقيا. جاء ذلك بعد بضعة أشهر من قيام ((أبسا بنك غروب)) الجنوب أفريقي بفتح فرعه الجديد غير المصرفي في بكين.
وخلال فعاليات المعرض الاقتصادي والتجاري الصيني-الأفريقي الذي أُقيم في أبوجا في نوفمبر، التقيت بمندوب صيني لـ((فيرست بنك)) النيجيري. أشارت بطاقة التعريف التي أعطاني إياها إلى أن أقدم بنك في نيجيريا لديه مكتب في بكين. وقبل وجود فروع لبنوك من نيجيريا وجنوب أفريقيا في الصين، كان بنك أفريقيا المغربي والبنك الأهلي المصري قد فتحا بالفعل فرعا لهما في شانغهاي.
أما النبأ السار فهو أن ذلك ليس تطورا أحادي الجانب، إذ بدأت البنوك الصينية في الظهور أيضا في الدول الأفريقية، مثل بنك الصين الذي فتح فروعا له في دول منها أنغولا وزامبيا وجنوب أفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، أقام البنك الصناعي والتجاري الصيني، الذي يمتلك نحو 20 في المائة من أسهم ((ستاندرد بنك)) الجنوب أفريقي، شراكة مع مجموعة البنوك هذه التي يقع مقرها في جوهانسبرغ.
ومع الوجود الرائد للصين في مجال مقاولات البنية التحتية والمعاملات التجارية والأحجام التجارية المتزايدة وعملية التصنيع في القارة، سوف تعمل هذه البنوك من كلا الطرفين على تيسير الوصول إلى التسهيلات الائتمانية وكذا تسهيل إجراء تحويلات وتبادلات مالية سلسة.
كما ستضمن عدم اعتماد البلدان الأفريقية على الاستخدام الاحتكاري للدولار الأمريكي في الصفقات التجارية الدولية. وهذا سيساعد على تعزيز قيمة عملات البلدان الأفريقية التي تعاني من تأثير هيمنة الدولار الأمريكي. وستعمل عملياتها على فتح فضاء المعاملات الدولية وتقليل الضغوط الناتجة عن العقوبات الأمريكية.
علاوة على ذلك، فإنه بعدما أصبحت عملة الرنمينبي عملة معاملات دولية منذ أن قام صندوق النقد الدولي بإدراجها في سلة حقوق السحب الخاصة في عام 2016، فإن استخدامها في الأوساط الدولية سوف يزداد ويدعم قيمتها العامة.
وقد تعززت هذه المرحلة من رحلة التكامل المالي لفوكاك بإعلان الصين في قمة سبتمبر عن تقديم دعم مالي جديد لأفريقيا في السنوات الثلاث المقبلة. وهناك إشارات طيبة تشير إلى نشوء رابطة اقتصادية أقوى بين الجانبين وتطور مستمر لفوكاك الذي يقترب من الذكرى السنوية الـ25 لتأسيسه.
ملحوظة المحرر: إيكينا إيميو هو رئيس تحرير مجلة اقتصاد أفريقيا-الصين في نيجيريا.