موقع متخصص بالشؤون الصينية

التعاون الصيني العربي.. تقنيات مبتكرة لدعم مبادرة الشرق الأوسط الأخضر والسور الأخضر العظيم في أفريقيا

0

اكتملت مؤخرا أعمال بناء “حديقة التكنولوجيا الخضراء” في موريتانيا بشكل رسمي، حيث تم نقل التجربة الناجحة في مجال مكافحة التصحر وتثبيت الرمال بمنطقة شينجيانغ شمال غربي الصين إلى الصحراء الكبرى في أفريقيا، وسيساهم هذا المشروع في تطوير الاقتصاد المحلي وتحسين معيشة الناس وفقا للظروف المحلية.

ويتضمن المشروع الذي شارك في بنائه فريق معهد شينجيانغ للبيئة والجغرافيا التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، عددا من تقنيات مكافحة التصحر، بما فيها تقنيات تثبيت الرمال وتوفير المياه وتحسين التربة وتربية السلالات، فضلا عن استخدام 35 من المواد والمنتجات المتعلقة بمكافحة التصحر.

ويعتبر هذا المشروع أحد أبرز ثمار التعاون بين الصين والدول العربية في مجال التنمية الخضراء والابتكار، في إطار “الأعمال الثمانية المشتركة” للتعاون العملي بين الصين والدول العربية، التي توصل إليها الجانبان أثناء القمة الصينية العربية الأولى المنعقدة في الرياض في ديسمبر 2022. كما شهد الجانبان إنشاء المركز الصيني العربي للأبحاث الدولية للحد من الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي في 26 أغسطس 2023، والذي أصبح جزءا هاما من العمل المشترك في هذا المجال.

عقد المركز المذكور ندوة للتعاون الثنائي على هامش الدورة الـ 16 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16)، حيث عرض نتائج أعماله منذ تأسيسه، بما في ذلك التنسيق مع الحكومات ومعاهد البحوث العلمية والجامعات والمعاهد وغيرها من الأطراف المعنية في الصين والدول العربية، لتخطيط وإنشاء شبكة معالجة التصحر الصينية العربية، كما عقد ندوة متخصصة حول “السور الأخضر العظيم” للدول الأفريقية للبحث عن فرص تعاون بين الصين والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية في الوقاية من التصحر ومعالجته ومنع تآكل التربة، فضلا عن التعاون مع الأكاديمية الصينية للعلوم لتطوير أدوات ومنتجات رقمية تلائم دول جامعة الدول العربية.

وأثناء مؤتمر كوب 16، أشاد مسؤول من الهيئة الوطنية الصينية للغابات والمراعي بأهداف السعودية الطموحة حول مواجهة الجفاف والتصحر وتآكل التربة في السنوات الأخيرة، معربا عن دعم الصين لهذه الأهداف التي تتمثل في خفض الأراضي المتصحرة إلى النصف بحلول عام 2040، كما أعرب عن استعداد الصين لتقديم الدعم التقني لتنفيذ “مبادرة السعودية الخضراء” ومبادرة “الشرق الأوسط الأخضر”، واللتين تهدفان إلى زراعة 10 مليارات شجرة في السعودية وزراعة 40 مليار شجرة إضافية في منطقة الشرق الأوسط خلال العقود القادمة.

في هذا السياق، قال وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة للبيئة في السعودية أسامة فقيها في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء شينخوا على هامش كوب 16، إن المملكة تقدر بشدة جهود الصين في مكافحة التصحر وتسعى للاستفادة بشكل أكبر من خبراتها، مشيدا بممارسات الصين “الناجحة” و”المثيرة للإعجاب” في مكافحة التصحر. ولفت المسؤول إلى أن المملكة يمكنها الاستفادة كثيرا من نجاح الصين في مكافحة التصحر من خلال التعاون مع الشركات والمعاهد الصينية والباحثين الصينيين.

كما تم عرض جهود الصين في مكافحة التصحر في جناح خاص خلال معرض أقيم بالتزامن مع مؤتمر كوب 16، حيث تم تسليط الضوء على برنامج غابات الحزام الواقي في “المناطق الشمالية الثلاث”، وتم عرض تقنيات مبتكرة مثل نموذج روبوت زراعة الأشجار بالذكاء الاصطناعي والمعدات الكهروضوئية العالية الكفاءة وأنظمة المراقبة باستخدام الأقمار الاصطناعية، بالإضافة إلى سبل تطوير صناعات قائمة على موارد الضوء والحرارة في الصحراء مثل الزراعة والسياحة، خاصة في منطقتي شينجيانغ ونينغشيا في شمال غربي الصين.

من خلال الجهود الدؤوبة لاستكشاف وتطوير تقنيات مكافحة التصحر، تمكن الباحثون الصينيون من تحديث شبكات الأعشاب وزيادة عمر استخدامها من 2 – 3 أعوام إلى 5 – 6 أعوام، فضلا عن رفع كفاءة نسج الشبكات باستخدام الآلات بمقدار 60 في المائة مقارنة بالطرق اليدوية. إضافة إلى ذلك، تمكن الباحثون من تقليص فترة تكوين الرمال الثابتة داخل شبكات الأعشاب من 10 – 20 عاما إلى عامين فقط.

جدير بالذكر أن منطقة نينغشيا طورت أنماطا جديدة لمكافحة التصحر، بما فيها تركيب ألواح كهروضوئية وتوليد الطاقة وتربية الدواجن والمواشى، بجانب تطوير الزراعة وصنع النبيذ والسياحة وغيرها من الصناعات المتميزة بالصحراء، مما ساهم في زيادة دخل السكان خلال مكافحة التصحر.

وكشف لي شيان، نائب رئيس مديرية الغابات والمراعي بمنطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي مؤخرا أن المديرية نظمت 5 دورات تدريبية استفاد منها 154 فردا من 54 دولة في العام الجاري، فيما شارك ما يزيد عن 3500 شخص في التدريبات على الانترنت. ودعت المديرية 108 أفرادا من 27 دولة ومنطقة ومنظمة دولية لزيارة المنطقة للاطلاع على خبرات مكافحة التصحر.

وبدوره قال لي جيا تشيانغ وهو باحث من فريق معهد شينجيانغ للبيئة والجغرافيا والمشرف على مشروع حديقة التكنولوجيا الخضراء في موريتانيا، إن فريقه سيواصل دعم بناء “السور الأخضر العظيم” في أفريقيا، والعمل على بناء قاعدة رائدة للصناعات الإيكولوجية في الصحراء في موريتانيا، لتحويلها إلى نموذج للتعاون الصيني الأفريقي.

ووقع المعهد اتفاقيات مع مؤسسات بحثية ومعاهد من 28 دولة مشاركة في بناء مبادرة “الحزام والطريق”، لتقديم تقنيات الوقاية ومعالجة التصحر لـ17 دولة منها، وقام باستخدام التقنيات في 8 دول، مما ساهم في استصلاح ما يزيد عن 50 ألف هكتار من الأراضي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.