
تعليق شينخوا: استرضاء واشنطن سيؤدي إلى مزيد من التنمر الاقتصادي
وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:
من خلال التمادي في فرض التعريفات الجمركية بذريعة “العدالة”، طرحت واشنطن مجموعة جديدة من ما يسمى بـ”التعريفات المتبادلة” ضد عدد من الدول والمناطق يوم الأربعاء، بما في ذلك حلفاؤها على المدى الطويل وشركاؤها التجاريون الرئيسيون.
بينما تستعد الدول في جميع أنحاء العالم لمواجهة التداعيات، أصبح هناك شيء واحد أكثر وضوحا: هذه الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب تعتبر الإكراه الاقتصادي ببساطة إستراتيجية رابحة. ولن تؤدي التنازلات إلا إلى تأجيج شهيتها لممارسة التنمر.
ولوضع الأمور في نصابها الصحيح، فإن التصعيد المتعمد للتعريفات الجمركية ليس بأي حال من الأحوال حلا لمشاكل التجارة العالمية. والحقيقة الأكثر إثارة للقلق هي أن بناء الحواجز التجارية بات بالفعل أحد أساليب واشنطن لاستغلال الأعباء الاقتصادية كوسيلة ضغط لتحقيق مكاسب جيوسياسية. كما أنه يمثل محاولة لفرض الطاعة في الخارج مع إلقاء اللوم بشأن الإخفاقات الهيكلية الداخلية على الخارج.
ويمكن للتطورات الأخيرة أن تمثل تذكيرا بذلك. فبعد أيام فقط من تولي إدارة ترامب مهامها في أواخر يناير، تعهدت بفرض تعريفات جمركية إضافية بنسبة 25 بالمائة على المكسيك، متهمة إياها بأنها مسؤولة عن الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات. ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أن واشنطن نفسها تتحمل المسؤولية الرئيسية عن أزمتها المرتبطة بالمخدرات التي تفاقمت بشكل أساسي بسبب اللوائح المتساهلة. وعلى هذا المنوال، لا يمكن حل مسألة الهجرة غير الشرعية من خلال الإكراه الاقتصادي، بل تتطلب مفاوضات ثنائية حقيقية.

وأمام هذا التهديد، توصلت المكسيك إلى اتفاق من نوع ما مع واشنطن وعززت انتشار قواتها على الحدود. بل وفي مسعى للامتثال لمطالب الولايات المتحدة، تدرس الدولة الواقعة في أمريكا اللاتينية فرض تعريفات جمركية على السلع الصينية أيضا. إلا أن هذه الجهود جميعها فشلت في منع سريان الرسوم العقابية. تكون المكسيك أيضا من بين تلك الدول التي ستضرر بشدة من “التعريفات المتبادلة”.
والحقيقة هي أن السياسة التجارية التي تتبناها إدارة ترامب والتي تركز على فرض التعريفات الجمركية تتماشى مع تاريخ أمريكا الطويل في ممارسة التنمر الاقتصادي. يكفي النظر إلى اليابان و”عقدها الضائع” بعد الرضوخ لضغوط واشنطن وتوقيع اتفاق بلازا.
وتتزايد المؤشرات على أن إدارة ترامب تعتزم تكثيف استخدامها للتعريفات الجمركية باعتبارها أداتها المفضلة في ليّ الأذرع العالمية. ففي الأيام الأخيرة، هدد ترامب بفرض ما يسمى بالتعريفات الثانوية، والتي تؤثر على مشتري سلع بلد ما، على كل من روسيا وإيران، في محاولة للتأثير على المفاوضات الأوكرانية الروسية والاتفاق النووي الإيراني لصالحه.
والعواقب باتت واضحة بالفعل. فمن خلال طمس الخطوط الفاصلة بين التجارة والإكراه، تخاطر واشنطن بتحويل التجارة العالمية إلى ساحة تحكمها شريعة الغاب. وتواجه الدول حول العالم حاليا خيارا صارخا: إما استرضاء واشنطن في مطالبها غير المنطقية، أو الدفاع عن حقوقها المشروعة؟
وبالفعل، تتعالى الدعوات من أجل اتخاذ تدابير مضادة في مختلف أنحاء العالم، من أوروبا إلى آسيا وأمريكا اللاتينية. وقد أثبت التاريخ، القريب منه والبعيد، أن واشنطن تهتم فقط إلا بالحفاظ على تفوقها العالمي. ولتحقيق هذه الغاية ستلجأ إلى جميع أنواع الوسائل، حتى لو كان ذلك على حساب مصالح أي جهة تعتبرها عقبة أمامها.
هذا ليس وقت التمني بأن تغير واشنطن نهجها، بل هو الوقت المناسب للوقوف معا من أجل رد جماعي.